قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إن المملكة العربية السعودية تفكر في التخلي عن خطتها المتعلقة بقيد شركة "أرامكو" في بورصة نيويورك أو لندن أو أي بورصة دولية أخرى، ومن الممكن أن تطرح بدلاً من ذلك أسهماً في بورصة المملكة بالرياض فقط، حسبما ذكر أشخاص مطلعون.
وأضافت الصحيفة الأميركية بأن السعودية تفكر في عرض مقدم من مستثمرٍ صيني مهتم بشكل خاص بالحصول على حصة في شركة النفط السعودية، حسبما ذكر مصدر مقرب من الشركة.
الاكتتاب على مرحلتين
ومن بين الخيارات الأخرى المطروحة والتي تفكر بها الشركة إجراء الاكتتاب العام IPO على مرحلتين من خلال قيدها في بورصة تداول بالرياض عام 2019 ثم قيدها دولياً بعد ذلك بعام واحد، حسبما صرح هذا الشخص. ومنذ فترة طويلة جرى التخطيط للقيد الدولي في عام 2018، في ظل وجود بورصتي نيويورك ولندن كمرشحين رئيسيين، بحسب الصحيفة الأميركية.
ومنذ الإعلان رسمياً عن رؤية 2030 والتي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل، تقليل الاعتماد على النفط والبحث عن بدائل أخرى للدخل في المملكة، وبرزت فكرة إدراج أرامكو في بورصات عالمية.
ويفاضل قادة السعودية بين هذه الخيارات بينما يواجهون تحدياً هائلاً يتمثل في إبعاد شركة النفط الأكبر بالعالم عن الأسرة الملكية التي استغلتها على مدار فترة طويلة كحصالة للأموال. وحاول فريق أرامكو الذي يضع الاكتتاب العام جاهداً جلب معايير المحاسبة الدولية إلى شركة النفط التي مازالت تمتلك وحدة تشييد تشرف على ملاعب كرة القدم وكذلك على منشآت المسابقة الخاصة بجَمال الجِمال، بحسب الصحيفة الأميركية.
وفي هذه الحالة، يصبح الاكتتاب العام واحداً من أكبر الاكتتابات على الإطلاق، والذي يصل حسب تقديرات المسؤولين السعوديين إلى أكثر من 100 مليار دولار. كما جرى ربط إيراداتها بصندوق الثروة السيادي داخل البلاد، والذي سيصبح الأكبر على مستوى العالم وسوف يؤدي إلى تحول اقتصاد المملكة إلى اقتصاد أقل اعتماداً على النفط.
صعوبة فصل أرامكو
ويُنظر منذ فترة طويلة إلى الروابط العميقة التي تتمتع بها أرامكو مع المملكة وكذلك إلى الصعوبة المتمثلة في فصلها إلى كيان يمكن بيعه للمستثمرين على أنها عقبة تقف أمام الاكتتاب العام. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت الأسواق العامة ستحدد قيمة لأرامكو تصل إلى أو تقترب من 2 تريليون دولار كما ذكر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وريث المملكة وبطل خطة طرح أرامكو للاكتتاب العام.
وأدت سلسلة من التأخيرات، ومن بينها تحديد مكان قيد الأسهم، إلى مناقشات بين كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة حول تأجيل القيد، حسبما ذكر أشخاص مطلعون على هذه المناقشات.
وذكرت صحيفة Financial Times في تقرير في وقت سابق يوم الجمعة بأن الشركة تفكر في تأجيل خطة الاكتتاب العام وتتطلع بدلاً من ذلك إلى استثمارات من الحكومة الصينية.
وصرح متحدث باسم الشركة: "مازالت عملية الاكتتاب العام على المسار الصحيح". ولكنه أضاف أن "مجموعة من الخيارات تتعلق بالقيد العام لأرامكو السعودية مازالت تخضع للمراجعة الفعالة".
وكانت الشركة تستعد منذ عام 2015 لبيع 5% من أسهمها في الأسواق الدولية كمحور أساسي للاستراتيجية المرتبطة بإصلاح الاقتصاد السعودي وكسر اعتمادها على النفط. وصرح الأمير محمد بن سلمان أنه ينوي استثمار الإيرادات الناتجة عن العرض للاكتتاب العام في أعمال أخرى.
ومنذ ذلك الحين، تشاورت أرامكو السعودية مع فريق عالمي من المستشارين والبنوك في محاولة لإعادة النظام إلى الشركة التي خضعت لقواعد مختلفة لفترة أطول من شركات النفط الدولية الكبيرة مثل إكسون موبيل Exxon Mobil. ولم تنشر الشركة مطلقاً أرباحها ربع السنوية أو السنوية ولم تواجه أبداً أي نوع من مخاطر المسؤولية القانونية التي تواجهها شركات الطاقة الأخرى.
وأتاحت العملية الفرصة أمام جهات خارجية للدخول إلى عمليات النفط السعودية التي بقيت سراً على مدار ثلاثة عقود منذ تأميم شركة أرامكو– التي أدارتها شركات أميركية- في ثمانينيات القرن العشرين. واستغرق تغيير ثقافة أرامكو بشكل كافٍ لتسجيل قيدها علناً في أماكن مثل نيويورك أو لندن وقتاً أطول من المتوقع، حسبما صرح أشخاص مطلعون.
عقبة مكان القيد
ومن العقبات الرئيسية مكان القيد. فضّل الأمير محمد نيويورك وذلك بسبب قاعدة المستثمرين العريضة فيما فضّل المستشارون الخارجيون لندن التي تفكر في تخفيف قواعد حوكمة الشركات لجذب أرامكو. كما كانت كل من هونغ كونغ وطوكيو وتورونتو من بين الأسماء المطروحة، بحسب الصحيفة الأميركية
وفي الوقت الذي يجري خلاله إخبار الموظفين الماليين بالاستعداد للاكتتاب العام في 2018، صرح شخص على اطلاع بعملهم أنه مازال هناك الكثير للقيام به مشيراً إلى أن القيد يمكن أن يجري تأجيله إلى عام 2019.
كما صرح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركة "هناك العديد من النواحي التي تتعلق بالاكتتاب العام التي لا يمكنك بالفعل العمل عليها إذا لم تكن على دراية بالمكان الذي ترغب في قيد الشركة به وبالتأكيد تباطأت الوتيرة وينفد الوقت بالنسبة لكل من فريق الاكتتاب والمستشارين".
وخلال الأشهر الأخيرة، سعت أرامكو السعودية إلى جذب مستثمري القطاع الخاص في الصين والهند وروسيا، وهو ما يمكن أن يجلب رأس مال دون أي مراجعة أخرى للقيد العام الغربي، حسبما صرح أشخاص مطلعون على الأمر. وقالوا بأن البيع يمكن أن يتزامن مع القيد في بورصة الرياض التي لا تتمتع بنفس القدر من متطلبات الشفافية التي تتمتع بها كل من نيويورك ولندن، بحسب الصحيفة الأميركية.
ويقول أحد الأشخاص المطلعين إنه على الرغم من عدم التأكد، استمر موظفو أرامكو السعودية في العمل على نواحٍ عديدة للاستعداد لعملية الاكتتاب العام، ومن بين هذه النواحي تطوير هيكل لتقديم التقارير المالية يتوافق مع قواعد سابينز أوكسلي بالولايات المتحدة.
ولا تتواصل الفرق التي تعمل بشكل خاص أو عام مع الزملاء الآخرين فيما يتعلق بعملهم في محاولة لاحتواء التسريبات، حسبما ذكر هذا الشخص.
وخلال اجتماع استمر طوال يوم مع مجموعة معظمها من المستشارين الأجانب في منتصف أغسطس/آب، توصل كبار المسئولين التنفيذيين بشركة أرامكو إلى وضع جدول بالخطوات المقبلة لإنجازها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حسبما ذكر أحد الأشخاص المطلعين على الوضع.
وطُلب من مجموعة المستشارين المُضي قدماً في العمل والعودة إلى مقرات أرامكو في غضون أسابيع قليلة، حسبما صرح أحد الأشخاص. ولكن عند المتابعة مع المسئولين التنفيذيين لأرامكو، أُخبروا بألا يعودوا إلى المملكة وأن يتنحوا جانباً إلى أن يتلقوا تعليمات أخرى.
وفي وقت لاحق من هذا الشهر، يستضيف صندوق الثروة السيادي، صندوق الاستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية مؤتمراً في الرياض. وسيتضمن المؤتمر الذي يُطلق عليه "مبادرة مستقبل الاستثمار" المسؤولين التنفيذيين لأرامكو ووزراء سعوديين ومصرفيين دوليين ومستثمرين ورؤساء تنفيذيين من ضمنهم ستيفن شوارزمان، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمجموعة Blackstone Group BX -0.21% LP، ولورنس فينك، الرئيس التنفيذي لشركة BlackRock، أكبر شركات إدارة الأصول في العالم؛ وتوم فارلي، رئيس مجموعة NYSE Group؛ وخافيير روليت، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوق الأوراق المالية في لندن.