1 – هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي.
2- وُلد عام ألف ومائة وخمس عشرة للهجرة "1115هـ" في مدينة "العيينة" من نجد في الجزيرة العربية، في بيت علم وفضل.
3- حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة، وقرأ على أبيه الفقه، وكان ذكياً كثير المطالعة.
4- رحل الشيخ إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة، طلباً للعلم.
5- التقى بمدينة "الدرعية" بالأمير محمد بن سعود، وحصلت بينهما البيعة على نشر التوحيد وإقامة حكم الله في الأرض.
6- اشتغل بالدعوة إلى الله ولاقى الصعاب في ذلك، ومن ذلك إخراج أهل "البصرة" له بعد إنكاره عليهم بدعهم وضلالهم، وإنكاره على علمائهم سكوتهم، فخرج ماشياً باتجاه "الزبير".
7- ألَّف كتباً عظيمة النفع، ومن أهمها "كتاب التوحيد"، وكتاب "القواعد الأربع".
8- توفي الشيخ -رحمه الله- في عام ست ومائتين وألف من هجرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم- "1206هـ".
ثانياً:
الشيخ محمد بن عبد الوهاب "توفي 1206هـ" يعدُّ من أكثر الشخصيات الإسلامية تعرضاً للطعن والتشويه والكذب عليه وعلى دعوته، وقد كان هذا بسبب أمور كثيرة، منها:
1- طبيعة دعوته وحقيقة منهجه، فقد جاء بالإسلام الصافي الخالي من الشوائب، وقد كان ذلك مخالفاً لما اعتاده الناس في زمانه، ولو أنه كان عابداً لحجر أو معظماً لشجر أو مقدِّساً لبشر لكان رأساً من رؤوس ذلك الزمان، ولما تعرَّض لطعن في دينه وكذب على منهجه، فقد بدأ الإسلام غريباً، وقد كان غريباً في زمان الشيخ رحمه الله.
2- قلة أهل السنة وكثرة أهل البدعة، وإذا كان الإمام سفيان الثوري "توفي 261هـ" قد قال: "إذا سمعت برجل من أهل السنة بالشرق وأنت بالغرب فأقرئه السلام؛ فإن أهل السنة قليل"، فماذا يقول الشيخ في زمانه؟
وكان الحسن البصري -رحمه الله- "توفي 110هـ" يقول لأصحابه: "يا أهل السنة تربطوا رحمكم الله فإنكم أقل الناس"، وقال يونس بن عبيد – رحمه الله- "توفي 134هـ": "ليس شيئاً أغربُ من السنَّة، وأغرب منها من يعرفها".
3- تيسر سبل الطباعة والسفر والاتصال، وهي وسائل ساهمت -بقوة- في انتشار المطاعن في الشيخ ودعوته.
4- استغلال مواسم الحج للقاء الحجاج من كل مكان، وبث الكذب على الشيخ ودعوته في صفوفهم، كما تمَّ توزيع كتبٍ كثيرة عليهم، فسمع الناس وقرأوا وبلغوا من خلفهم في ديارهم، فساهم ذلك في انتشار المطاعن والكذب.
5- تولِّي رموزٍ مشهورة لهذه الحملة الظالمة على الشيخ، فاستغلوا شهرتهم ومنصبهم للطعن والتقول، ومن أبرز هؤلاء: مفتي الشافعية في مكة "أحمد زيني دحلان"، كما ساهم سليمان بن عبد الوهاب أخو الشيخ محمد في هذه الحملة، وإن كان نطاق تشويهه أقل من الأول.
ثالثاً:
لم يكن الشيخ -رحمه الله- يدعو إلى مذهب خاص أو طريقة مبتدعة، بل كان متبعاً للكتاب والسنَّة على فهم خير القرون.
قال -رحمه الله -:
وأما ما ذُكر لكم عني: فإني لم آتِه بجهالة، بل أقول ولله الحمد والمنة وبه القوة: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيَماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، ولست -ولله الحمد- أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، أو غيرهم.
بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي أوصى بها أول أمّته وآخرهم، وأرجو ألا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يقول إلا الحق.
(الدرر السنية) 1/ 37، 38.
وقال رحمه الله:
عقيدتي وديني الذي أدين به: مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة.
(الدرر السنية) 1/ 64
ثالثاً:
ردَّ الشيخ -رحمه الله- بنفسه على جملة من الافتراءات عليه من قِبل خصومه وأعدائه تنفيراً منه ومن دعوته.
قال رحمه الله:
"إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها منها: ما هو من البهتان الظاهر:
1- وهي قوله: إني مبطل كتب المذاهب.
2- وقوله: إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
3- وقوله إني أدَّعى الاجتهاد.
4- وقوله: إني خارج عن التقليد.
5- وقوله إني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة.
6- وقوله إني أكفر من توسل بالصالحين.
7- وقوله: إني أكفر البوصيري لقوله "يا أكرم الخلق".
8- وقوله إني أقول لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها.
9- ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب.
10- وقوله إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
11- وقوله إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم.
12- وإني أكفر مَن يحلف بغير الله.
فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أن أقول: "سُبْحَانَكَ هَذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ"، (الرسائل الشخصية – ص64).
ونسأل الله تعالى أن يُعظم أجر الشيخ، وأن يجعله مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، فقد نفع الله تعالى بدعوته، وقد عمَّ آثارها العالَم بطوله وعرضه، فكم أنقذ الله تعالى بهذه الدعوة مبتدعاً إلى السنَّة، وكم هدى ضالاً إلى الهُدى، وها هي الآثار تُرى وتشاهد، ولا يُنكر ذلك إلا جاهل أو جاحد، ولا يُحارب هذه الدعوة إلا جاهل أو حاقد.
والخلاصة: أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه- إنما قام لإظهار دين الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات، وقام أيضاً لإلزام الناس بالحق، وزجرهم عن الباطل، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.
هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه، وصفاته، ويؤمن بملائكته، ورسله وكتبه، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله، وإخلاص العبادة له جل وعلا.
وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه، لا يعطل صفات الله، ولا يشبه الله بخلقه، وفي الإيمان بالبعث، والنشور، والجزاء، والحساب، والجنة والنار، وغير ذلك.
ويقول في الإيمان ما قاله السلف إنه قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كل هذا من عقيدته -رحمه الله- فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولاً وعملاً، لم يخرج عن طريقتهم البتة، وليس له في ذلك مذهب خاص، ولا طريقة خاصة، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان رضي الله عن الجميع.
وإنما أظهر ذلك في نجد، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه مَن أباه، وعانده، وقاتلهم، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله، وإنكار الباطل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق، ويلزمونهم به، وينهونهم عن الباطل، وينكرونه عليهم، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه.
وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته، فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفاً هي أسباب العداوة، والنزل بينه وبين الناس، وهي:
أولاً: إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص.
ثانياً: إنكار البدع، والخرافات، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد، ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة.
ثالثاً: أنه يأمر الناس بالمعروف، ويلزمهم به بالقوة فمَن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه، ألزم به وعزر عليه إذا تركه، وينهى الناس عن المنكرات، ويزجرهم عنها، ويقيم حدودها، ويلزم الناس الحق، ويزجرهم عن الباطل، وبذلك ظهر الحق، وانتشر، وكبت الباطل، وانقمع، وسار الناس في سيرة حسنة، ومنهج قويم في أسواقهم، وفي مساجدهم، وفي سائر أحوالهم.
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك، ولا تظهر المنكرات بينهم؛ بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وزمن أصحابه، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم.
فالقوم ساروا سيرتهم، ونهجوا منهجهم، وصبروا على ذلك، وجدوا فيه، وجاهدوا عليه، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم، وكثير من أنصاره، حصل بعض التغيير، جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية، والدولة المصرية، مصداق قوله عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.