سقطت “عاصمة الخلافة”.. تنظيم “الدولة الإسلامية” يخسر أراضيه لكن تهديده مستمر لهذا السبب

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/17 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/17 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش

توَّجت مدينة الرقة هزائمَ تنظيم الدولة الإسلامية المتتالية في سوريا والعراق، لتنحصر "أرض الخلافة" في منطقة ذات طابع صحراوي على جانبي الحدود، لكن تهديده لا يزال قائماً، سواء عبر الخلايا النائمة أو الانتحاريين أو حتى حضوره إعلامياً.

وبعد أكثر من 4 أشهر من المعارك العنيفة، سيطرت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن على مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يعد الأبرز في سوريا، وأول مركز محافظة خرج عن سلطة النظام السوري.

ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن، نيك هاريس، لوكالة فرانس برس: "حين كانت الخلافة الإسلامية في أوجّ قوتها في العام 2014، هدَّدت بحكم سوريا من حلب (شمالاً) حتى الحدود العراقية، ثم تراجعت الآن إلى منطقة محدودة في دير الزور (شرقاً)، تحاصرها وتتقدم فيها قوات (الرئيس السوري بشار) الأسد وحلفاؤها، كما التحالف الدولي بقيادة واشنطن".

ورغم احتفاظه بالسيطرة على بعض الجيوب المحدودة في محافظة حمص (وسط) وقرب دمشق وفي جنوب البلاد، يتوقع أن يشكل الجزء المتبقي من محافظة دير الزور "مركز ثقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا"، بحسب هاريس.

وتشكل محافظة دير الزور الحدودية مع العراق مسرحاً لهجومين منفصلين: الأول يقوده الجيش السوري بدعم روسي، والثاني تُنفِّذه الفصائل الكردية والعربية المنضوية في إطار قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن.

وتمكَّن الجيش السوري الشهر الماضي من فكِّ حصار محكم فرضه التنظيم قبل نحو 3 سنوات على الأحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور. وفي فترة زمنية لم تتجاوز الأسبوع، تمكن أيضاً من طرد الجهاديين من مدينة الميادين التي كانت تعد أحد أبرز معاقله.

وبذلك، باتت مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر معقل للتنظيم المتطرف في شرقي سوريا.

"الدعامة الأخيرة"


من الجهة العراقية، لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر إلا على شريط حدودي محدود، يضم مدينة القائم المقابلة للبوكمال السورية.

ويقول هاريس: "لطالما كان تنظيم الدولة الإسلامية مزمعاً على أن تكون دير الزور والمنطقة المحيطة بمدينة القائم في العراق آخر معاقل خلافته".

وهذه المنطقة بعيدة وفق هاريس عن دمشق وبغداد، ويفصلها عنهما أراض صحراوية صعب اجتيازها. وتشكل بالتالي "المكان المثالي لتكون دعامة الخلافة الأخيرة".

لكن المؤكد أن الحكومتين العراقية والسورية لن تستكينا حتى طرد آخر مقاتلي التنظيم من هذه المنطقة التي تعد استراتيجية لهما ولحلفائهما.

ويقول الباحث في شؤون التنظيمات الجهادية أيمن التميمي لوكالة الأنباء الفرنسية: "أعتقد أن الحكومتين العراقية والسورية ستعملان على ضمان أمن كافة الحدود، على اعتبار أن تجاهل هذه المنطقة لن يؤدي إلا إلى تشجيع تنظيم الدولة الإسلامية أكثر في المستقبل".

وتصرُّ الحكومة السورية وحليفتها إيران على استعادة هذه المنطقة، لمنع الأميركيين من الحؤول دون تحقيق إيران هدفها بضمان طرق برية لها إلى سوريا ولبنان، مروراً بالعراق، وفق هاريس.

وبالتالي، تفضّل إيران أن تسيطر قوات الحشد الشعبي (فصائل ذات غالبية شيعية مدعومة من طهران وتقاتل إلى جانب القوات الحكومية) على تلك المنطقة بدلاً من القوات العراقية التي تحظى بدعم أميركي.

"الحقيقة المرة"


وتعد خسارة التنظيم للرقة واحدةً من سلسلة هزائم ميدانية مُني بها خلال الفترة الماضية في كل من سوريا والعراق، الدولتين حيث أعلن "الخلافة الإسلامية" في العام 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة فيهما.

وشكل طرد التنظيم من مدينة الموصل في تموز/يوليو أبرز خسائره في العراق.
ورغم هذه الهزائم، ما زال التنظيم يشكل تهديداً كبيراً، سواء في سوريا أو العراق أو حتى الدول الأجنبية، حيث تبنَّى خلال السنوات الثلاث الماضية اعتداءات دموية عدة.

ويقول هاريس: "الحقيقة المرة أن تنظيم الدولة الإسلامية سيكون دموياً في عصيانه (المرتقب)، وشبكة خلاياه الإرهابية، تماماً كما هي الحال حين كان مشروع دولة".

ومنذ بروزه، عرف التنظيم بوحشيته واعتداءاته الدموية التي نفَّذها سواء في مناطق كانت تحت سيطرته أم في الخارج.

تهديده مستمر


ويتوقع التميمي أن يواصل التنظيم المتطرف في المرحلة المقبلة الاعتماد على استراتيجيته المعتادة، من "مداهمات وخلايا نائمة وألغام وانتحاريين".

ويضيف هاريس إلى ذلك "الحضور الإلكتروني القوي"، المستمر للتنظيم المتطرف، فيما وصفه بـ"الخلافة الافتراضية".

ونجح التنظيم منذ نشأته في الترويج لنفسه عبر آلة دعائية تصدَّرت عناوين الصحف ونشرات الأخبار حول العالم. واستفاد من مواقع التواصل الاجتماعي ليعمم مقاطع فيديو توثق عمليات إعدام جماعية وقطع رؤوس، وكذلك لنشر بياناته، لا سيما تلك التي تبنَّى فيها تنفيذ اعتداءات خارجية، حصدت عشرات القتلى الأبرياء.

ومنذ إعلان أبو بكر البغدادي "الخلافة الإسلامية" من الموصل في العام 2014، يحضّر التنظيم للحظة التي سيخسرها، بحسب هاريس، ما يفسر إنشاءه "شبكة الهجمات الخارجية في أوروبا".

بعد ثلاث سنوات، ورغم خسارته أراضي هذه الخلافة، لا يعني ذلك بعد أن نجم التنظيم قد أفل.

ويقول الباحث في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، تشارلي وينتر لفرانس برس: "أهم ما كان يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية أيديولوجياً القيام به، أنجزه بالفعل، وهو إعلان الخلافة واستمرارها لسنوات عدة، وجذبه عشرات الآلاف من كافة أنحاء العالم للانضمام إليه".

ويضيف: "أعتقد أن التأثير الأيديولوجي لذلك سيكون ضخماً جداً، ولسنوات عدة مقبلة، حتى لو خسر التنظيم مناطقَ سيطرته في سوريا، بعد خسارة مناطقه في العراق".

تحميل المزيد