خطر جديد قد يُهدِّد أكبر اكتتاب في التاريخ، الخاص بشركة أرامكو السعودية، بل قد يهدد الشركة ذاتها وثروات المستثمرين الطامحين لشراء أسهمها.
فبينما يتجهز المستثمرون للتعامل مع المخاطر المحتملة للتدخل السياسي وغياب الشفافية فيما يتعلَّق بخطط السعودية لإدراج أسهم شركة الطاقة الضخمة المملوكة للدولة للاكتتاب العام، فإنَّ أحد المخاطر غير المتوقعة هو ظهور موقع مزيف للشركة، له ارتباطات غير واضحة بشركة سبيس إكس لتصنيع الصواريخ والمركبات الفضائية، التي أنشأها المياردير العبقري إيلون ماسك، الذي وردت الشائعات في وقت سابق حول سعيه وراء الاكتتاب في آرامكو بحسب ما أوردته فاينانشال تايمز البريطانية.
ففي الوقت الذي تستعد فيه المملكة لإدراج الأسهم في السوق، والمقرر طرحها أواخر العام المقبل 2018، ظهر موقعٌ مزيف للشركة، وهو على ما يبدو محاولة للاستفادة من الاهتمام العالمي بهذا الحدث، الذي من المقرر له أن يكون أكبر اكتتاب في العالم، حسب تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.
ويبدو أنَّ موقع www.aramcoipo.com يستهدف المستثمرين عن طريق توفير إمكانية الوصول إلى الأخبار و"توقعات اكتتاب أرامكو" و"فرص الربح"، في مقابل الحصول على بيانات التواصل ومعلومات عن الثروة الشخصية.
ويقول الموقع في آخر تحديث له، بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2017: "سجِّل الآن وسوف نشرح لك لماذا يعتبر اكتتاب أرامكو مهماً لكل مستثمر. جربنا لمدة 7 أيام. لا بطاقات ائتمان ولا مخاطر".
وللموقع تصميم وشعار مشابه لذلك الموجود على صفحات الموقع الرسمي للشركة، ويوفر روابط إلى المراكز الإقليمية، حيث تعمل أكبر شركات إنتاج النفط في العالم.
رد أرامكو
وقال أحد المتحدثين الرسميين باسم شركة أرامكو السعودية: "ليس للموقع علاقة بالشركة. سوف تتخذ الشركة كل الخطوات الضرورية لمنع التمثيل الكاذب لشعارها، وللحفاظ على أمن وسلامة أصولها".
وأظهرت معلومات تسجيل اسم (Domain) بيانات اتصال مزيفة لمالك الموقع، الذي أنشأ ثمانية مواقع لاكتتاب شركة أرامكو ذات نهايات مختلفة هذا العام، ولكن لم يستخدم هذه المواقع حتى الآن.
هكذا يستغل شوقهم
وينتظر المستثمرون المحتملون بشوق الوصول للبيانات المالية التي ظلت سرية لعقود، إلى جانب معلومات أخرى مثل علاقة أرامكو بالحكومة السعودية. وقد قامت الشركة بإعادة هيكلة مواردها المالية وفك ارتباط عملياتها مع الدولة، لتكون أكثر جذباً للمستثمرين.
ويحاول الموقع المزيف الإجابة عن الأسئلة التي طرحها الخبراء في المجال حول احتياطات المملكة الضخمة، والتقدير الرسمي الذي تستهدف السعودية الوصول إليه، والبالغ قيمته تريليوني دولار، ويبدو أنَّ مصدر معلومات الموقع مستمد من مصادر إخبارية.
ويقع هذا الاكتتاب في القلب من خطة يقودها ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، لإصلاح اقتصاد البلاد وتقليل اعتمادها على النفط. ومن المقرر أن تُستثمَر عوائد هذا الاكتتاب في صناعات أخرى.
وارن بافت
وسوف يكون هذا الاكتتاب "كبيراً إلى درجة أنَّ من المحتمل أن يتضاءل إلى جانبه أي واد من أودية السليكون"، وذلك بحسب الموقع، الذي أضاف أنه حتى قطب التجارة الأميركية، وارن بافت، مؤيد لرقم التريليوني دولار هذا.
ولم يُفلح بحث في وسائل الإعلام في إيجاد دليل على هذا التأييد المزعوم من قبل رجل الأعمال الشهير بنصائحه لكيفية خلق الثروات.
ما هدفه؟
ومن غير الواضح الغرض الذي من أجله أنشئ الموقع، لكنَّ خبراء الأمن السيبراني يقولون إنَّ من المحتمل أن يكون الموقع جزءاً من عملية احتيال بغرض تصيّد المعلومات الشخصية من أولئك المهتمين بالاكتتاب.
وقال تيم رولينز، مدير شركة إن سي سي جروب للأمن السيبراني، إنه على الرغم من أنَّ الموقع لم يستخلص المال مباشرة، فإنه طلب الحصول على بيانات اتصال مع وعد بإرسال معلومات حصرية.
وقال رولينز: "سوف يتعين عليك في النهاية أن تعطي بيانات بطاقة الائتمان. إنهم يحاولون جمع وحصاد البيانات من أجل عملية احتيال طويلة المدى".
أرامكو معرضة للخطر
وقد جاء هذا الموقع، غير المشفر، الذي من الممكن أن يضر بأية معلومات شخصية منقولة إليه، على رأس عمليات البحث في جوجل بالمملكة المتحدة، مع كلمة "أرامكو"، وذلك لأنَّ المالك قد دفع مقابل الإعلان.
وقال أليكسيس جارسيا بيريز، الخبير السيبراني بجامعة كوفنتري، إنَّ شركة أرامكو نفسها قد تكون عرضة للخطر. إذ إنَّ زر "تسجيل الدخول" في الموقع المزيف، الشبيه بالموقع الأصلي، قد يكون محاولة لجمع بيانات الموظفين التي من الممكن أن "تُستخدَم لاحقًا بصفتها بوابة إلى البيانات ومصادر المعلومات المخزنة في البنية التحتية للشركة".
وقد يثير هذا الأمر مخاوف شركة أرامكو، التي كانت ضحية لهجمة سيبرانية أمنية كبيرة عام 2012، استهدفت وقف إمدادات النفط الخام والغاز.
وقد استخدم الشخص، الذي سجل الموقع المزيف، حسابَ البريد الإلكتروني ذاته لأسماء النطاقات الـ45 الأخرى منذ عام 2015.
ومع أنَّ معظم هذه النطاقات متعلقة بالتمويل والاستثمار، فإنَّ الكثير منها مرتبط بشركة سبيس إكس لتصنيع الصواريخ والمركبات الفضائية، التي أنشأها إيلون ماسك، الذي وردت الشائعات في وقت سابق حول سعيه وراء هذا الاكتتاب.