يا شهداء بورما.. بلّغوا رسالتنا لرسول الله

يا مسلمي بورما، رأيت صوركم وشاهدت أحوالكم، وحقيقة لن أستطيع أن أقول شيئاً سوى "مدوا إلى الرحمن كفّ تضرع، ولا تنتظروا من العرب والمسلمين نصرة. فالجرائم التي ترتكب في حقكم ما عادت بغريبة علينا، فلقد ألفناه، بل إنها ترتكب في حقنا أيضاً".

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/21 الساعة 03:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/21 الساعة 03:57 بتوقيت غرينتش

رغم القرون التي خلت، فإن التاريخ ما زال يقف حائراً أمام هذا الفارس العربي المسلم، إنه الرجل الذي عجزت أرحام النساء عن أن تجود بمثله حتى يومنا هذا.

إنه مصارع الأسود، القاضي على الفتن والثورات، صاحب المروءة والنخوة.

هو أمير المؤمنين، ونصير المستضعفين، هو مَن لبّى نداءات واستغاثات الضعفاء المقهورين.

إنه المعتصم، ذلك الفارس الذي جهّز الجيش العرمرم، عندما علم بصرخة "واإسلاماه، وامعتصماه" التي أطلقتها امرأة مسلمة صفعها رجل رومي.
تحرك المعتصم على رأس الجيش وساقها حملة لا تُبقي ولا تذر، حتى دمدم على عمورية أسوارها، ثم أخذ يبحث عن تلك المرأة، التي لم ترَه ولم يرَها من قبل، ولكنها تعرفه بالمروءة وقد عرفها بالعفة والشرف، ظل يبحث عنها حتى دخل عليها زنزانتها ليقول: لبيك أختاه، لتشهدي بذلك غداً بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنه المعتصم، الذي شرفت بذكره عجوز أبي تمام:

السيف أصدق إنباءً من الكتب ** في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف ** في متونهن جلاء الشك والريب

يا مسلمي بورما، رأيت صوركم وشاهدت أحوالكم، وحقيقة لن أستطيع أن أقول شيئاً سوى "مدوا إلى الرحمن كفّ تضرع، ولا تنتظروا من العرب والمسلمين نصرة. فالجرائم التي ترتكب في حقكم ما عادت بغريبة علينا، فلقد ألفناه، بل إنها ترتكب في حقنا أيضاً".

ولكن، يا شهداء بورما "بإذن الله" أطلب منكم أن تبلغوا رسالتنا لرسول الله.

بلّغوه أننا تبايعنا بالعينة وتبعنا أذناب البقر ورضينا بالزرع وتركنا الجهاد في سبيل الله، وها نحن الآن نعيش في ذل، نسأل الله أن يرفعه عنا بالرجوع إلى ديننا.

بلّغوه أن عددنا قد تجاوز المليار مسلم، ولكن صرنا غثاء كغثاء السيل، ولقد نزع الله المهابة من قلوب عدونا وقذف في قلوبنا حب الدنيا وكراهية الموت، فصرنا قصعة مستباحة تداعت عليها الأمم من كل مكان.

يا شهداء بورما.. بلغوا رسالتنا لرسول الله
بلّغوه أننا في التيه والضياع منذ مائة عام، بلّغوه أن المسلمين صاروا بلا إمام، بلغوه أن اليهود دخلوا المسجد الأقصى منذ عقود، بلّغوه أنهم غنّوا عند دخوله "محمد مات خلف بنات"، بلّغوه أننا ألفنا وجودهم بيننا فصرنا أصدقاء متحابين متعاونين، بلّغوه أن اليهود ومعهم أعداء الأمة يختارون لنا حكامنا؛ لأننا ما عدنا نملك القدرة على الاختيار، فحكمنا الطغاة والجبابرة، بلّغوه أننا لم نذُق طعم العدل منذ أن جئنا هذه الدنيا، لكن صِرنا نعرف قيمته، لبشاعة الظلم وقسوته، ورغم ذلك يظلم بعضنا بعضاً!.

بلّغوه أننا صرنا فصائل وأحزاباً، "كل حزب بما لديهم فرحون"، بلّغوه أن قد تعددت الرايات والغايات، فساد النزاع والجدل، فعمت الهزيمة والفشل.

يا شهداء بورما.. بلغوا رسالتنا لرسول الله.
بلّغوه أن المسلمين في العالم كله يخرجون وقت النوازل إلى الشوارع والميادين يهتفون ويشجبون ويستنكرون، ثم يعودون مطمئنين منتشين انتشاء الفاتحين، بلغوه أن المسلمين يطلبون التمكين والنصر، وهم ينفقون في ذلك الوقت والمال، من أجل الاسترخاء في السينيمات والجدال حول المباريات والاستمتاع بالمسلسلات، وفي ذات الوقت، هم يكرهون مَن يقدم لهم تلك الخدمات لأنه عدو للدين!

يا شهداء بورما بلّغوا رسالتنا لرسول الله.
بلّغوه أن المسلمين باتوا وأصبحوا يسبون علماء الأمة، لا لشيء إلا لأنهم أفتوا بعكس هوى الناس، بلّغوه أنه ما عادت بين المسلمين عصمة لأحد، فلقد صار الكل عرضةً للاتهامات دون بينة، بلّغوه أيضاً أننا نطالب بتطبيق الشريعة!

بلّغوه أننا قمنا بتعديل شرع الله حتى يتناسب مع هوانا، فغير المسلم صار من حقه الزواج بالمسلمة، بلّغوه أن شرع الله لم يعجبنا فساوينا بين المرأة والرجل في الميراث، "قالوا حرية شخصية!".

يا شهداء بورما بلّغوا رسالتنا لرسول الله.
بلّغوه أن الليل قد طال ونرجو الله أن يأذن بميلاد الفجر، على يد عبد صالح يقودنا للنصر، بلّغوه أن في الأمة رجالاً يتمنون أن تفتح لهم أبواب الجهاد ليحملوا أرواحهم على أكفّهم فداء لدين الله، ونصرةً لشرع الله، وليعلموا اليهود والعالم كله أن محمداً ما مات وما خلف بنات.
يا شهداء بورما.. تقبلكم الله في الشهداء وأسكنكم أعالي الجنان، وهذا ما أمتلكه، وهو الدعاء لكم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد