وصل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله على رأس وزراء حكومته إلى قطاع غزة، الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في إطار سعي لتنفيذ اتفاق مصالحة مع حركة حماس، وهي الزيارة الأولى منذ عام 2015.
ووصل الحمدالله عبر معبر بيت حانون (إيريز) الذي تسيطر عليه إسرائيل، حيث كان في استقبالهم العشرات من كوادر حركة فتح وعدد من مسؤولي حركة حماس وحوالي ألفي فلسطيني تجمعوا أمام البوابة الخارجية للمعبر، بحسب مراسل لوكالة فرانس برس.
وأشرف الوفد الأمني المصري الذي وصل إلى غزة أمس، إلى جانب مسؤول القوى الأمنية في قطاع غزة توفيق أو نعيم ومسؤول في جهاز حرس الرئيس الفلسطيني على تفاصيل وآليات دخول الوفد.
وتأخر دخول الوفد نحو نصف ساعة بسبب خلاف بين جهازي أمن حماس والسلطة حول مواضع تمركز عناصر الأمن، إلا أن الوفد المصري حسم الخلاف، حسب مصدر فلسطيني فضل عدم الكشف عن اسمه.
وحظي الوفد باستقبال رسمي في المعبر حيث أعدت وزارة الداخلية التابعة لحماس فرقة حرس شرف موسيقية مكونة من 45 عنصراً.
وسيلتقي الحمد الله بعد ظهر الإثنين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ورئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار. وسيترأس اجتماع الحكومة الأسبوعي الثلاثاء في غزة.
وتم نشر مئات من قوات الأمن التابعة لحركة حماس في شوارع مدينة غزة وقرب الفندق الذي سينزل به الحمد الله، بحسب مراسل لفرانس برس.
وفشلت جهود وساطة عديدة، خصوصاً عربية، في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني. ولكن جهوداً مصرية أثمرت أخيراً قبولاً من الحركتين بمحاولة إنجاح المصالحة هذه المرة.
وتفرض إسرائيل منذ عشر سنوات حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني شخص.
وشهد قطاع غزة المحاصر ثلاث حروب مدمرة بين العامين 2008 و2014 بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية. ويعتمد أكثر من ثلثي سكان القطاع الفقير على المساعدات الإنسانية.
حماس أكثر براغماتية
ويأتي ذلك بعدما أعلنت حركة حماس موافقتها في 17 أيلول/سبتمبر على حل "اللجنة الإدارية" التي كانت تقوم مقام الحكومة في قطاع غزة، داعية حكومة الحمد الله إلى الحضور وتسلم مهامها في غزة. كما دعت إلى إجراء انتخابات.
وتبقى قضايا عدة شائكة يتعين بحثها بين الطرفين، بينها استعداد حماس لمشاركة السلطة في القطاع، وتسليم أمن القطاع إلى السلطة الفلسطينية.
وحصلت القطيعة بعد أن فازت حماس في انتخابات 2006 التشريعية، ورفض المجتمع الدولي قبول حكومة حماس وطالب الحركة أولاً بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل واحترام الاتفاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ووقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة وطنية في نيسان/أبريل 2014، تلاه تشكيل حكومة وفاق وطني. إلا أن الحركتين أخفقتا في تسوية خلافاتهما، ولم تنضم حماس عملياً إلى الحكومة.
واتخذت السلطة الفلسطينية سلسلة قرارات خلال الأشهر الأخيرة للضغط على حركة حماس، بينها وقف التحويلات المالية إلى القطاع، وخفض رواتب موظفي السلطة هناك، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها إسرائيل القطاع، بالإضافة إلى تحديد عدد التصاريح الطبية التي تسمح لسكان غزة بتلقي العلاج خارج القطاع المحاصر.
ويرأس محمود عباس السلطة الفلسطينية منذ العام 2005. وكان يفترض أن تنتهي ولايته بعد أربع سنوات، لكن لم تجر انتخابات رئاسية منذ ذلك الوقت.
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح، المنفذ الوحيد لسكان القطاع على الخارج، وتفتحه استثنائياً للحالات الإنسانية في فترات متباعدة.
ويرى خبراء أن خطر انفجار داخلي بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية في غزة، مع العزلة المتزايدة وضغط من بعض مسؤوليها، دفع حركة حماس إلى أن تكون أكثر براغماتية والقبول بالمصالحة مع حركة فتح.
"مجرد تمويه"
وأعرب مسؤولون من حركتي فتح وحماس عن ثقتهم بفرص نجاح هذه الجولة من المصالحة، بسبب التدخل المصري المباشر.
ويرى محللون أن قبول حماس حل لجنتها الإدارية جاء كمناورة تكتيكية للخروج من أزمتها، مشككين في تخلي حماس عن سيطرتها على الأمن.
ومن القضايا الشائكة المعلقة أيضاً مصير عشرات آلاف الموظفين الذين وظفتهم حماس في غزة في عام 2007. بالإضافة إلى شكوك حول قبول محمود عباس بضلوع غريمه اللدود ومنافسه في حركة فتح محمد دحلان بأي دور في غزة. علماً أن حماس تقوم منذ أشهر باتصالات مع دحلان.
والزيارة التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية إلى غزة مجرد بروتوكول. وسيتم بحث باقي تفاصيل المصالحة في القاهرة في الأيام المقبلة.
ويبقى القبول الدولي بالمصالحة مسألة هامة، إذ يعد الانقسام الفلسطيني أحد أهم العوائق التي تقف أمام التوصل إلى حل للنزاع مع إسرائيل.
وتعترف السلطة الفلسطينية بإسرائيل، بينما يبدو الأمر غير وارد بالنسبة لحركة حماس الإسلامية، على الرغم من نشرها في بداية هذا العام ميثاقاً جديداً أكثر براغماتية. ويبقى السؤال إن كانت حماس مستعدة للاعتراف بإسرائيل والتخلي عن "الكفاح المسلح".
وحول هذا، علق وزير البناء الإسرائيلي يواف غالانت "إن كان الرد إيجابياً، يمكننا الحديث عن الكثير من الأمور. وإذا كان سلبياً، فيعني أن لا شيء تغير وهذا ليس سوى مجرد تمويه".