في جُرح بورما الغائر

إن ما يجري في بورما اليوم يُذكّرنا بمذابح البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي على يدِ الصرب، وفي كل مرة لا يتحرّك المجتمع الدولي إلا بعد أن يُوغل الحاقِدون على الإسلام في دماء المسلمين وكأنه يُصاب بالعمى والصّمم فلا يجدُ لإنقاذهم أو بالأحرى لسماعِ أصواتِ صُراخهم مِن سبيل.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/13 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/13 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش

إن ما يجري في بورما اليوم يُذكّرنا بمذابح البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي على يدِ الصرب، وفي كل مرة لا يتحرّك المجتمع الدولي إلا بعد أن يُوغل الحاقِدون على الإسلام في دماء المسلمين وكأنه يُصاب بالعمى والصّمم فلا يجدُ لإنقاذهم أو بالأحرى لسماعِ أصواتِ صُراخهم مِن سبيل.

وكأن المجتمع الدولي كما يبدو مشارك فاعل فيما يجري للمسلمين في بورما وفي كل بقاع الأرض التي تشهد اضطهاداً مُشيناً ضد المسلمين، في حين أن الدول العربية أو بالأحرى تلك التي أفاء الله عليها من خيرات الطبيعة وثرواتها الشيء الكثير، تُنزّه نفسها عن الخوض في الأمر، فتُفضّل المساهمة في تكلفة بناء ما دمّره إعصار هارفي في الولايات المتحدة بمليارات الدولارات رغم أن ضحاياه لا يتعدّون عدد رؤوس الأصابع، ثم هي لا تُبصر ولا تَسمع ما يجري من مذابح مروّعة ضد الآلاف من مسلمي الروهينغا.

وإذا أردنا أن نُعدّد المجالس واللجان والجمعيات التي تُعنى ظاهرياً بما هو إسلامي وتنضوي تحت راية منظمة التعاون الإسلامي الميتة سريرياً، لن ننتهي من العدّ إلى يوم الغد، ويَعلم الجميع أن هيئة واحدة من بين كل هذه المؤسسات لم تُكلّفْ نفسها عناءَ عَقْد مؤتمر طارئ، ولعل ما يجمعها ويُوحّدها على طاولة واحدة أو مائدة واحدة بمعنى أصح، هي تلك الولائم الراقية والحفلات البهيجة التي تمتد لأيام عديدة لا ينقطع فيها الأكل والشرب والمرح، ثم يستقلُّ كل واحد طائرتَه الخاصة ويعودُ من حيث جاء بعد أن خَدَم القضايا الإسلامية أعظم خِدمة!

وأين جامعة الدول العربية مما يحدث للمسلمين في بورما؟ أم أن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، فهي جامعة عربية لسانُ أهلها الضاد، ولا يشغلها الشأن الإسلامي عموماً بأيّ حال من الأحوال، ثم ماذا سيضير الدول العربية لو هي أقدمت مجتمعةً على وقف إنتاج النّفط ولو لسويعات قليلة؟ أليس من شأن ذلك أن يوقظ العالم من سُباته العميق ليرى غصباً عنه فضيحةَ أمّة تُباد بأبشع الطرق لا لشيء سوى لأنها أقلية مسلمة تعيش وسط غابة من البوذيّين من عبّاد الفئران والقمّل والصراصير أعزنا الله وإياكم!

إذا كان المنتظم الدولي المعتوه لا يعرف سوى لغة الضغط الاقتصادي والتجاري فلنعطّل هذه التجارة، ولو لفترة وجيزة، ولنضربْ أسواق النفط العالمية في مقتل وإن كلّف الأمر تضحيات مالية جسيمة، فهي لا تُساوي شيئاً في سبيل رُضّع يُقذفون أحياء في نار ملتهبة إن كنّا نملك ذرة نخوة واحدة نعتز بها.

لماذا لا يتم إلغاء كل اتصال أو تقارب أو تعارف مع الساسة البوذيين الذين يملأون عقولَ الشباب العربي اليائس بأفكار إلحادية في إطار ما يُسمى بسياسة الانفتاح على حضارة الآخر، فليذهبوا إلى الجحيم هُم وحضارتهم ومعتقداتهم، ولتُلغَ أية اتفاقيات أو مؤتمرات تصبّ في نفس الوادي، ولا بد من توقيع عريضة مليونية تقضي بالطعن في جائزة نوبل للإجرام الدولي التي يُسمونها جائزة نوبل للسلام الممنوحة ظلماً وسفالةً لزعيمة البوذيين المسؤولة المباشرة عن المذابح ضد المسلمين.

ثم لماذا لا تُرسل قوات عربية مشتركة إلى ميانمار لوقف إبادة المسلمين هناك؟ ما الفرقُ بينها وبين القوات التي بُعثتْ لتُقاتل في اليمن والعراق ضِمن تحالفٍ عربي قلّ نظيره، هل كان ذلك بضوءٍ أخضر من الأمم المتحدة؟

حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان والأقليات خارج سِياج أميركا وأوروبا فالكلمة تفقدُ معناها وتُفرغ من مُحتواها تماماً، وعلينا أن لا نثقَ بأكذوبة حقوق الإنسان التي يُروّجون لها في كل وقت وحين، مفتخرين بها أشد الافتخار، فأصحابُ هذه الكذبة المدوّية قد قَتلوا من قبل أضعاف أضعاف ما يُقتل اليوم في بورما، بل هم أساتذتهم وكبراؤهم الذين علمّوهم القتل والتشريد والاغتصاب، ثم بين ليلة وضحاها يُصبحون دعاة الأمنِ والسلام في العالم.. خَسئتم!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد