لا عيد هذا العام في الحسيمة.. هذا ما قرره سكان المدينة التي تعتبر عاصمة حراك الريف شمال المغرب. قرار جاء احتجاجاً منهم على خلو لائحة العفو الملكي من أسماء أبنائهم المعتقلين على خلفية مشاركتهم في مظاهرات للتنديد بسوء الأوضاع في مدينتهم والمطالبة بتحسين جودة الخدمات فيها.
فرحة لن تتم
يوم 20 أغسطس/آب كانت أسر معتقلي حراك مدينة الحسيمة شمال المغرب في انتظار بلاغ وزارة العدل على أحر من الجمر. البلاغ سيضم لائحة المستفيدين من العفو بمناسبة عيد ثورة الملك والشعب والأسر تمني نفسها أن تجد في اللائحة أسماء أبنائها أخيراً بعد اعتقال تجاوز الثلاثة شهور.
صدرت اللائحة لكنها لم تضم اسماً واحداً من أسماء قادة الحراك لتكون خيبة الأسر كبيرة. الخيبة ستجعلهم يجتعون فيما بينهم ليقرروا في شكل احتجاجي يوصل صوتهم إلى القيادة المركزية في الرباط، ليستقر قرارهم في النهاية على الاتفاق على مقاطعة عيد الأضحى لهذه السنة رغم أهميته الكبرى اجتماعياً ودينياً عند المغاربة.
أعلنت العائلات إذن مقاطعتها للعيد تضامناً مع أبنائها القابعين في سجون مدينة الدار البيضاء بعيداً عن أهلهم بمئات الكيلومترات، تحت شعار "لا عيد لنا ومعتقلنا وراء القضبان"، ومن بين العائلات المقاطعة عائلة القيادي في الحراك نبيل أحمجيق الملقب ب"دينامو الحراك" التي أعلنت تأكيد المقاطعة عبر تأكيد أخ المعتقل محمد أحمجيق على صفحته في فيسبوك حيث نشر قائلاً: "تعلن عائلة المعتقل السياسي نبيل أحمجيق القابع بسجن عكاشة أنها تقاطع شعيرة عيد الأضحى تحت شعار: "لا عيد لنا ومعتقلنا وراء القضبان".
أسرة المعتقل محمد الهاني بدورها أكدت عزمها على عدم شراء أضحية عيد الأضحى، فالعيد بالنسبة لها فرحة وهو الشعور غير الحاصل حالياً بسبب اعتقال ابنها وغيابه عن طقوس العيد، حيث صرحت قائلة "لا عيد لنا من دون إطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي الريفي جميعاً، ونعتبر أية خطوة من جانبنا لنحر كبش العيد هي بمثابة نحر معتقلنا محمد الهاني الذي تولى هذا العمل منذ وفاة رب الأسرة، ونحر معتقلينا كلهم".
"الرفاق" يتضامنون
مقاطعة طقوس العيد لم تقتصر فقط على عائلات المعتقلين، فقد التحق بهم حتى قادة الحراك الذين اعتقلوا ثم أطلق سراحهم في عفو سابق. من أبزر المتضامنين فنانة الحراك سليمة الزياني الملقبة بسيليا، التي كتبت على صفحتها في فيسبوك قائلة إن عائلتها هي الأخرى قررت مقاطعة شعيرة العيد تضامنا مع المعتقلين: "والدي أمحند زياني يعلن تضامنه مع عائلات المعتقلين السياسيين الأبرياء على خلفية الحراك الشعبي بالريف، ولن يحس بعائلات المعتقلين إلا من جرب الإحساس".
القيادية نوال بنعيسى انضمت للمقاطعين رغم أنها تتأسف لكون أطفالها لن يفرحوا في العيد كما في كل سنة "أتأسف لأطفالي الصغار الذين اعتادوا على فرحة هذه الشعيرة الدينية ولكننا في بلاد الظلم، تقتل الفرحة في قلوبنا فشخصياً لا أستطيع أن أفرح أو أمثل الفرح وأنا قلبي يحترق على إخواني الأبرياء في سجون العار".
والد الزفزافي لن يقاطع
"لن نقاطع العيد، لأن العيد لا يقاطع" هذا الرد الصادم هو جواب والد قائد الحراك ناصر الزفزافي الذي ذهب عكس ما قررته بقية العائلات وأكد أنه لا يستطيع مقاطعة عيد الأضحى "هناك من سرق منا فرحة العيد، ونحن لن نقاطع لأن العيد لا يقاطع؛ حقاً إن الحزن يملأ بيوتنا لكن عيد الأضحى لا أستطيع مقاطعته".
تهم ثقيلة
في نفس الوقت الذي كانت فيه عائلات المعتقلين تنتظر صدور قرار العفو عن أبنائها، صدر قرار قاضي التحقيق بإحالة 32 منهم على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام استناداً على الفصل 201 من القانون الجنائي.
المحامي محمد أغناج عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الريف أوضح في اتصال مع موقع الأول الإخباري المغربي أن قرار قاضي التحقيق "احتفظ عموما بنفس المتابعات المسطرة ضد المتهمين منذ بدء مسطرة التحقيق مع سبعة استثناءات، همت إسقاط بعض المتابعات (منها جنايات خطيرة مثل محاولة القتل، أو تهديد سلامة طائرة أو جنح مثل عدم التبليغ أو المشاركة في تنظيم مظاهرات) بحيث صرح قاضي التحقيق بعدم المتابعة بخصوصها في حق بعض المتهمين فقط".
المحامي أضاف أن النيابة العامة قامت باستئناف أمر قاضي التحقيق في هذا الشق، وينتظر أن يعرض هذا الاستئناف على الغرفة الجنحية التي ستبث في تأييد أمر قاضي التحقيق من عدمه، وبالتالي ستبث في ما إذا كانت هذه التهم ستسقط عن هؤلاء المتهمين أو ستضاف إليهم.
في انتظار صدور قرار النيابة يرفع أبناء وعائلات المعتقلين كل يوم صور معتقليهم مطالبين بإطلاق سراحهم ولسان حالهم يردد "عيد بأي حال ستعود يا عيد".