كشفت تسريبات من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، موقف بلاده وسياستها نحو تركيا، وحملت إشارة لتورط أبو ظبي في محاولة الانقلاب الفاشل الذي حصل بتركيا في يوليو/تموز 2017.
وذكرت صحيفة "ديلي صباح" التركية، الجمعة 4 أغسطس/آب 2017، أن العتيبة قال في إحدى مراسلاته مع صحافي أميركي في صحيفة نيويورك تايمز يعود تاريخها إلى أبريل/نيسان الماضي: "لا نريد لتركيا كما قطر أن تكون قادرة على تشكيل قائمة طعام فضلاً عن القدرة على إدارة الملفات في الإقليم".
وأشارت الصحيفة إلى أن تسريبات سابقة للعتيبة، كشفت عن علاقات مشبوهة بمؤسسات داعمة لإسرائيل، وحوارات تحمل مؤشرات معادية لدول الجوار الخليجي، وعلامات استفهام حول موقف ودور الإمارات في المحاولة الانقلابية في تركيا.
الموقف من تركيا
والعديد من الأحداث الأخرى أكدت للأتراك ضلوع الإماراتيين في محاولة الانقلاب الفاشلة. وتسريب رسائل البريد الإلكتروني الخاص بالعتيبة كان واحداً من هذه الأحداث، حيث كشفت هذه الرسائل عن العلاقة المريبة بين العتيبة ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز بحثي مقره واشنطن العاصمة، ويُعتبر المدير التنفيذي للمركز، مارك دوبويتز، ممن يتبنّون أجندةً مؤيدة لإسرائيل ومعادية بوضوح للحكومة التركية.
كان جلياً من هذه الرسائل المسربة أنَّ العتيبة لم يكن مقرباً من دوبويتز فحسب، لكنَّه كان مقرباً أيضاً من مستشار المركز البارز جون هانا، المعروف بتأييده لأية محاولة انقلاب تهدف إلى الإطاحة بأردوغان، وهو ما عبر عنه في مقالٍ نُشر بمجلة فورين بوليسي قبل شهرٍ واحد بالضبط من محاولة الانقلاب في تركيا.
واقتفت بعض وسائل الإعلام التركية أثر هذه المعلومة، التي كشفتها الرسائل الإلكترونية المسربة؛ بل وزعمت أنَّ المركز قد نسّق مع جماعة غولن في الولايات المتحدة لتحقيق هدفهم المشترك: الإطاحة بالحكومة التركية.
وفي حال صحَّت هذه المزاعم، فإنَّ دور المؤسسات الشبيهة بمركز الدفاع عن الديمقراطية، سيتمثَّل فقط في مجرد تسهيل وجود أرضيةٍ خصبة لنجاح أية محاولة انقلابية في تركيا، عبر الترويج لخطابٍ يشرعن الانقلاب ضد الحكومة الحالية. فعلى سبيل المثال، كتب صحفي تركي في يناير/كانون الثاني 2016، قبل محاولة الانقلاب بأشهر، لمجلة "جارتشك حياة"، وهي مجلة سياسية تركية أسبوعية، أنَّ دولاً -من بينها الإمارات- كانت تحاول خلق رأي عام لصالح دعم محاولة انقلاب ضد الحكومة التركية.
"تحييد تركيا"
وفي إطار هذه المحاولات، خُطِّطت استراتيجية تتضمن خطوات، مثل: خلق صورة سلبية ضد الرئيس التركي عبر المنافذ الإعلامية العربية والتركية المعارضة، وكذلك دعم المعارضة التركية، بالإضافة إلى العمل على خلق فوضى في البلاد، عن طريق دعم حزب العمال الكردستاني، وأخيراً دعم التيارات المعارضة داخل الجيش.
وفي وقت سابق تحدث مصدر دبلوماسي تركي لـ"هاف بوست" اختار أيضاً عدم الإفصاح عن هويته، قائلاً: "ينبغي أن نأخذ شخصيات زعماء الخليج وعلاقاتهم الشخصية بعين الاعتبار. فولي عهد الإمارات محمد بن زايد، وولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.. كلهم من الشباب، وهم طموحون للغاية لقيادة المنطقة. وفي الوقت الذي تتصادم فيه سياسات الإمارات وتركيا حالياً، تبدو واضحة رغبة الإمارات في تحييد تركيا".
وتابع الدبلوماسي التركي: "للأسف، يواجه المواطنون الأتراك المقيمون بالإمارات صعوبات جمة في الوقت الحالي".
ومن بين الرسائل المسربة جدول أعمال مفصل لاجتماع بين مسؤولين من الحكومة الإماراتية على رأسهم الشيخ محمد بن زايد، وبين مديري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، تتضمن بحث قضايا من بينها: بحث التطورات على الساحة التركية وتبعات النظام الرئاسي في تركيا، بقيادة أردوغان. إضافة إلى تمحور اللقاء حول قطر، التي اتهمت في الوثيقة بتمويل الإرهاب، ودعم الإسلاميين المتطرفين، وزعزعة استقرار المنطقة، وبحث سبل إيجاد سياسة إماراتية أميركية "لتصويب سلوك قطر" على حد تعبير الوثيقة.