أن ترى كلباً يجول وحيداً في حي سكني في عمان فهذا أمر غريب، لكن هذا ما حصل صباح هذا اليوم، كلب متوسط الحجم، لطيف الشكل، تبدو عليه علامات الألفة والود، يتنقل بين حاويات القمامة الموجودة أسفل شارعنا وأعلاه باحثاً عن طعام.
تخيّلت أنه كالكلاب التي عهدتها في طفولتي، نادَيته من أعلى بلكونة البيت فاقترب فرحاً، ألقيت له قطعةَ خبز فأخذها بفمه ثم ألقاها وابتعد.
أثار وجود الكلب فضولي، فتركت القراءة وتابعته، وكانت فعلاً متعتي فائقة.
فرض وجود الكلب حظر تجوّل على قطط الشارع بمختلف أحجامها وألوانها؛ فقد كان يركض بسرعة نحو كل قطّ يظهر هازاً ذيله في إشارة لرغبته باللعب معه، ولكن القطط لم تكن لتفهم نواياه، فكانت تهرب مختفية تحت السيارات، وكان يتبعها بسهولة لصغر حجمه.
في حوالي الساعة السابعة ظهر أخوان يحملان طوقاً صغيراً، فعرفت أنهما صاحبا الكلب، فازداد فضولي ووقفت متابعاً بقية المشهد.
نظر الكلب إليهما ثم تجاهلهما وانطلق هارباً بسرعة البرق، عندها اكتشفت أن صديقي هذا كلب بيتيّ أليف هرب من بيت أصحابه طلباً للحرية.
هيئة الولدين لا توحي بالشراسة فاستبعدت احتمالية تعاملهما معه بعنف.
بدأت المطاردة وكانت الغلبة للكلب أولاً، فسرعته تفوق سرعة الولدَين بكثير، ولكنهما استطاعا بالذكاء والحيلة الإمساك به، بعد ملاحقة استمرت حوالي نصف ساعة، كان الكلب مصرّاً على أن لا يعود إلى سجنه، إلا أن المعركة انتهت لغير صالحه فشارعنا غير نافذ، وتمكّن الولَدان من الإمساك به أخيراً!
كم كان حزني كبيراً وأنا أراه مجروراً بحبل صغير، فلم يتمكن المسكين من الاستمتاع بحريته لأكثر من بضع ساعات.
عاد الكلب إلى سجنه وعادت القطط إلى حاوياتها كما اعتادت أن تفعل، فمصائب قوم عند قوم فوائد، لكني لن أنسى أبداً هذا الكلب الجريء، فقد ناضَل لنَيل حريته ولم يستسلم، وأنا على يقين أنه سيعيد المحاولة مرة أخرى.
سبحان الله خالق الكون ومدبّره! كلب يناضل من أجل حريته، وبشر كرّمهم الله بالعقل يستمرئون الذل والهوان ويعشقون الخنوع! تراهم لا يتوانون عن وضع بساطير (بيادات) الحكام وجنودهم فوق رؤوسهم بفخر واعتزاز!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.