قبل عام من الآن، تصدرت صور المدينة القديمة بـ"غدامس" الليبية صفحات التواصل الاجتماعي، من خلال ترشحها لمسابقة مدينة التراث العربي، غدامس في الحقيقة أكثر من مجرد تراث؛ لأنها الإلهام بعينه.
بصحرائها الجميلة ومدينتها القديمة البديعة وبحيراتها الرائعة، كانت غدامس منطقة حية ومحطة لانطلاق وتوقف القوافل القادمة من إفريقيا نحو أوروبا.
قبل سنوات عديدة، كان الفتى "إبراهيم الإمام" يتجول بالمدينة القديمة في غدامس، يتأمل مبانيها ويتنفس هواءها ويتخيل شكل الحياة فيها قبل سنوات طويلة، كانت كل زيارة بالنسبة إليه زيارة مثيرة وكأنها أول زيارة.
كبر الفتى وشغلته الحياة، لكن لم يكن لأحد أن ينزع القصص التي كان ينسجها في رأسه حول غدامس وطبيعة الحياة في غدامس القديمة. وبعد سنوات من التخيل، اعتصرت غيمة الأفكار قطرات كثيرة تمثلت في مجموعة قصصية هي "الشاغة"، و"سلطان يوم الماء" و"تحرير غسوف".
الحلم والشغف بالنسبة للقاص "إبراهيم الإمام" لم يكن هيّناً؛ لأنه تجاوز كل العراقيل والمعوقات ولم يأبه بأي من الأعذار العديدة، التي تبدأ من غياب دعم الجهات الثقافية المختصة ولا تنتهي عند غلاء أسعار الطباعة.
بالمجهودات الشخصية ودعم بعض الأصدقاء، صدرت تلك القصص الأدبية "الليبية الغدامسية" إن صحّ التعبير، وبالطريقة ذاتها تحولت تلك القطرات إلى "قطرات من ذهب"، وهي مجموعة قصصية تُرجمت إلى اللغة التركية ونُشرت بالمكتبات التركية، لتخبر أحفاد العثمانيين عن أدب جميل هناك في دولة فرّطت فيها الدولة العثمانية بسهولة، ولتعيد الجميل إلى تركيا التي تُغرق التلفاز العربي بمسلسلاتها التي تصدّرها لمجتمعاتنا وتُخبرهم بأن هناك في "غدامس" قصصاً أجمل، كان للعثمانيين وحامياتهم فيها نصيب.
في الحقيقة، فإن نشر "قطرات من ذهب" باللغة التركية كان يجب ألا يمر بسهولة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، فسوق المكتبات التركية سوق نشطة للغاية في دولة تجد فيها للكتاب حضوراً في كل مكان، وجزء فيها من ساعات الصباح الأولى في مترو الأنفاق وحتى آخر نهاية رحلة فيه ستجد الجميع يقرأون، وسيكون المظهر بالنسبة لك بديعاً، وعندما تجد الكتاب قد خُط بأيدٍ ليبية فستشعر بالجمال أكثر، ومن هنا كان ينبغي لنا جميعاً أن نحتفي بـ"قطرات من ذهب".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.