حين يُعتقل المفكّر

سيّد قطب، محمّد متولّي الشّعراوي، محمّد الغزالي، مصطفى محمود.. هي أسماء طالما داهمت عقولنا وجرّت ألبابنا واجتاحت أفئدتنا لما أحدثته من تحويل وتبديل في نفوس العباد.. فهم دعاة ومفكّرو الدّين الإسلاميّ إبّان القرن السّالف الّذين تحرّوا الشّريعة بكلّيتها وأقسامها، خارجها ودواخلها ونبشوا الدّين نبشاً.. فبرعوا في ذلك وأضحوا عموداً للإسلام وحجّة للأنام.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/23 الساعة 07:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/23 الساعة 07:36 بتوقيت غرينتش

سيّد قطب، محمّد متولّي الشّعراوي، محمّد الغزالي، مصطفى محمود.. هي أسماء طالما داهمت عقولنا وجرّت ألبابنا واجتاحت أفئدتنا لما أحدثته من تحويل وتبديل في نفوس العباد.. فهم دعاة ومفكّرو الدّين الإسلاميّ إبّان القرن السّالف الّذين تحرّوا الشّريعة بكلّيتها وأقسامها، خارجها ودواخلها ونبشوا الدّين نبشاً.. فبرعوا في ذلك وأضحوا عموداً للإسلام وحجّة للأنام.

وكما قال الله تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

فهؤلاء هم جمع من أولي الألباب الّذين قد خصّهم الله من عباده أجمعين بالعلم والفقه وحديث البلاغة، فألّفوا بين مهجة الإنسان وروح القرآن بحسن الخطب والبيان، وأذاعوا ما صلح من الأفكار وما نزه وقبضوا على دينهم بقبضة من أنوار لا من نار.

وعندما نتأمل قليلاً سيرة حياة كلّ فرد منهم، فبالطّبع ستختلجنا تلك الأحاسيس المفعمة بالتّباين والتّغاير، هي مشاعر العظمة والأنفة لما جادت به أعلام ديننا من عصارة فكرهم وبلاغتهم وقوّة البرهنة بالدّليل والمنطق، وما تجلّوا به من ورع وتقى.

وعلى نقيض تلك البادئة، فسوف تصادفنا مشاعر زاخرة باللّوعة والأسى وحروف ملأى شجناً والتعاجاً؛ نظراً لما تكبّده مفكّرونا من ظلم وسجن وتقييد ومنع من قِبل مَن يبغض أفكارهم ويمقت آراءهم.

لكنّ الإسلام دين عزّة أعزّه الله العزيز! فحتّى بعد أن رحلت أعلام الفكر للقرن الذي ولّى.. تواترت وتعاقبت كوكبة من مفكّري القرن الحديث الّذين يسعون إلى المضيّ على درب السّابقين ثابتين بخطى إلهيّة لإفشاء كلمة الله الحقّ وبعث خطاب الشريعة والهدي غير آبهين بعقبى ذلك من ترهيب ونفي واعتقال.

في كلّ حين أصبحنا نُبتلى بأخبار الاعتقالات وتكميم الأفواه، حتّى بات الحدث وارداً ومألوفاً لدى الغالبيّة الكثّة، وتتوالى غارات الحبس والاعتقال الفكري من قِبل الغريم سواء من الطّرف العقائدي أو التّفكيري أو غيرهم.

ولكن ما لا يعقله الخصم الذي يزعم أنّ بإجراءاته تلك سوف يخمد نيران المفكّرين وسيسحق عقيدة الأمر متعالياً بباطل الحقيقة، أنّه حين يعتقل المفكّر فإنّه يتمّ أسر بدنه لا باطنه وعقله وكلمته.

حين يعتقل المفكّر، فإنّ حظوته ووجاهته لن تحجم وتتقهقر بل على خلاف ذلك سيحتدّ ويتعاظم في سبيل إحياء فكرته.

حين يعتقل المفكّر لن نهلع ونجزع؛ لأنّ من سار على درب الحقّ واليقين فلن يرهبه ذلك، فهذا التّكميم ما هو إلّا ابتلاء وأجر محتسب بالنّسبة له.

يعتقل المفكّر ويُعذّب وينكّل.. لكنّ الفكرة لا تُعتقل ولا تُقتل!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد