يتصارع الفلسطيني جواد صيام مع منظمة "إلعاد" الاستيطانية، التي تمتلك الكثير من المال، وتأمل أن يُصبح منزله في سلوان نقطة تحوّل.
يقول السكان المحليون إن المستوطنين والفلسطينيين يتقدمون بمناقصات للحصول على العقارات في منطقة سلوان بالقدس، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُقرر هوية المنطقة بأكملها. ويتمثل طرفا الصراع في: منظمة إلعاد الاستيطانية والرجل الذي يُعتبر القائد الفلسطيني في سلوان، جواد صيام، حسب تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وجرى نشر دعوة لشراء حصة الربع من هذا البيت، المكون من أربع شقق، من قبل القائم على أملاك الغائبين التابع لوزارة المالية وسلطة الأراضي الإسرائيلية وتنتهي مدة الدعوة في أقل من ثلاثة أسابيع.
ويقول صيام إن القائم على الأملاك يقوم بكل شيء ممكن لمساعدة المستوطنين في الاستيلاء على منزله.
وأضاف صيام قائلاً "منذ عام 1994 ونحن في قاعات المحاكم ضد المستوطنين. وإذا خسرنا في الوقت الحالي فسيكون لدينا ربع المبنى فقط، وسيسهل عليهم طردنا منه. ولكني لن أغادر؛ سيكون عليهم قتلي أولاً".
وتزعم كل من منظمة إلعاد ووزير المالية الإسرائيلي بأنهما يسلكان كافة السبل بما يتفق مع القانون.
دور الورثة
يعيش صيام، 48 عاماً، في وادي حلوة بسلوان، الذي يقع معظمه داخل منتزه مدينة داوود الوطني الذي تديره منظمة إلعاد الاستيطانية.
وأسس صيام مركزاً للمعلومات بوادي حلوة، يسعى لمقاومة محاولات إلعاد في الاستيلاء على المنطقة، عن طريق الإعلان عما يحدث في كل من المناطق المجاورة وبشكل أوسع في القدس الشرقية.
كما أنشأ أيضاً نادياً للأطفال بمخيمات نهارية وأنشطة تعليمية أخرى. وهو يعيش في مبنى تمتلكه أسرته بالقرب من عقار استولت عليه إلعاد، التي صارعت للحصول على ملكية المبنى وطرد عائلة صيام.
تشبه قصة منزل صيام العديد من قصص المنازل الأخرى في سلوان، حيث توفي المالك الأصلي وانقسم الورثة، فباع بعضهم نصيبه في المبنى إلى مشترين صوريين نقلوا ملكيتها فيما بعد إلى المستوطنين، بينما كان آخرون بالخارج واعتُبروا غائبين. بينما وجب على البقية التعامل مع التحديات القانونية المرفوعة من طرف إلعاد، التي تسعى للاستيلاء على المبنى.
بالنسبة لعائلة صيام، توفيت المالكة، جدة صيام، عام 1991، وتركت المبنى لثمانية ورثة. باع أربعة منهم نصيبه إلى أشخاص قاموا بتسليمها إلى إلعاد، ولذا تمتلك المنظمة الآن نصف المبنى.
وكان هناك ابنتان في الأردن عام 1967، وبالتالي اعتُبرتا متغيبتين. وتمتلك الدولة نصيبهما الذي يصل إلى الربع عن طريق الوصي أو القائم على أملاك الغائبين. وما زال اثنان آخران من الورثة يعيشان هناك، ومنهما صيام.
و"قانون أملاك الغائبين" هو قانون أقره الكنيست عام 1950، وهو يُشرعن بموجبه الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها إلى مناطق أخرى، نتيجة الاحتلال الصهيوني لفلسطين 1948، ويسمح بموجبه بوضع ممتلكاتهم تحت تصرف "القيّم على أموال الغائبين"، الذي يمثّل الحكومة الإسرائيلية.
قوى غير متكافئة
حسب صحيفة هآرتس "فقد تواطأ أحد أفراد الأسرة ممن باعوا نصيبهم إلى إلعاد ظاهرياً مع المنظمة".
وفي عام 1997، رفضت المحكمة المحلية التماساً مُقدماً من إلعاد. ويزعم الالتماس أن الجدة حرمت ابنتيها من الميراث، ما يعني زيادة حصة المستوطنين في المبنى على أرض الواقع.
جرى التوقيع على الوثيقة المساندة لهذا الزعم ببصمة الإبهام. ويقول صيام إنه جرى الحصول على البصمة بعد وفاة الجدة أثناء غسيل جسدها. ولم تتعامل المحكمة مع توقيت التوقيع، لكنها قضت بأن المرأة لم تتفهم تأثير الوثيقة وألغت قرار حرمان البنتين من الميراث.
وقدمت إلعاد التماساً لحل الملكية المشتركة للمبنى. وبينما كان هذا الالتماس قيد النظر، أعلن الوصي نيته في بيع حصة الدولة في المبنى.
وتعتبر دعوة الشراء المقدمة من الوصي مغلقة، إذ لا يمكن لأحد الاشتراك فيها سوى إلعاد وصيام.
ويصل السعر الأدنى إلى 455 ألف شيكل إسرائيلي (126,140 ألف دولار)، وسيكون الفائز بصفقة الشراء هو العرض الأعلى ببساطة. ويعرف صيام أن فرصه في هزيمة إلعاد -التي تعتبر من أثرى المنظمات غير الربحية في الدولة- ضئيلة للغاية.
ويقول: "لا يمكنني عرض هذا المبلغ. وحتى لو تمكنت من ذلك فسيعرضون المزيد. وسيعرفون بالضبط المبلغ الذي يمكنني عرضه".
وفي خطاب طالب فيه المُدّعي العام بإلغاء المزاد، كتب النائب وليد زاهالكا: "ليست هذه بالقوى المتكافئة التي تتنافس للفوز بالعطاء. فمن جانب، هناك أسرة فلسطينية بسيطة ذات موارد محدودة، ومن الجانب الآخر، هناك جماعة استيطانية قوية تبلغ ميزانيتها السنوية ملايين الشيكلات، وتحظى بمساعدة جماعات خارجية ثرية غير معروفة تركِّز على حيازة الأراضي، ولا يشكل المال لها أي عائق تقريباً".
ويُشكك كل من صيام ومحاميه في نزاهة المزاد وفي الطريقة التي فرضت بها إلعاد سيطرتها على المبنى. كما يُشكك كلاهما في استخدام قانون الملكية الغيابية لطرد أسرة صيام. وأُصدر هذا القانون عام 1950 للاستيلاء على أصول ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين، كنتيجة لحرب احتلال فلسطين عام 1947-1949. وطبقاً لهذا القانون، تستحوذ الدولة على الأصول التي يمتلكها أي شخص انتقل إلى دولة معادية.
ابنة مالكة المنزل معتدية
تقول هآرتس "منذ عام 1967، استخدم المستوطنون هذا القانون بشكل واسع للاستيلاء على الممتلكات في القدس الشرقية، بعد أن أثبتوا انتقال المُلّاك إلى الأراضي المُحتلة أو إلى الأردن. إلا أن استخدام القانون تعرَّض لانتقاد القُضاة ولجان التحقيق الحكومية ومُدّعي العموم وحقوقيين آخرين. وعلى خلاف الوضع القائم أثناء النكبة (التي تسميها إسرائيل حرب الاستقلال)، لم تكن هذه الحالات تتعلق بلاجئين هجروا منازلهم وقت الحرب، تاركين وراءهم الأصول التي تريدها إسرائيل، كما هو منصوص عليه في القانون الأصلي.
ومنذ عامين، قضت دائرة مؤلفة من سبعة أعضاء من قضاة المحكمة العليا بأنه ينبغي قصر استخدام هذا القانون في القدس على "الحالات شديدة الاستثنائية". ورأى اثنان من القضاة ومن بينهما ميريام ناعور، رئيسة المحكمة حالياً، أنه لا توجد أي حالات استثنائية.
ودافع وليد زاهالكا بأن القائم أو الوصي، ينبغي أن يحاول إعادة الملكية إلى أسرة الشخص الغائب أولاً، وألا يسمح للجماعة اليهودية بشرائها.
وتقول حاجة عُفران، من حركة السلام الآن Peace Now، التي تساعد صيام "هناك تواطؤ بين الوصي وإلعاد لاتفاق مصالحهما. هؤلاء ليسوا معتدين، إنهم من أفراد الأسرة، فابنة أحد المتغيبين تعيش هناك. بينما يعتبرها الوصي معتدية".
وأضاف زاهالكا: "يبدو أن هذه مرحلة جديدة من الأسلوب الخاطئ الذي يتعامل به القائم على أملاك الغائبين في سلوان، بهدف مساعدة المستوطنين". وهو ما سماه "بالمحاولة الواضحة من الوصي أو القائم على الأملاك لمساعدة المستوطنين على تحقيق سيطرة كاملة على الممتلكات وطرد ملاكها الفلسطينيين".
ويقول الناشطون الإسرائيليون والفلسطينيون، ممن يحاولون مساعدة صيام إن المعركة لا تتعلق فقط بامتلاك منزل قد ينتقل إلى أيدي مستوطن. ففي السنوات الأخيرة تمكنت إلعاد من امتلاك منازل وإنشاء منتزه وطني فوق الأرض وتحتها. وتقول عُفران "أشعر بأنه إذا سقط منزل صيام فستسقط المنطقة بأسرها".