بالتزامن مع الحملة الأمنية التي يقال إن السلطات السعودية شنتها على عدد من مشاهير الدعاة، هاجمت صحف سعودية هؤلاء الدعاة متهمة إياهم بـ"الترويج" لجمعيات خيرية قطرية، وضعتها دول الحصار على "قائمة الإرهاب"، ولكن يبدو أن التهمة الحقيقية غير ذلك.
فبينما انتقدت صحيفة الوطن على موقعها اليوم الإثنين 11 سبتمبر/أيلول 2017 مشاركة عدد من الدعاة السعودين الذين يحظون بشعبية واسعة خاصة بين أوساط الشباب في فعاليات وحملات نظمتها جمعيات خيرية قطرية معروفة في وقت سابق على الأزمة الخليجية التي بدأت في يونيو/ حزيران الماضي، ركزت الصحيفة في غالبية المقال على تغريدات الدعاة التي احتفت بالثورة المصرية وفشل الانقلاب في تركيا، مقابل ما وصفته بـ"صمت وتردد ومحاولة إمساك العصا من المنتصف"، من قبل هؤلاء الدعاة تجاه الأزمة مع قطر.
وأكد شقيق الداعية السعودي المعروف سلمان العودة أمس أن أفراداً من جهاز أمن الدولة جاؤوا إلى منزل الداعية مساء السبت واصطحبوه للتحقيق معه بسبب تغريدته الأخيرة، التي أشار فيها إلى الاتصال الهاتفي بين أمير قطر وولي العهد السعودي، وعلى إثر ذلك شارك نشطاء بشكل قياسي في هاشتاغ #اعتقال_سلمان_العودة.
وفي السياق ذاته ذكر حساب "العهد الجديد" على تويتر أمس أن قوة من الديوان الملكي السعودي اقتحمت منزل الداعية عوض القرني واقتادته إلى مكان غير معلوم، قائلاً "للمعلومية اتصل الديوان على الشيخين عوض والعودة وطلب منهما موقفاً ضد قطر. أجابهم الشيخان: لن نكون معكم. قالوا لهما: نعتقلكم. قالا: افعلوا ذلك"
وتأتي هذه الاعتقالات بعد تغريد الشيخين احتفاء بالمكالمة الهاتفية بين ولي السعودية وأمير قطر التي كان من المفترض أن تكون بداية حوار لإنهاء الأزمة.
وكانت وكالتا الأنباء القطرية والسعودية قالتا ليل الجمعة السبت الفائت، إن اتصالاً هاتفياً جرى بين الأمير تميم وبن سلمان، من أجل بدء الحوار سعياً لحل الأزمة الخليجية، قبل أن تصرح السعودية بعد ساعات من الاتصال عن تعطيل الحوار والتواصل مع قطر، لتعود الأزمة بذلك إلى نقطة الصفر.
كما تداول مقربون من الداعية علي العمري تغريدات تؤكد أنباء اعتقاله أمس.
تهمتهم "تركيا" و "مصر"
صحيفة الوطن صدرت مقالها بالقول "منذ بداية الأزمة الناشبة بين دول الخليج وقطر، تابع كثير من السعوديين حسابات عدد من الدعاة على مواقع التواصل، خاصة تويتر، مطالبين الدعاة بإعلان مواقفهم بعد صمت استمر طيلة الفترة الماضية في حين كانت حساباتهم تصدح بآرائهم أيام الثورة المصرية ومحاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا."
وفي لهجة هجومية قالت "الداعية ناصر العمر وعوض القرني وسلمان العودة لم يظهر أي منهم موقفه، ملتزمون بالصمت حتى اللحظة، ليكتفي الأخير بالتغريد بفيديوهات وهو يلاعب أطفاله بعد أن كان مندفعاً إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا مع غيره من الدعاة المذكورين آنفاً".
وتابعت "أما الداعية عادل الكلباني ففضل عدم التحدث بشأن الأزمة، وغرد في تاريخ 7/ 6/ 2017 قائلاً: لا تطلب مني رأياً فيما ليس لي فيه رأي"، مضيفة "كان للكلباني رأي لافت في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حيث غرد حينها قائلاً: فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، فغلبوا هنالك، وانقلبوا صاغرين #فشل_الانقلاب_في_تركيا. وغرد الكلباني في 18/ 12/ 2016 قائلاً: صغيرة الحجم قوية العزم، إنها قطر، في الخير كالمطر #اليوم_الوطني_القطري".
واعتبرت الصحيفة على لسان أحد مصادرها أن "صمت" هؤلاء الدعاة تجاه الأزمة مع قطر "خيانة وليس حكمة"، مقارنة إياه بتفاعلهم مع تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي رئاسة مصر في العام 2012 وفشل الانقلاب في تركيا في العام 2016.
العريفي "تاجر"!
يبدو أن حملة الإعلام السعودي التي قد تمثل محاولة لتأليب الرأي العام على الدعاة ومنح غطاء إعلامي للحملة الأمنية ضدهم، لم تتوقف عند الدعاة المعتقلين فقط، فحتى الشيخ محمد العريفي الذي غرد معلناً دعمه للموقف السعودي ومطالباً قطر بفتح صفحة جديدة مع جيرانها، لم يسلم من تلك الحملة كذلك.
حيث انتقدت صحيفة الوطن "تأخر" العريفي في إعلان موقفه قائلة "غرد الداعية محمد العريفي يوم 16/ 6/ 2017 عند الساعة الـ3:58 صباحاً، قائلاً: أقول لإخوتي وأبنائي لا حياد ضد من يكيد للمملكة التي شرفها الله بمهبط الوحي وقبلة المسلمين والجهاد بالكلمة دفاعاً عن وطننا في المرحلة واجب.
وأضاف: أدعو الإخوة بقيادة قطر لانتهاج سياسة صادقة بتعاملها مع السعودية وكافة الدول، وفتح صفحة جديدة قوامها صدق التعامل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية".
واستنكرت الصحيفة أن تأتي التغريدة بعد 23 يوماً من الأزمة، بينما هاجمت صحيفة عكاظ العريفي في مقال اليوم الإثنين 11 سبتمبر/أيلول واصفة إياه بالإتجار و"استغلال متابعيه للكسب الإعلاني".
وقالت الصحيفة أن هاشتاغ #العريفي_يتاجر_بالدين قد تصدر أمس كترند تويتر، بعد تثبيت الدكتور محمد العريفي تغريدة كان نصها: "للإعلان في حسابات التواصل الاجتماعي وقناة العريفي الفضائية وقناة اليوتيوب وغيرها يمكن التواصل على الرقم المحدد".
وكان من اللافت أن العناوين التي صدرت بها هذه الصحف انتقاداتها، ابتعدت تماماً عن ذكر الموقف الرسمي من هؤلاء الدعاة الذين انتشرت الأنباء عن اعتقال بعضهم، محاولة رسم صورة إعلامية تفيد بـ"إسقاط" شعبيتهم لدى جمهورهم الواسع.
حيث يتجاوز متابعو حساب د.عوض القرني المليوني متابع، والعريفي 19 مليوناً، وناصر العمر 5 ملايين، 600 ألف تقريباً، والعودة 14 مليوناً.
خاشقجي يدافع
في مقابل هذا الهجوم الإعلامي السعودي، أبدى الإعلامي السعودي المعروف جمال خاشقجي، استنكاره للأنباء التي تتردد عن اعتقال الدعاة قائلاً في تغريدة "لا أصدق أنه جرى #اعتقال_الشيخين_عوض_القرني_والعودة ، بلادنا ورجالها لا يستحقون ذلك ولا تعرف أجواء الاعتقال والتخويف ، لابد أن هناك سوء فهم".
لا اصدق انه جرى #اعتقال_الشيخين_عوض_القرني_والعودة ، بلادنا ورجالها لا يستحقون ذلك ولا تعرف اجواء الاعتقال والتخويف ، لابد ان هناك سوء فهم .
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) ١٠ سبتمبر، ٢٠١٧
وتابع في تغريدة تالية بعدها بأقل من ساعتين "هل تذكرون يوماً كنّا نشتفي بمن يعتقل وندعو لاعتقال المزيد؟ مالذي أصابنا؟ اللهم ألطف بسعوديتنا".
هل تذكرون يوما كنّا نشتفى بمن يعتقل وندعو لاعتقال المزيد ؟ مالذي اصابنا ؟
اللهم الطف بسعوديتنا .
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) ١٠ سبتمبر، ٢٠١٧