يشارك نحو مائة نائب من اليمين المتطرف للمرة الأولى في مجلس النواب الألماني المنتخب حديثاً، في استعراض غير مسبوق للقوة، من قبل القوميين، منذ الحرب العالمية الثانية.
عند الساعة 09:00 ت غ، بدأت الجلسة الافتتاحية للبوندستاغ، الذي تشكَّل إثر الانتخابات التشريعية، في 24 سبتمبر/أيلول الماضي.
وفاز الحزب المحافظ الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل في الاقتراع، لكنه سجل أسوأ نتيجة منذ العام 1949، ما يضع المستشارة في موقع ضعيف في مستهل ولايتها الرابعة.
وتواجه ميركل دخول حزب "البديل من أجل ألمانيا"، المعادي للهجرة إلى البرلمان، بعد حصوله على 12,6% من الأصوات، في أواخر سبتمبر/أيلول، فيما شكَّل سابقة لحزب من هذا النوع في تاريخ البلاد لما بعد الحرب العالمية الثانية، مستغلاً استياء الناخبين من وصول أكثر من مليون طالب لجوء إلى البلاد.
قوة ثالثة
بات نواب اليمين المتطرف (92 نائباً)، القوة السياسية الثالثة في مجلس النواب الجديد، وستكون أصواتهم محط أنظار الرأي العام.
تهدف الجلسة الافتتاحية خصوصاً إلى انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، المحافظ فولفغانغ شويبله، الذي يحظى بتأييد كبير من مختلف الأحزاب.
وكانت ميركل أقنعت شويبله بالتخلي عن منصبه على رأس وزارة المالية، مبررة ذلك بحاجتها إلى رجل بمكانته لإدارة النقاشات في المجلس، والتي من المتوقع أن تكون عاصفة مع قدوم اليمين المتطرف.
كما تم بذل كل الجهود لتفادي أن يلقي نائب من اليمين المتطرف كلمة الافتتاح. فهذه المهمة منوطة بالعضو الأكبر سناً، وكان من المفترض أن تعود هذه المرة إلى النائب من حزب "البديل من أجل ألمانيا" فولفغانغ فون غوتفريد (77 عاماً).
إلا أن النائب من المشككين في محرقة اليهود. ولقطع الطريق عليه غيَّر البرلمان الألماني قواعده. وبالتالي لم يعد أكبر النواب سناً، بل النائب الذي يشغل المقعد لأطول فترة هو الذي يلقي الكلمة. لذلك سيلقي نائب ليبرالي في الـ76 الكلمة الافتتاحية.
من المتوقع أن تشهد الجلسة الأولى نقاشاً حول انتخاب نواب الرؤساء.
ويحق لحزب "البديل من أجل المانيا" شغل مثل هذا المنصب، بما أنه كتلة نيابية. لكن الأحزاب الأخرى تعارض مرشحه البريشت غلاسر، بسبب مواقفه إزاء الإسلام، الذي يشير إليه بأنه "عقيدة" لا تشملها حرية الديانة التي يضمنها الدستور.
يشكل وصول اليمين المتطرف إلى البرلمان صدمة لقسم كبير من الرأي العام الألماني، ما زال يعيش تحت وطأة هواجس النازية.
كما لا يريد أي حزب الجلوس بشكل دائم إلى جانب نواب اليمين المتطرف في يمين القاعة، وخلال الجلسة الافتتاحية سيخصص هذا المكان للحزب الليبرالي.
الحرب على ميركل
سبق لليمين المتطرف أن خرق العديد من المحرمات الوطنية خلال حملته، خصوصاً تنديده بالتعويضات عن جرائم النازية.
كما تعهَّد أحد أبرز مسؤوليه في البرلمان ألكسندر غولاند بـ"شنِّ الحرب على ميركل". أما زميلته أليس فيدل، فتريد تشكيل لجنة تحقيق نيابية في استقبال اللاجئين.
إلا أن هذا الحزب يشهد انقسامات حتى في صفوفه. فإحدى المسؤولات فيه فراوكه بيتري، استقالت مؤخراً، مندِّدة بالتطرف "القومي" للحزب.
وعبَّر يوزف شوستر، رئيس الجالية اليهودية عن قلقه. وقال: "لا أستبشر خيراً، أقولها بصراحة". وأضاف في مقال في صحيفة "يوديشه الغيماينه"، أنه "من المقلق معرفة أن البرلمان بات فيه أشخاص يريدون إخفاء الماضي النازي، ويؤلِّبون الرأي العام ضدَّ المسلمين وطالبي اللجوء".
وتظاهر آلاف الأشخاص، الأحد، في برلين، ضد دخول اليمين المتطرف إلى البرلمان.
في الوقت الحالي لن يكون أمام البرلمان مهام كبيرة، لأن الحكومة الحالية برئاسة ميركل ستتولى، الثلاثاء، رسمياً "تسيير الأعمال" إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وبدأت محادثات صعبة في هذا الصدد بين ثلاثة تشكيلات، لكل منها برنامج يختلف كثيراً عن الأخيرَيْن، وهما المحافظون بزعامة ميركل، والليبراليون وحزب الخضر.
ومن المقرر أن تستمر المحادثات حتى نهاية العام الحالي، وربما تتواصل في 2018.