مع إعلان السلطات المغربية رفضها تسليم عائلة الناشط في حراك الريف عماد العتابي، نتائج التشريح الطبي لجثته، رُسم منعرج جديد لهذه القضية التي ضجّت بها مدينة الحسيمة، حيث شهدت في 20 يوليو/تموز 2017، إصابة العتابي خلال الاحتجاجات التي اندلعت في أرجائها، قبل أن يتوفى الثلاثاء 9 أغسطس/آب متأثراً بجراحه، في المستشفى العسكري بالعاصمة الرباط.
في المحكمة الابتدائية بالحسيمة، برر وكيل الملك سبب رفض منح العائلة نتائج تشريح التقرير الطبي، بأن المحكمة ملزمة بالحفاظ على سرية التحقيق الذي فتحته السلطات لمعرفة سبب وفاة العتابي.
تشريح ثان للجثة
لكنّ ذاك السبب رفضته عائلة العتابي جملة وتفصيلاً، مصرّة على معرفة سبب وفاة ابنها خلال الاحتجاجات، فلجأت إلى هيئة الدفاع لتقديم طلب للوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الحسيمة، من أجل استخراج جثة نجلها وإجراء تشريح ثان، بالاستعانة بخبراء فرنسيين.
وكان 3 أطباء بالمستشفى العسكري الذي كان يقبع فيه العتابي خلال فترة إصابته، قد أشرفوا على تشريح جثة عماد بعد يوم من إعلان وفاته.
وقال محمد العتابي، شقيق عماد، في تصريح لـ"عربي بوست"، إن "أسرته استغربت قرار وكيل الملك، الذي رفض منحهم نتائج التقرير".
واستنكر محمد رفض إدارة المستشفى مدّ العائلة أيضاً بالملف الطبي الخاص بشقيقه، موضحاً أنه طالب الإدارة خلال فترة مكوث عماد بالمستشفى -والتي استمرت 20 يوماً- بالحصول على الملف، إلا أنها رفضت "بحجة أن إدارة المشفى ليس لها الصفة القانونية"، حسب قوله.
وطالب محمد، من خلال تدوينة على حسابه الخاص في فيسبوك، الثلاثاء 15 أغسطس/آب، من كل من يملك صوراً أو فيديوهات للحظة إصابة العتابي بأن يرسلها له في الخاص؛ لتعزيز طلب تشريح جثة عماد على يد خبراء أجانب لضمان حيادية التشريح.
وعاد الحراك مرة أخرى مساء الأربعاء 9 أغسطس/آب 2017، إلى شوارع إقليم الحسيمة في ريف المغرب، تزامناً مع جنازة عماد العتابي.
وشيَّع الآلاف من أبناء ريف المغرب جثمان العتابي في جنازة حاشدة، سرعان ما تحولت إلى مسيرة احتجاجية ضخمة فرَّقتها عناصر الأمن، ومنعتها من الوصول إلى وسط مدينة الحسيمة.
دفاع العتابي
ولم تتمكّن هيئة دفاع الراحل عماد العتابي، بدورها، من الحصول على أي خيط رفيع في ملف موكّلها، سواء خلال فترة وجوده في المستشفى أو عقب وفاته، وهو الأمر الذي اعتبرته الهيئة أمراً غير قانوني.
وكشف عبد الصادق البشتاوي، عضو هيئة دفاع المعتقلين، الموكل له متابعة ملف عماد العتابي، أنه زار وكيل الملك بابتدائية الحسيمة، وتقدم بطلب مباشر للحصول على تقرير التشريح الطبي، لكنه رفض مستعملاً العذر نفسه "سرية التحقيق".
وأضاف المتحدث في حديث لـ"عربي بوست"، أن "جميع طلبات هيئة الدفاع في قضية وفاة عماد العتابي قوبلت بالرفض، وحتى الملف الطبي، الذي من حق العائلة الاطلاع عليه؛ لمواكبة الوضع الصحي لابنها قيد حياته، حرمت منه".
وتقدم عبد الصادق البشتاوي بطلبين كتابيين، للحصول على نتائج تقرير التشريح الطبي الذي خضعت له الجثة، بالإضافة إلى تمكين هيئة الدفاع من الاطلاع على الملف الطبي الذي يفسر مرحلة مرض العتابي إلى حين وفاته.
وفيما يتعلّق بطلب إعادة استخراج جثة العتابي، أوضح البشتاوي أن طلب هيئة الدفاع يتضمن أيضاً الاطلاع على تسجيلات الكاميرات المثبتة في مكان إصابة العتابي، مع العلم أن هذه الكاميرات تم انتزاعها من مكانها بعد الحادث؛ الأمر الذي أثار شكوك العائلة والدفاع، بالإضافة إلى طلب الحصول على تسجيلات كاميرات مستشفى محمد الخامس بالحسيمة، الذي نقل له العتابي مباشرة بعد إصابته.
وجاء في طلب أسرة العتابي الاطلاع على نتائج الأشعة التي خضع لها العتابي، وتقرير العملية الجراحية، التي أجريت له على مستوى رأسه بعد أيام قليلة من إصابته، داخل المستشفى العسكري في الرباط.
وشهدت مدينة الحسيمة المغربية مسيرة احتجاجية الخميس 20 يوليو/تموز، دعا لها نشطاء من أجل الإفراج عن معتقلي حراك الريف، قبل أن تتحول إلى حالة كرٍّ وفرٍّ وسط مواجهات استُخدمت فيها قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع.
وحاصرت السلطات المغربية عشرات المتظاهرين الذين شاركوا في المسيرة، التي كان قائد حراك الريف المعتقل ناصر الزفزافي قد دعا لها في وقت سابق قبيل اعتقاله، فمنعتهم من الاستمرار في التظاهر وفرَّقتهم بالقوة.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، تشهد الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف شمال المغرب، احتجاجات . للمطالبة بـ"التنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد"