تعديل شامل لرؤية 2030.. فبماذا سيفاجئ محمد بن سلمان السعوديين هذه المرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/07 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/07 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش

بعد أن تم الترويج لها بشكل أسطوري، وسط تخوفات العديد من المراقبين تعيد المملكة العربية السعودية صياغة خطتها الرئيسية للإصلاح، بعد مرور أكثر من عام على عملية إطلاق رؤية السعودية 2030.

وتشير هذه الخطوة إلى أنَّ الرياض ربما أدركت أنَّ بعض أهداف برنامج التحول الوطني، الذي شكل محور جهود ولي العهد السعودي وورقته الرابحة التي روج بها لعهده المقبل، كانت غير واقعية أكثر مما ينبغي.

وتعكف الحكومة، منذ يوليو/تموز 2017، على إعادة صياغة برنامج التحوُّل الوطني، الذي يسعى لإصلاح الاقتصاد المعتمد على النفط.

ما الذي سيتغير؟


ومنذ بزغ نجمه في السنوات الأخيرة، أرجع مراقبون إلى بن سلمان حالة التخبط التي تمر بها المملكة على عدة أصعدة، كالتورط في اليمن، وإشعال الأزمة مع قطر، وأخيراً تأت رؤية 2030 التي سيعاد صياغتها، الأمر الذي يثير المزيد من قلق السعوديين ومدى استعدادهم لتقبل هذه التغيرات وأثارها على مستقبل البلاد.

وتذكر وثيقةٌ سعودية داخلية، اطَّلعت عليها صحيفة فابننشيال تايمز البريطانية أنَّ الخطة المُعدَّلة، المُسمَّاة برنامج التحوُّل الوطني 2، سوف "تُعدِّل مبادراتٍ موجودة وتضيف أخرى جديدة".

وتضيف الوثيقة: "سيستمر المدى الزمني لبرنامج التحوُّل الوطني حتى 2020، لكنَّ البرنامج يقتضي إنجاز أهداف لعامي 2025 و2030".

وجرى نقل إصلاحات كانت تقع ضمن نطاق برنامج التحوُّل الوطني إلى برامج أخرى، وذلك في ظل سعي الحكومة لوضع جدول أعمال يمكن إدارته بصورةٍ أسهل.

وشملت العناصر الأساسية في البرنامج الأصلي خصخصة أصول حكومية، وخلق 1.2 مليون وظيفة في القطاع الخاص، وتخفيض مُعدَّل البطالة من 11.6% إلى 9% بحلول عام 2020.

أمَّا الخصخصة الجزئية لشركة النفط العربية السعودية (أرامكو)، فتقع خارج نطاق برنامج التحوُّل الوطني، لكنَّها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لخطط الأمير محمد الكلية.

ولا توجد إشارات على أنَّ عملية إعادة صياغة برنامج التحوُّل الوطني ستؤثِّر على عملية الطرح العام الأولي لـ5% من أسهم أرامكو، والتي من المُزمَع أن تجري العام المقبل 2018.

لكنَّ البرنامج الأوسع المُتعلِّق بالخصخصة، إلى جانب مبادراتٍ أخرى مثل توفير مساكن بتكاليف ميسورة أكثر وإصلاح القطاع المالي، سيجري تنفيذه خارج نطاق برنامج التحوُّل الوطني، وسيخضع لإشراف وزاراتٍ مختلفة.

وسيكون "برنامج التحوُّل الوطني 2" واحداً من بين البرامج التي تُسمَّى "برامج تحقيق الرؤية"، التي يقع على عاتقها مهمة تحقيق أهداف الأمير.

مغامرة بن سلمان


وقال مستشارٌ حكومي: "يُعَدُّ هذا اعترافاً بأنَّ كثيراً للغاية من تلك الأهداف كانت مُغامِرةً أكثر مما ينبغي، وربما يكون لها تأثير كبير للغاية على الاقتصاد".

وأُطلِق برنامج التحوُّل الوطني الأصلي، في يونيو/حزيران 2016، وأشرف عليه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي الذي يترأسه الأمير محمد بن سلمان، الذي وكان ولياً لولي العهد، ثم أصبح ولياً للعهد بعد إزاحة محمد بن نايف.

وقال مستشارٌ يعمل مع الحكومة السعودية، إنَّ عملية إعادة الصياغة أمرٌ لا مفر منه، بالنظر للصعوبات التي تعانيها بيروقراطية الدولة، من أجل تلبية الأهداف المطلوب تحقيقها، خلال فترة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات.

انتقادات


ومن الأمور اللافتة في رؤية 2030 قولها "لن نفرض على المواطن أي ضريبة على الدخل أو الثروة"، وهو ما أثار انتقادات، خاصة أن الخطة ترمي لتقليل العجز في الموازنة جراء انخفاض أسعار النفط.

كما يشير سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة بمعهد واشنطن، إلى أن هناك تحدّيين سياسيين يلوحان في الأفق بالنسبة للخطة؛ أولاً، سوف تكون طبقة رجال الأعمال السعوديين والتكنوقراط المستفيدة الرئيسية من "رؤية السعودية 2030".

وثانياً- بحسب هندرسون- يُعتقد أن الأمير محمد بن سلمان لا يتمتع بدعم كلي تام داخل العائلة المالكة، فبعض الأمراء يعتبرونه متهوراً وعديم الخبرة.

ويضيف هندرسون "لجذب المستثمرين الأجانب، ستحتاج المملكة إلى التحلي أيضاً بقدر أكبر من الشفافية حول المعلومات التي تنشرها، على سبيل المثال، تشير البيانات الحكومية أن ثلثي سكان البلاد، البالغ عددهم 30 مليون نسمة هم سعوديون وثلثهم مغتربون، إلا أن بعض الخبراء يعتقدون أن النسبة هي عكس ذلك بالضبط، الأمر الذي يقوّض الأساس الذي تقوم عليه خطط الرياض المعلن عنها حول السكن والاحتياجات التعليمية".

قلق مصرفي


وشعر مصرفيون أيضاً بالقلق من تركيز جهود الإصلاح بصورةٍ أكبر من اللازم على التدابير الهادِفة لزيادة الإيرادات، مثل زيادة الضرائب وتخفيض الدعم، بدلاً من التركيز على مبادرات تعزيز النمو، حسب فايننشيال تايمز.

ويتوقَّع صندوق النقد الدولي أن يصل النمو الاقتصادي للمملكة هذا العام إلى 0.1% فقط، متراجعاً عن نسبة 1.7% في عام 2016.

وقال مستشارٌ حكومي آخر، إنَّ "المرونة شيءٌ مهم، لكنَّ تغيير القواعد والأساليب ليس عادةً صحية".

وسيُركِّز برنامج التحوُّل الوطني الجديد على الإصلاحات في البيروقراطية الحكومية، مثل تحسين إنتاجية الموظفين الحكوميين وتعزيز الشفافية. وستتضمَّن أهدافه أيضاً زيادة المشاركة النسائية في قوة العمل، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ووفقاً للوثيقة، لن تُعرَف التفاصيل الكاملة للتعديلات، حتى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، وهو الوقت الذي يُفتَرَض أن يُقدِّم فيه المسؤولون الوثيقة النهائية.

تحميل المزيد