انتشرت مجموعةٌ من الصور لمجموعة من الأسرى تبدو على وجوههم علامات اليأس والهزيمة، على الشبكات الاجتماعية وعدد من الوسائل الإعلامية، على أنها لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية داعش، سلّموا أنفسهم بعد انسحابهم من كل منطقة الملعب البلدي والمشفى الوطني، آخر معاقل التنظيم في المدينة.
وبدأ أهالي الرقة فور انتشار هذه الصور بتفنيدها، فهي تضمُّ صوراً لأفراد من عوائلهم لا علاقة لهم بداعش.
أخي دكتور بالرقة!
ياسر هويدي، مواطن سوري من محافظة الرقة، مُهجَّر من عام 2014 من مدينته بسبب مضايقات تنظيم داعش له، ومستقر في العاصمة السعودية الرياض، صُدِمَ ياسر بحسب تعبيره عند رؤية أخيه الأصغر بين الصور المنتشرة على أنها لأسرى دواعش، وهو ما جعله متناقضَ المشاعر، بين فرحته بمعرفة مصير أخيه المعتقل في سجون التنظيم، وبين إظهار أخيه على أنه مقاتل تابع للتنظيم سَلَّم نفسَه لقوات سوريا الديمقراطية.
يقول هويدي لـ"عربي بوست"، لقد "ظهرت صورة أخي الدكتور إسماعيل هويدي بين صور دواعش سلموا أنفسهم لقوات قسد، أود أن أوضح أن أخي حاول مراراً الخروج من الرقة، كي يحفظ حياته وحياة أخته وأبنائها، الذين قتلوا قبل أيام في الرقة، لكن وبسبب اعتقاله من قِبل التنظيم وانقطاع أخباره، استشهدت العائلة، وتبيَّن لنا أنه كان معتقلاً لدى تنظيم داعش، ونستغرب عرض صورته مع المستسلمين من داعش.
يضيف ياسر ويبدي تخوفاً آخر قد يجعل أخاه إسماعيل أمامَ خطرٍ من الاعتقال أو تضييق في السفر بالمستقبل، بسبب هذا الاتهام، يقول "مصيره حتى هذه اللحظة مجهول".
وقد انتشرت الصور بعد سيطرة قوات قسد الكاملة على مدينة الرقة، مدعومة من التحالف، وكان الشاب سرمد الجيلاني واحداً ممن صدمته هذه الصور، وبدأ بوضع دوائر حمراء على وجه كلِّ مدنيٍّ يعرفه ويعرف اسمَه الحقيقي.
يقول الجيلاني لـ"عربي بوست"، إن "هذا الشاب حليق الشعر، والذي تبدو على تعابير وجهه علامات الاختلال العقلي، اسمه الحقيقي إسماعيل الخليل، وملقَّب في المدينة بـ"طبوش"، ولا علاقة له بالتنظيم لا من قريب ولا من بعيد؛ بل كانت سيارة الحسبة توبِّخه على عدم طهارته بين الحين والآخر، مع أنه شخص غير متوازن ومريض.
أما الشاب الذي يحمل بيده ماءً، ويرتدي كنزة كحلية وملابس نوم فضية اللون فاسمه محمود سيد علي، من المدينة، ولم يستطع الخروج، وهو مريض بمرض السحايا.
كما أشار الجيلاني إلى صورة الدكتور إسماعيل الهويدي، الذي كان يحاول تهريب عائلته وعائلة أخته، ولكن التنظيم اعتقله، واستشهدت العائلة ومن كان يحاول تهريبهم بغارةٍ لطيران التحالف الدولي.
كان يجب فصل المدنيين
في المقابل عبد السحل (44 عاماً) مواطن سوري من مدينة الرقة، يعمل في مجال المقاولات، عرف اثنين ممن كانوا في الصورة، وشدَّد على أنهما بالفعل تابعان للتنظيم، يقول لـ"عربي بوست"، إن "وجود عدة أشخاص ليسوا من التنظيم، لا يدل بدوره على أنه لا يوجد مقاتلون من التنظيم قد سلموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية".
السحل بذلك برَّر الصور المنتشرة، ولكن من وجهة نظره، كان يجب على قسد ألا تنشر الصور قبل التأكد، لأنها ستعود بالإيذاء على مواطنين مدنيين "ليس لهم أي ذنب فيما حصل"، على حدِّ قوله.
وكان التحالف الدولي، الذي شارك فيه خمسون دولة بقيادة أميركا، كان يرفض خروج مسلحي التنظيم من المدينة بسياراتهم الخاصة، ولكن في نهاية المطاف تم تأمين خروج آمن لهم لريف دير الزور، وبقي من بقي من أهالي المدينة، الذين تم أخذ الصور لبعضهم.
ووثَّق ناشطون مقتل 1800 مدني خلال المعركة، و450 ألف نازح، و4000 غارة جوية، وصوراً فيها مواطنون مدنيون صُوِّروا على أنهم مقاتلون من التنظيم سلَّموا أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية.