رغم إشادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بوزير الاتصالات في حكومته، أيوب قرة؛ لأنه "اتخذ عدة خطوات عملية لمنع (الجزيرة) من التحريض ضد إسرائيل"، بحسب تغريدة نتنياهو- فإنه لم يكن لأي من الخطوات المذكورة من قِبل قرة أي آثار عملية؛ فعملياً، سوف تستمر قناة الجزيرة في البث كالمعتاد، وفق صحيفة هآرتس العبرية.
وللتدليل على أن قرار إغلاق قناة الجزيرة ليس أكثر من "حبر على ورق"، راحت هآرتس تستعرض رحلة الوزير بين المكاتب والهيئات الحكومية في تل أبيب؛ سعياً لتطبيق القرار، والتي لم تؤت أي منها جدوى حتى نشر هذا التقرير.
المحاولة الأولى: إلغاء الاعتماد
التقى قرة رئيسي شركتي البث الرئيستين في إسرائيل؛ "Hot" و"Yes"، وكذلك المدير العام للوزارة، ميمون شليمة. ثم عقد مؤتمراً صحفياً بشأن هذا الموضوع.
كانت الخطوة الأولى لقرة هي دعوة مكتب الصحافة الحكومي إلى إلغاء أوراق اعتماد موظفي "الجزيرة" العاملين في إسرائيل. غير أن هذا الإلغاء لا يخضع للوزير أو لمكتب الصحافة. فلتحقيق ذلك، سيتعيّن على دوائر الأمن تقديم توصية بإلغاء وثائق الاعتماد.
وأوضح نيتسان تشن، مدير مكتب السياسات العامة، أنه "وفقاً لإجراءاتنا، لا يتم رفض مثل هذه التصاريح إلا عندما يعتقد المدير، بعد التشاور مع الأجهزة الأمنية، أنهم سيعرّضون الأمن القومي للخطر".
وأضاف تشن: "لقد اتصلت بعدد من الوكالات، وطلبت رأيها المهني بشأن (الجزيرة)". وقال إنه سينتظر تعليقاتهم، وحتى ذلك الحين، لن يتم إبطال وثائق الاعتماد من دون جلسة استماع منظمة، على النحو المحدد في اللوائح.
الثانية: قطع البث
كذلك، يحاول قرة إقناع شركات البث، عبر الشبكات المغلقة وشركات الأقمار الاصطناعية، بإزالة بث قناة الجزيرة.
وقال الوزير إنه اتصل مباشرة بتلك الشركات وإنها "أعربت عن رغبتها في النظر في وقف بث قناة الجزيرة". ورغم ذلك، لم تعلن هذه الشركات استعدادها للقيام بذلك حتى الآن.
شركة "Yes" قالت: "إن إزالة القنوات أو إطلاقها هي من سلطات مجلس البث التلفزيوني عبر الكابلات والبث الفضائي، وإذا أجرت مناقشة وجلسة استماع بشأن هذه المسألة ثم قررت بعدها أن تأمر بإزالة هذه القناة، فسوف نلتزم بذلك"، فيما ردت "Hot" بأنهم تلقوا طلب الوزير وأنهم يبحثون في هذه المسألة.
وحتى في حال نجاح محاولة الوزير الإسرائيلي، فإن معظم مشاهدي "الجزيرة" لا يعتمدون على شبكات البث المغلقة أو الأقمار الاصطناعية الوطنية، ولكن من خلال أطباق الأقمار الاصطناعية الخاصة التي تتلقى مئات القنوات من الدول العربية، ولا تملك السلطات الإسرائيلية أي سيطرة عليها.
وعلى الرغم من ذلك، أعلن قرة أنه "اتصل بالوكالات الأخرى، وطلب منها الحد من بث هذه الشبكة على الأقمار الاصطناعية المفتوحة، والتي تخدم معظم المشاهدين في المناطق العربية". ولم يحدد من الذي اتصل بهم بالضبط.
الثالثة: إغلاق أمني
أما المحاولة الثالثة التي قام بها قرة، فهي توجيه نداء إلى وزير الأمن العام جلعاد إردان، ومطالبته باستخدام سلطته لإغلاق مكاتب "الجزيرة" في إسرائيل.
ولكن وزارة الأمن العام ردت على الوزير بأنه ينبغي توجيه هذا الأمر إلى الشرطة وليس إليهم.
بدورها، تهربت الشرطة من مسؤولية التعامل مع طلب قرة، قائلة: "يجب عليك مراجعة وزارة الأمن العام أو وزارة الاتصالات".
وهذا يعني أنه على المدى القصير، لن تكون هناك تغييرات على بث قناة الجزيرة في إسرائيل.
وأخيراً.. سن تشريع خاص
وفي ظل متوالية التجاهل التي مرت بها رحلة وزير الاتصالات الإسرائيلي، أعلن أنه يعتزم "الدفع باتجاه تعديل القانون بالتعاون مع السلطات المسؤولة؛ لتكييف القانون الحالى الذى أُقرَّ في الثمانينات ليتماشى مع الحقائق الجغرافية السياسية الحالية".
ومع ذلك، فإن مثل هذه العملية التشريعية لا يمكن أن تبدأ إلا بعد أن ينعقد الكنيست في نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وحتى ذلك الحين، عليه أن يمر عبر الوزارات الحكومية ويوافق عليه النائب العام، الذي سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان هذا التعديل دستورياً، ولا يعرقل حرية التعبير.
وحتى بعد موافقة النائب العام، سينتقل مشروع القانون إلى لجنة الكنيست؛ لإجراء مزيد من النقاش حوله.