زوجوني وأنا على ذمة قلب آخر

لبستُ الأبيض ولبس قلبي الأسود، ما زلت أتذكر تفاصيل ذلك اليوم، بقهقهات صديقاتي وابتساماتهن المزيفة، تمنين من قلوبهن الجوفاء أن يجدن عريساً مثل الذي سمّوه زوجي، لكنني، ورغم تظاهري بالفرح كي لا أُحزن قلب أمي التي تنفست الصعداء يوم عرسي، يوم موتي على فراش رجل آخر غير الذي أحببته.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/23 الساعة 08:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/23 الساعة 08:01 بتوقيت غرينتش

لبستُ الأبيض ولبس قلبي الأسود، ما زلت أتذكر تفاصيل ذلك اليوم، بقهقهات صديقاتي وابتساماتهن المزيفة، تمنين من قلوبهن الجوفاء أن يجدن عريساً مثل الذي سمّوه زوجي، لكنني، ورغم تظاهري بالفرح كي لا أُحزن قلب أمي التي تنفست الصعداء يوم عرسي، يوم موتي على فراش رجل آخر غير الذي أحببته.

كنت طفلة مدللة، وكان أبي -رحمه الله- آخر ما أذكره من أيام سعادتي.. غير أن الزمن الذي جعلني أبتسم ذات يوم، أبكاني ذات ليلة.

لم تمرّ سنة كاملة على وفاة أبي حتى تقدم لخطبتي شاب سمّوه عريس العمر، وأنا التي أحببت مرة حب العمر؛ قتلوني وقتلته بسكين لم يكن بيدي، بل بيد الذين زوجوني، ومنهم أخي الكبير الذي يحبني أكثر من أي أخ في العالم، أخي الذي أراد أن يحمي شرفي بتلك الزيجة فمحا فرحتي.

لقد كنت مغرمة يوم زوجوني، غير أن الحب في دستورنا هراء، مضيعة للوقت.. لقد كنت وما زلت مغرمة رغم مرور سنتين على زواجي، سنتين لم أنعم فيهما براحة القلب؛ لأنه ليس ملكي، لم يعد ملكي منذ أول كلمة غزل سقاني بها حب العمر.

لقد أحببته وما زلت أحبه رغم أنني كل ليلة أمارس طقوس الزواج مع زوجي ورزقت منه بذكر سميته "فؤاد"، علّني أسترجع فؤادي الذي ضاع منّي.

كنا معاً حين يشتد المطر، ويسطع القمر، كنا معاً حين يفيض القلب عشقاً فلا يجد غير قلبينا لكي ينفجر.. كنا معاً حين سقطت الممالك والرؤساء، ولم نستغنِ عن حبنا ولن نستغني إلى نهاية العمر.

أتذكر ليلة عرسي بكل ما تحمله من البؤس، أتذكر استلقائي أمام رجل آخر وجب عليَّ أن أكون زوجته في مجتمع الطاعة والنكاح، ما زلت أتذكر ما حمله ذلك الفراش من تيه وانكسار لقلبي الذي ما اعتاد نبضاً غير نبضه، ولجسمي الذي ما اعتاد حباً غير حبه.. أتذكر تلك الجثة التي غفت بجانبي، أتذكر ليلتي الأولى مع شخص لم يعرفه قلبي.

مجتمعنا مجتمع مريض، فنحن الإناث في الحب نمارس الحب بأعلى ما يمكن للقلب أن يصرخ، غير أننا في الزواج نمارس النكاح والطاعة والانصياع لرجل أعطيت له سلطة التحكم والاختيار؛ سلطة فتح الأقفال الوهمية التي وضعوها على رقابنا منذ أن أدركنا أننا إناث في مجتمع الذكورة، أي ذكورة؟ هل يمنح امتلاك شخص لأعضاء ذكورية أن يتحكم بحياة شخص لمجرد أنه لا يملكها؟

أتذكر ذلك الحب الذي لم يعاملني يوماً على أنني امرأة في زمن الفحولة، بل إنسان يحب إنساناً، وأبكي على فؤادي الذي ضاع منّي، فيا ربّ ارزقني خيراً، وطلّقني.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد