رفضت تلقِّي العلاج الكيماوي وفضَّلت الموت بالسرطان كي تستطيع إنجاب طفلها.. قصة أميركية ضحت بنفسها ليعيش جنينها

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/11 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/11 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش

بدأت تشعر بالصداع في مارس/آذار. ولم تهتمَّ كثيراً بالأمر، حيث كانت تظن أنه صداع نصفي حتى بدأ القيء المتكرر.

وأظهرت الفحوص الأولية وجود ورم بمخ كاري ديكلين. واتضح من خلال المزيد من الفحوصات أنه ورم سرطاني بالغدد الليمفاوية، لكنه قابل للعلاج. ومع ذلك، كشف اختبار علم الأمراض عن إصابتها بمرض أكثر شراسة. فقد كانت والدة الأطفال الخمسة، البالغة من العمر 37 عاماً، من يومينغ بولاية ميشيغان، مصابة بورم أرومي، وهو أحد أخطر الأورام السرطانية التي تصيب المخ. وإذا ما حالفها الحظ، يمكنها أن تظل على قيد الحياة 5 سنوات أخرى فقط، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وقال زوجها نيك ديكلين إنه تم استئصال الورم خلال عملية جراحية أُجريت لها في أبريل/نيسان الماضي. وقبل مرور أقل من شهر واحد، تلقى الزوجان أنباء صادمة. فقد عاد المرض لكاري، كما أنها أصبحت حبلى في الأسبوع الثامن.

خياران فقط

ولم يكن أمامهما سوى خيارين. كانا يستطيعان إطالة عمر كاري بعض الوقت من خلال العلاج الكيماوي، لكن ذلك يعني إجهاضها. وكان الخيار الآخر هو الاحتفاظ بالطفل، لكن كاري لن تعيش طويلاً حتى تراه، وفق الصحيفة.

كان خياراً صعباً على الزوجين ديكلين، اللذين كان لديهما إيمان قوي. وبعد إجراء الجراحة الثانية لاستئصال الورم الذي عاود الظهور، عاد الزوجان إلى المنزل وهما يعلمان أن حياتهما ستنتهي بعد شهور قليلة، أي بعد 34 أسبوعاً آخر. وذكر نيك أن زوجته لا تريد أن تعيش سوى تلك الفترة.

وفي نهاية يونيو/حزيران، عاود الورم الظهور مرة أخرى، لكن في هذه المرة، لم يكن هناك إمكانية لإجراء أي جراحة. وأخبر الأطباء الزوجين بأن كل ما يستطيعون فعله هو سحب السوائل المتجمعة داخل مخ كاري؛ لتخفيف حدة الألم.

وعادت كاري سريعاً إلى مستشفى جامعة ميشيغان منتصف يوليو/تموز. وكانت تصرخ من شدة الألم والتشنجات. وكانت تلك هي المرة الأخيرة لها قبل أن تفقد وعيها.

وقال نيك، بحسب ما ذكرت واشنطن بوست: "قالوا إنها أُصيبت بسكتة دماغية وتراكمت السوائل داخل جمجمتها ولم تجد تصريفاً".

كانت كاري حاملاً بالأسبوع الـ19 في ذلك الحين. وقال نيك إن الأطباء أخبروه بأنهم سيبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على الجنين. ومع ذلك، ربما لن تفيق كاري ثانية. وإذا ما أفاقت، فربما لن تتعرف على أُسرتها. فقد عانت تلفاً بالغاً بالمخ جراء إصابتها بالسكتة الدماغية. وعلى مدار الأسابيع العديدة التالية، سيحافظ أنبوب التغذية وجهاز التنفس الاصطناعي على حياة الأم والجنين معاً.

وأصيبت كاري بسكتة دماغية أخرى بعد أسبوعين. وقال نيك إن مخ كاري قد تورم حتى إن الأطباء اضطروا إلى نزع جزء من الجمجمة.

وحينما وصل الحمل إلى الأسبوع الـ22، لم يكن طفلها ينمو بالسرعة الكافية، حيث بلغ وزنه 378 غراماً أو تسعة أعشار الرطل فقط. ويجب أن يصل الجنين إلى وزن 500 غرام على الأقل؛ حتى يتمكن من البقاء على قيد الحياة، بحسب ما ذكره نيك.

وانقضى أسبوعان آخران وجاءت الأنباء السارة. فقد وصل وزن الجنين إلى 625 غراماً، لكنه لم يكن يتحرك.

وذكر نيك أن أمامه خيارين. ولم يستطع القيام بشيء سوى أن يأمل أن يبدأ الجنين في التحرك ويواصل النمو. لكن ذلك يعني أن طفله قد يموت خلال ساعة واحدة. وكان الخيار الآخر يتمثل في الموافقة على إجراء جراحة قيصرية، وفضَّل نيك الخيار الأخير.

وُلدت ابنته لايف لين ديكلين في الساعة الخامسة والنصف من مساء الأربعاء وكانت تزن رطلاً و4 أوقيات. وذكر نيك أنه اختار الاسم مع زوجته قبل مرض كاري.

ذكرى حلوة ومرة

وقال: "كانت ذكرى حلوة ومرة؛ لأن زوجتي لم تكن مستيقظة. سوف ترحل عن هذا العالم. وبعد ذلك، ذهبت للجراح وقلت له إن زوجتي عانت بما يكفي من الآلام خلال الأشهر الخمسة الماضية".

وظلت كاري على قيد الحياة فترة وجيزة بعد أن فصل الأطباء أجهزة التنفس الاصطناعي عنها.

وقال نيك: "كنت أجلس بجوارها طيلة الوقت وأمسك بيدها وأقبّلها، وأخبرها بأنها قد أحسنت صنعاً. وقلت لها إنني أحبها وإنني سألقاها في الجنة".

وفي وقت مبكر من صباح الجمعة، قال نيك إن كاري فتحت عينيها ثم أغمضتهما ثانيةً وأطبقت يديها بشدة ثم توقفت عن التنفس. ماتت كاري في الساعة الرابعة والنصف صباحاً.

تم توثيق قصة كاري على إحدى صفحات موقع فيسبوك باسم "العلاج من أجل كاري" والتي اجتذبت أكثر من 16 ألف متابع. والآن، بعد ولادة ابنته بـ4 أيام ووفاة زوجته بيومين فقط، يقسم نيك وقته بين تنظيم إجراءات الجنازة وزيارة مولودته الجديدة، التي يتعين أن تبقى بوحدة الرعاية المكثفة بضعة أسابيع.

ويعيش نيك بصورة مؤقتة على مقربة من المستشفى. ويذهب في عطلات نهاية الأسبوع لزيارة أبنائه الآخرين الذين تبلغ أعمارهم 18 و16 و11 و4 وعامين في مدينة يومينغ التي تبعد مسافة ساعتين بالسيارة.

ولا يزال نيك، البالغ من العمر 39 عاماً، يخطط لمستقبل أسرته. وقال منذ 4 سنوات، إنه أسس شركة باعها في وقت لاحق لشقيقه. ومع ذلك، ففي الوقت الحالي، لا يوجد لدى نيك أي مصدر للدخل.

وقال: "رحلت زوجتي ولديّ 6 أبناء، 3 من بينهم تحت سن الخامسة. سأركز اهتمامي على ابنتي حالياً حتى تعود إلى المنزل. ولا أدري ما سأفعله بعد ذلك".

وقد جمعت إحدى صفحات التمويل الإلكترونية أكثر من 100 ألف دولار؛ لمساعدة الأسرة مساء الأحد. واستنكر نيك الانتقادات التي رفضت قرار الزوجين وقالت إن الاحتفاظ بالطفلة أظهر مدى غيرة الزوجة.

وقال نيك: "لقد ضحت بحياتها من أجل الطفلة". وأضاف: "أريد أن يعلم الناس أن زوجتي كانت تحب الرب وتحب أطفالها، وكانت تفضل احتياجات أي شخص على احتياجاتها.. وفضلت حياة طفلتي على حياتها".

علامات:
تحميل المزيد