نحن لا نعيش ما دمنا نحلم بالحقوق

سنعيش حين تكون حقوقنا ميسرة لنا بشكل لا يدعنا نفني طموحاتنا وطاقة فترة شبابنا المليئة بالابتكار والأفكار والأحلام في الركض لاهثين وراء ما يجب أن نصل إليه، بمجرد بذلنا المجهودات المطلوبة في التعلم واكتساب المهارات؛ لأن العديد من العقول التي تتمتع بها مجتمعاتنا تكبح قدراتها حين تواجه كل هذا، أو ينتهي بها الحال مهاجرة لبلد تحترم فيه ميول الشباب ويوضع الشخص المناسب في المكان المناسب منذ الصغر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/11 الساعة 05:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/11 الساعة 05:18 بتوقيت غرينتش

العنوان ربما يدل على أن هذه التدوينة ستكون عبارة عن أسطر من التشاؤم والسلبية، لكن كل ما في الأمر أنني سأتحدث بواقعية، وسأثبت قدمي على الأرض بعيداً عن التحليق عالياً فوق غيوم الأحلام الوردية.

وكلامي بالتأكيد لن يكون موجهاً للكل، ولا يحكي باسم الكل، بل قد يجد فيه العديد منكم مجرد تفاهات بئيسة، لكنني متأكد من أن الكثير سيجد نفسه في أحد هذه السطور، أو على الأقل في مجرد كلمة.

جل أحلام الشباب صارت لا تتعدى حقوقاً بسيطة وشرعية، إذا أردنا التحدث عن "الأحلام الحقيقية" فلنعد إلى طفولتنا، إلى الفترة التي كنا فيها بريئين كوننا نرى العالم بأسره كذلك، ومع مرور السنوات تنكسر توقعاتنا وغاياتنا وأهدافنا الجميلة شيئاً فشيئاً، وتمتص الحقيقة السوداوية كل ألوان اللوحات التي رسمناها في خيالنا، فتذبل وتموت، ويرحل معها جزء منا للاعودة.

حينها، نكون قد اكتشفنا شيئاً من الواقع الحتمي الذي له طعم مر بشكل أكبر في أوطاننا خصوصاً، ويصير القرار بين أيدينا في أن نستمر في الحلم، أو أن نركض خلف أشياء أساسية، أشياء تعتبر حقوقاً، موهمين أنفسنا بأنها هي الأحلام، وبأننا إذا حققناها سنعيش الحياة المثالية السعيدة.

حين نحب شخصاً ما مثلاً، يصبح حلمنا أن نكمل حياتنا مع بعض، فتتجزأ من هذا الحلم الكبير أحلام أخرى، شقة أو منزل مناسب، سيارة، جمع المال الكافي لتغطية مصاريف الزفاف والأولاد مستقبلاً. وحتى وإن فعلت كل ذلك، ثم بدأت في رسم طريقك الشاق لتحقيق هذا الحلم البريء، قد تفاجأ بالنهاية التي قد تكون مأساوية لأسباب للأسف أصبح يجري بها العمل في مجتمعاتنا.

وحين تتمنى أن تصير شيئاً مختلفاً عن الكل، أن تمتهن ما حلمت به على الدوام، ستجد نفسك لا إرادياً تبتعد عن الطريق المؤدي لهدفك لأسباب لن تكفي تدوينة واحدة للحديث عنها.

هذان مثالان بسيطان من آلاف الأمثلة التي ترينا أننا لا نعيش، بل في طريق فهمنا الخاطئ للحياة نصير مجرد آلات لها تاريخ صلاحية، هذا في حالة لم تصب بعطل قبل ذلك.

سنعيش حين تكون حقوقنا ميسرة لنا بشكل لا يدعنا نفني طموحاتنا وطاقة فترة شبابنا المليئة بالابتكار والأفكار والأحلام في الركض لاهثين وراء ما يجب أن نصل إليه، بمجرد بذلنا المجهودات المطلوبة في التعلم واكتساب المهارات؛ لأن العديد من العقول التي تتمتع بها مجتمعاتنا تكبح قدراتها حين تواجه كل هذا، أو ينتهي بها الحال مهاجرة لبلد تحترم فيه ميول الشباب ويوضع الشخص المناسب في المكان المناسب منذ الصغر.

كل هذا لا يعني أنه لا توجد استثناءات، فكم من الشباب تجاوزوا كل العقبات في سبيل تحقيق أحلامهم ونجحوا، لكن، عن تلك العقبات نتحدث، فتخيلوا إن لم يواجهوا كل ذلك الكم من الصعاب ماذا كان بإمكانهم أن ينتجوا، هم وكل الشباب.. فقط تخيلوا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد