بدكن حرية؟!

هل يستطيع العربي الإفصاح عن قناعاته الدينية أو توجهاته الجنسية إن خالفت غالبية من حوله - أعني دون أن يهدر دمه ويعدم شنقاً أو رمياً بالرصاص أو ربما رجماً - أو على الأقل يعدم اجتماعياً بالنبذ من الأقارب والأصدقاء كما ينبذ القطيع الفرد المصاب بمرضٍ معدٍ؟!

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/24 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/24 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش

ما هي الحرية؟ وما هي أبرز مقوماتها؟ وهل يتمتع العربي بالحرية أو حتى يعي مفهومها؟!
هل يستطيع الابن انتقاد أبيه أو الزوجة انتقاد زوجها أو المواطن انتقاد حكومته أو الموظف انتقاد مديره أو حتى اتخاذ نهج منافٍ سياسياً أو اجتماعياً أو فكرياً؟

هل يستطيع العربي الإفصاح عن قناعاته الدينية أو توجهاته الجنسية إن خالفت غالبية من حوله – أعني دون أن يهدر دمه ويعدم شنقاً أو رمياً بالرصاص أو ربما رجماً – أو على الأقل يعدم اجتماعياً بالنبذ من الأقارب والأصدقاء كما ينبذ القطيع الفرد المصاب بمرضٍ معدٍ؟!

هل يستطيع العربي التعبير عن مشاعره تجاه من يحب؟! مجرد التعبير البسيط والصادق عن الحب قد يواجه بالعداء ويرمى بقلة الأدب والانفلات و"التقليد الأعمى للغرب" مهما بلغ من الطهر والسموّ والرقي والجمال! طبعاً قد تصل الأمور إلى القتل بداعي الشرف – لا أعلم من أطلق عليها جرائم الشرف ولا أريد القول بأنه ربما يستخدم مصطلحاً ينقصه – فيذهب دم الشاب أو الفتاة بفنجان قهوة وحكم مخفف يشجع الجاني على تكرار جريمته.

هل يستطيع الموظف العربي انتقاد مديره في العمل؟ أو ربما انتقاد سياسات الشركة دون أن يتم شخصنة الأمور تجاهه واتهامه في ولائه للشركة وحرصه على مصلحتها؟! أم أنه يجب أن يتحول لشخص متملق لاعق لأحذية المديرين ومقبل لأيديهم وربما مؤخراتهم؟! خاصة في ظل معدلات البطالة المرتفعة في المنطقة وصعوبة إيجاد فرص عمل.

هل يستطيع العربي أن يعبر عن آرائه السياسية بصراحة ووضوح؟! هل يستطيع أن ينتقد القرارات الحكومية ويتم الاستماع له والأخذ برأيه ربما؟ – أعني الاستماع له من غير أجهزة المخابرات – هل يستطيع العربي اختيار رئيسه أو حاكمه حقيقة ودون أن يتم الانقلاب على إرادته؟ هل يستطيع اختيار نوابه ووزرائه؟ هل يستشار العربي في القرارات المصيرية وأعني هنا الانتخابات والاستفتاءات الحقيقية التي تعبّر عن الشعب وليس تلك التي تنتهي بنسبة 99.99% ويملؤها التزوير والمال السياسي أم أن كل من له رأي يسجن أو ينفى أو يعدم ويتهم بالخيانة والعمالة والتعاون مع جهات خارجية لتدمير البلاد وإهلاك العباد؟! طبعاً من الجدير بالذكر هنا ما يحدث في سوريا ومصر تحديداً من قتل وسجن ونفي للآلاف بل الملايين نتيجة مجرد اختلافهم مع السلطة واعتراضهم عليها ومطالبتهم بالحرية والأسوأ أن تجد النظام ومؤيديه يقومون بأبشع عمليات التعذيب والتشويه للمعتقلين وتصوير تلك العمليات وعرضها بدم بارد وتغطية إعلاميي النظام المأجورين لذلك ودعمهم له والتجييش ضد خصوم النظام، بل وغسل الأدمغة لدعم تلك الأنظمة الفاسدة والمجرمة بعدد لا منتهٍ من البرامج والأغاني والمقالات التي تقلب الحق باطلاً وتصوّر الذئب حَمَلاً.

نحن بعيدون كل البعد عن الحرية ولا نرقى حتى لأبسط مستوياتها؛ حيث أفاد أحد التقارير السنوية لمؤسسة فريدوم هاوس عن الحقوق السياسية والحريات المدنية، أن السعودية والسودان والصومال وسوريا بين 12 دولة هي الأسوأ على الإطلاق في العالم، وأن نسبة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المصنفة في التقرير كدول "غير حرة" تتعدى الـ70 في المائة.

نحن في العالم العربي لا نريد المساواة بدول العالم الأول في الحريات، فذلك حلم بعيد المنال على الأقل في المدى المنظور، نحن فقط نود أن نحظى بالحريات المتوفرة للسجناء في أحد سجون إحدى الدول الاسكندنافية وكفى، وفي حال أردنا فعلاً الوصول لذلك، أو ربما أعلى من ذلك قليلاً علينا رفع منسوب الحريات، والبدء بتوعية الأجيال الناشئة في المدارس والجامعات حول حقوق الإنسان ومفاهيم الحرية والديمقراطية، ورفد المكتبة العربية بالكتب والمقالات والأفلام التي تحارب الديكتاتورية وتهاجم الاستبداد والقمع، وتسوق للانعتاق من قيود بالية أتت على شبابنا وطموحاتهم، فجعلتها مقتصرة على بيت بالأجرة وسيارة بالتقسيط!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد