أصحاب النمط الواحد.. نحن لا نحبكم

يحدث كثيراً في هذا العالم أن تدخل في نقاش سفسطائي، بدون هدف، بدون نتيجة، فقط من أجل إثبات الأنا، تركيع الآخر، فرض ما لا يجب أن يفرض، صراع ديكة لا أقل ولا أكثر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/01 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/01 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش

يحدث كثيراً في هذا العالم أن تدخل في نقاش سفسطائي، بدون هدف، بدون نتيجة، فقط من أجل إثبات الأنا، تركيع الآخر، فرض ما لا يجب أن يفرض، صراع ديكة لا أقل ولا أكثر.

ويحدث كثيراً أيضاً أن تحاول أن تكون منطقياً، عقلانياً، في حوارك، في دفاعك المستميت عن وجهة نظرك، التي هي في مجمل الأحوال، فكرة تحتمل الوجهين؛ الصواب كما الخطأ.

كل هذا إيجابي إلى حد ما، يُغني النقاش، يفتح قنوات الحوار والتواصل، ييسر سبل الإقناع، بدون إكراه، ويؤدي بديهياً إلى تراكم رصيد معرفي، يغني الذات، يكون حساً نقدياً، وينتج فرداً واعياً ومسؤولاً.

إلا أن ما يعكر صفو هذه الترنيمة البديعة، ويشل حركية هذه الشاعرية الحالمة، هو ذلك الفكر الأحادي، ذلك الرأي الوحيد، الذي ينهل من التراث، من الماضي، الذي لا يرى سبيلاً آخر للنجاة، غير هذا الطريق، فهو ينكر أي تجديد، أي تحديث، ويعتبر ذلك تطاولاً على المقدسات، ويحذر من أي تشذيب أو تقليم لأفكار بدا يظهر جلياً أنها غير صالحة لكل زمان ومكان.

لهذا تراه يصف بأعتى النعوت، كل من سولت له نفسه، الاقتراب من تلك المقدسات، في محاولة لتأليب العوام عليه، كأنه هو الضامن الوحيد، الفاهم الحذق واليقظ، الذي بيده مفاتيح العالم الآخر، فتجده يوزع صكوك الغفران زوراً وجهلاً وبهتاناً.

هذا الفكر الأحادي، الأصولي، يحاول جاهداً أن يفرض نمطاً واحداً، سلوكاً واحداً، طريقة عيش واحدة، فهم واحد، طموحات واحدة، أهداف واحدة، استجابة لفهم واحد ووحيد لنص ديني.

غير أن ما يكسر جوهر هذا الفكر ودعاته من أساسه، هو ذلك الفرق والتناقض الصارخ بين الخطاب الذي يتم الترويج وحشد العوام له، وبين التطبيق، الذي يعتبر المعيار الحقيقي لقياس قيمة ما قيل، باعتبار الواقع له حيثيات، بعيدة كل البعد، عن ذلك الكلام العاطفي، الذي يتم التنظير له من برج عاجي، والذي يظهر خطأه جلياً، كل مرة في زلات القياديين، التي لا تغتفر، والتي تجد للأسف دائماً وأبداً مبررات أفظع من الزلات.

أعتقد أنه آن الأوان لرفع الحجْر (بتسكين حرف الجيم) على الإنسان، وترك الوصاية عليه، باعتباره ذاتاً قاصرة، في حاجة دائمة لمن يوجهها، ويحدد لها خارطة عيش وحياة، بل وجب إمداده بكل الوسائل الضرورية من تعليم جيد، خدمات جيدة، فرص جيدة للحياة، حقوق شرعية، حتى تكتمل الصورة عنده، ويصير ذاتاً واعية ومسؤولة، قادرة على تحمل اختياراتها بإيجابياتها وسلبياتها، في إطار سليم وسلس من احترام للحريات الفردية في شموليتها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد