ماذا تريد موريشيوس؟

بدأت أزمة الخليج في ساعة من الليل بشكل مفاجئ للعالم كله، لكن ما فاجأ أغلب بل لنقُل كل العالم.. موقف تلك الحكومات البعيدة عن الخليج، ومنها موقف جمهورية موريشيوس المصطف مع الدول المحاصرة لقطر!

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/21 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/21 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش

بدأت أزمة الخليج في ساعة من الليل بشكل مفاجئ للعالم كله، لكن ما فاجأ أغلب بل لنقُل كل العالم.. موقف تلك الحكومات البعيدة عن الخليج، ومنها موقف جمهورية موريشيوس المصطف مع الدول المحاصرة لقطر!
فمن هي أصلاً موريشيوس؟ وماذا تريد من هذا الاصطفاف؟

يعتقد الكثيرون ممن حاولوا الفهم أن الأمر يرتبط بالضغط الذي مارسته تلك الدول على دول عديدة في المنطقة للوقوف معها فيما تريد أن تحققه، بل يجزم الكثير أن هذا تم عن طريق الضغط المالي، كما صرحت بذلك الدول التي لم ترضخ، واختارت كرامتها فضلاً عن أيِّ شيء آخر.

بدايةً.. أكتب هذا المقال ليس لأعرض تلك الأمور التي من المحقق معرفتها، غير أنه من غير المحقق معرفة أي دور سياسي لهذه الجمهورية الصغيرة جداً قبل هذه الأزمة وحتى بعدها.

لكن يدور في عقلي شيء آخر يرتبط ارتباطاً وثيقا بالشعوب العربية، خاصة تلك الشعوب الخليجية التي تمثِّلها الدول المحاصرة، وأزعم أنها تشبه في هذا الارتباط موريشيوس!

كيف ذلك؟! وموريشيوس لا ترتبط بهذه الدول إلا ما جاء في باب السياحة.

من البداية.. تفاجأت الشعوب الخليجية بهذا الحصار على قطر، ولم يخطر ببالهم أن هذا الجار القريب منهم لديه كل هذه الجرائم التي يرتكبها منذ عشرين سنة، والتي كانت السبب في هذه الإجراءات.
من ناحية أخرى، لم يصدّقوا أصلاً هذه المزاعم؛ لأنها ليست فقط غير قابلة للتصديق، فما ليس قابلاً للتصديق من الممكن أن يكون حقيقة، ولكن لأن هذه المزاعم والاتهامات لا دليل يثبت صحتها أو فرضيتها.

فما الذي دفع هذه الشعوب الخليجية التي تربطها بقطر رابطة الدم والعرق والثقافة واللغة للسكوت؟
أعني من سكت منهم أو أُجبر على ذلك، في الحقيقة إذا أردنا أن نعرف هذا الدافع لنربط موريشيوس بهذا السؤال؟
فموريشيوس وموقفها ذلك لم يأتِ على لسانها هي بل جاء على لسان الدول المحاصرة..
وبعد ذلك لم تتحدث بخير أو شر، ربما نفت أنها انضمت إلى هذا الحصار، لكن ذلك ليس مؤكداً.

الشعوب الخليجية أيضاً جاء على لسان حكوماتهم أنهم قاطعوا، ثم لم يتحدث الكثير من هذه الأغلبية الصامتة بخير أو شر إلا ما كان الله عليماً به في نفوسهم.

ومن كان يريد أن يعرف ويتساءل: لماذا حدث ذلك؟!
ومهما حدث فلا يمكن فرض مثل هذا الحصار، لم يُسمح له بعرض تلك التساؤلات، حيث سنّت تلك الدول قانوناً يجرّم التعاطف مع قطر، الذي يحمل في طيّاته أن كل من فكر بصوت عالٍ بأن هذا الحصار ليس له وجه من الصحة فهنا يدخل في الجريمة بحسب هذا القانون، ناهيك عن تبعات عقابها الذي يشكل تهديداً على النفس والمال..

فمن وافق تلك الحكومات بسكوته، فعل ذلك خوفاً على ماله ونفسه الذي يتحقق له في ظل تلك الحكومة التي ترعاه.. وتشرف على سياحته في وطنه بماله الذين يجنيه منها وبحياته التي تؤمنها له.

وعلى غرارهم كان موقف موريشيوس لمصلحتها السياحية التي تعدُّ من أهم مقوماتها كما الشعوب، وللعمالة دورها في مصلحتها أيضاً.

* ما يتفق فيه الاثنان (الشعوب وموريشيوس):
– أنهم جميعهم خائفون على مصلحتهم إن لم يوافقوا سكوتياً على هذه الأزمة.
– يحاولون النأي بأنفسهم عن كل هذا بطريقة لا تقدم ولا تؤخر.
– لا أحد يعرف موريشيوس كما لا أحد يعرف بالتحديد هؤلاء الأغلبية من الشعوب.
– موريشيوس جمهورية، وكل تلك الشعوب اتخذوا من النظام الجمهوري موقفاً باتفاق سكوتيّ فيما بينهم.

* ما يختلفون فيه:
أن موريشيوس لا تربطها أي علاقة فعلية بما يحدث، والشعوب الخليجية تربطها علاقة وثيقة،
فهذه الأزمة تضرب جذور حياتهم الاجتماعية بحكم تلك الروابط بينها وبين الشعب القطري.

نهايةً.. يتحقق عندي أنه كما لم يعرف الكثير جمهورية موريشيوس قبل هذه الأزمة..
فإن كل تلك الحكومات لا بد أن تعرف شعوبها وتعترف بها أيضاً؛ لأنّها لا تبحث عن مصلحتهم بعد هذا كله.

وأتمنى من الجميع البحث عن المصلحة العامة وتحقيقها، فإيجادها أسهل بكثير من السفر بقصد السياحة إلى موريشيوس..
يمكننا ببساطة شديدة أن نسيح في أوطاننا ونسأل الشعوب، فمن الواضح فعلياً أن تلك الشعوب الصامتة ليس في مصلحتها كل ما حدث وما يجري حدوثه في هذه الأزمة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد