في كل عام يستعد حسن باجنيد، وهو شاب يمني مقيم في مدينة جدة، للانتقال إلى المشاعر المقدسة للعمل في الإشراف على خدمة الحجاج، من خلال إحدى مؤسسات خدمة حجاج الداخل.
الميزة الأساسية التي يتيحها هذا العمل في تلك المؤسسة هي فرصة أداء مناسك الحج، دون الحاجة للحصول على تصريح ودفع الرسوم.
فالإصرار المستمر لبعض الناس على أداء فريضة الحج قد يدفعهم إلى ابتكار حيل جديدة للولوج إلى مكة بصورة غير نظامية، من بينها لجوء أفراد للعمل في مؤسسات خدمة الحجاج، من أجل ارتداء ملابس الإحرام والتنقل مع الحجاج بين المشاعر المقدسة.
إلا أن هذا العام ليس كغيره من الأعوام السابقة، فقد امتنعت المؤسسة التي يعمل بها حسن عن السماح لموظفيها بأداء مناسك الحج، وذلك استناداً إلى التصاريح التي بحوزتهم، التي تشير فقط إلى أنهم مخولون للدخول إلى مكة والمشاعر المقدسة، بصفة عملهم فقط، وليس مسموحاً لهم بأداء النسك دون الحصول على التصريح الخاص بأداء الحج.
هذا القرار كان السبب المباشر خلف عدوله عن الذهاب للعمل في الحج لهذا العام.
يقول باجنيد لـ"عربي بوست"، إنه سيكتفي بالمرات التي أدى بها مناسك الحج في الأعوام السابقة خلال عمله في موسم الحج.
وأضاف: "من الضروري أن أوضح أن ما قمتُ به سابقاً ليس مخالفاً للقانون، حيث تمنع الجهات الأمنية الحجاجَ غير النظاميين من الدخول إلى المشاعر، في محاولة للقضاء على ظاهرة الافتراش على الأرض، لأنهم ليس لهم مخيم يقيمون به خلال أيام الحج، بينما كنت أحظى بخيمة أقيم بها مع زملائي ممن يعملون معي في موسم الحج".
البعض يلجأ لحيلة أخرى، عبر بقائه داخل مدينة مكة بفترة كافية قبل انطلاق موسم الحج ونصب الشرطة لنقاط التفتيش في الطرق المؤدية إلى مكة، للحيلولة دون دخول من ليست لديهم تصاريح الحج إلى العاصمة المقدسة.
إلا أن الأغرب هو اضطرار بعض الحجاج للتنكر بزي امرأة، كإحدى وسائل التخفي من رجال الأمن، وذلك بالرغم من أن تلك الوسيلة قد يسهل كشفها في حال التثبت من هوية المتنكرين، فحتى النساء من الحجاج ملزمات بإبراز تصاريحهن بمجرد الوصول إلى النقطة التفتيشية.
ونقلت تقارير عن الأجهزة الأمنية إحباط عمليات تهريب حجاج "متنكرين بملابس نسائية" إلى داخل المدينة المقدسة، عبر عدد من المنافذ البرية، وذلك دون الإفصاح عن هوياتهم.
وقد أكدت الأجهزة الأمنية السعودية، في أكثر من مناسبة، رصد أساليب مختلفة.
ابتكار تلك الحيل أو غيرها من الوسائل للوصول إلى مكة يهدف في الأساس إلى تجاوز نقاط التفتيش، التي ازدادت ضراوتها في السنوات الماضية، التي تأتي متزامنة مع إطلاق حملات "لا حج دون تصريح"، التي تهدف إلى توعية الحجاج باتِّباع الإجراءات النظامية لأداء مناسك الحج.
البقاء في مكة قبل بدء موسم الحج
تلك حيلة أخرى قد تجدي مع الحجاج غير النظاميين، في حال كنت من سكان مدينة جدة، إذ يمكنك الانتقال إلى مكة قبل نصب النقاط الأمنية في الطرق المؤدية إليها.
فبعد دخولك إلى مكة، قد لا تصادف حواجز أمنية أخرى لفحص أوراقك الشخصية أو تصريح الحج.
وهو الأمر الذي يؤكده صلاح الصبان، الذي يعمل مراقباً للجودة في إحدى مؤسسات خدمة الحجاج في مكة.
وقال الصبان لـ"عربي بوست"، إنه في العادة لا توجد حواجز أمنية داخل المشاعر المقدسة، منى وعرفات ومزدلفة، فإن تسنَّت لك الفرصة للدخول إلى مكة قبل نصب الحواجز الأمنية في الطرق المؤدية إلى مكة، فيمكنك إذن أداء مناسك الحج.
وحذَّر الصبان في الوقت ذاته من تنوع التكتيكات التي تتَّبعها الجهات الأمنية في رصد تلك المحاولات، فيمكن لأي رجل أمن التوجه فوراً لدى الحجاج المفترشين أرضاً وسؤالهم عن تصاريحهم لأداء مناسك الحج.
وفي حال لم يكن لديك ذلك التصريح، فسيتم أخذ بصمتك وتسجيلك كحاج غير نظامي، لتواجه العقوبات بعد عودتك من الحج، على حد قوله.
نظام جديد
وكان مركز المعلومات الوطني، بالتعاون مع "الأمن العام"، أطلق نظام الخصائص الحيوية المتنقل، من خلال أجهزة ذكية تقدم العديد من الخدمات الإلكترونية لرجال الأمن في الميدان، ونقاط الفرز الأمنية، تتمثل في خدمة التأكد من تصاريح الحج والمسح الأمني للأشخاص المستهدَفين، وذلك بالتحقُّق بالبصمة أو من خلال رقم الهوية الوطنية، أو برقم هوية مقيم في وقت قياسي لا يتجاوز ثواني معدودة.
ويهدف النظام إلى تعزيز الإمكانات والقدرات التقنية لرجال الأمن في الميدان، ونقاط الفرز الأمني، من خلال توفير عدد من الأجهزة الذكية خلال موسم حج هذا العام 1438هـ، التي تحتوي على قارئات البصمات والهوية وكاميرا لالتقاط الصور، إضافة إلى أنه يَمْتَاز بسهولة الحمل.
ويَتَمَيَّز نظام الخصائص الحيوية المتنقلة بالعديد من المميزات، مثل أخذ الخصائص الحيوية لغير المسجلين، وإرسالها إلى نظام معالجة البصمات بمركز المعلومات الوطني، والتحقق من الأشخاص برقم الهوية الوطنية، أو برقم هوية مقيم في القوائم الأمنية، إضافة إلى أنه يَمْتَاز بعرض تقارير التسجيل التي تظهر العمليات التي قَامَ بها المشغل في النظام، وصلاحية التحقق من تصاريح الحجاج، بالإضافة إلى إمكانية إضافة مخالفة حج بدون تصريح، وتسجيلها مباشرةً في قواعد البيانات عبر ارتباطه بمركز المعلومات الوطني، كما أنه يتيح للمشغلين الدخول بالبصمة في النظام.