في الأيام القليلة الماضية، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بصورة للفنانة السورية الشابة فايا يونان وهي ترفض التقاط صورة سيلفي مع أحد المعجبين من الجمهور الذي كان حاضراً في الحفل الذي أقيم بالشام مؤخراً.
شرع الشاب في الصعود على خشبة المسرح لالتقاط تلك الصورة، فأشاحت هي بوجهها عنه؛ فمن غير اللائق -لا بحق الجمهور الحاضر ولا الفنان- الصعود إلى المسرح بهذه الطريقة في سبيل التقاط صورة يستطيع الحصول عليها كالآخرين فيما بعد ببساطة.
تصرُّف الشاب ربما كان طبيعياً من مُعجَب بهذه الشخصية وبفنها الذي تقدمه، وتصرُّفها كان طبيعياً في حال كانت فنانة غير فايا تقف على المسرح!
الجدير بالذكر أن فايا لا تتردد أبداً في التقاط الصور مع معجبيها في كل مكان وزمان توجدان فيهما وتحت أي ظرف كان.
لم ألتقِها شخصياً من قبلُ، ولكن يبدو واضحاً تماماً على شخصيتها بأنها صديقة للجميع، ولا تحمل نزعة التكبر والغرور المفتعلة في أوساط الفن العربي بشكل عام، إن دخلنا في موضع مقارنة مع أقرانها بالوسط الفني.
أم أننا اعتدنا أن نقارن سلباً فقط ولا نفكر في أن نضع مقارنات إيجابية!
فايا تعلم جيداً وتدرك أن الفن أخلاق قبل أن يكون كلمة ولحناً وصوتاً.. ومع هذا، هي لها رصيد فني من الكلمات ما يَصدُق، ومن الصوت ما يقشعر لهُ البدن، ومن الألحان ما تطرب لهُ مسامعنا وأرواحنا.
فايا منذ عرفناها، لا تخضع لشروط الفنانات اللاتي لا يقابلن الجمهور إلا وهنّ بأناقتهن كاملة والتي تعج بالماركات والوجوه المتلونة بألوان الهيئة والحضور المتكلّف المبالغ فيه!
نحن تجاوزنا عن فايا ببساطتها وعفويتها، والأهم الفن الحقيقي الذي تقدمهُ لنا وينكرهُ الكثير بطريقة أو بأخرى، لأسباب لا مبرر لها سوى الخوف من هذا النجاح الساحق والرغبة في تشويه شخص هذهِ الفنانة. والأهم بالنسبة لكثير من الكارهين لنجاحها، هو التقليل من قيمة الفن الراقي الذي تقدمهُ لنا.
هل نترك كل هذا ونركز في سيلفي لم يُلتقط؟! هل يستحق الأمر كل تلك التعليقات والاتهامات والألفاظ المشبّعة بالغيظ والحقد والكره؟! ماذا جرى لنا ولأخلاقياتنا ؟! أليس من الذوق أن نلتمس لها ولو عذراً واحداً يبرر لها تصرُّفاً اعتذرت لمحبيها عنهُ فيما بعد؟!
أما الكارهون، فأنصحهم بأن يغادروا ساحة فايا يونان ويحطوا في مكان آخر لهُ من حقدهم نصيب.
فايا ملحمة فنية سورية عربية فصيحة، ليس بكلمات أغانيها فقط؛ بل بجمال صوتها.. شبهها الكثيرون بفيروز وهي شهادة فخر واعتزاز بالنسبة لها.
لكن برأيي، فيروز هي فيروز لا بديل لها، ولا يبدأ الصباح من دونها. وفايا هي فايا صوت حاضرنا وحزن أوطاننا وملامح الفرح لمستقبلنا.
نعم، سوف يخلّدها المُستقبل الفني ويذكرها جيلنا ويتذكرها الجيل القادم من بعدنا.
فايا ستكون رفيقة مسامعنا في كل وقت، فيها من شموخ وعِزة حلب، ومن جمال ياسمين الشام، في صوتها الكثير من الأمل الذي يخرس أصوات القنابل، ويترك صدى للفرح في المسامع.
فايا تمنحنا جرعة من الفن الذي يُعبّر عنا؛ ليكون بمقدورنا أن نحلم بغدٍ أجمل.
لنتعلم أن نرفع من شأن الناجحين ونفخر بهم وندعم نجاحهم ونشاركهم ذلك بسعادة تليق بنا وبهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.