متى تكسر قيود التقاليد؟

في مجتمعاتنا العربية، تكتسب العادات والتقاليد جزءاً كبيراً جداً من القيود المفروضة على الناس، لدرجة تجعل من العيب أحياناً أشد ضرراً من الحرام بالنسبة للبعض، بل هناك تقاليد منسوبة للدين الذي هو منها بريء.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/31 الساعة 05:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/31 الساعة 05:50 بتوقيت غرينتش

في مجتمعاتنا العربية، تكتسب العادات والتقاليد جزءاً كبيراً جداً من القيود المفروضة على الناس، لدرجة تجعل من العيب أحياناً أشد ضرراً من الحرام بالنسبة للبعض، بل هناك تقاليد منسوبة للدين الذي هو منها بريء.

كل هذه الأشياء تسهم في استمرار التعثر الذي تعرفه مجتمعاتنا للسير قدماً نحو الأمام والنهوض بها، خصوصاً أن هذه القيود تلقي بظلالها بشكل أكبر على الشباب خاصة، الذين هم محرك أي بلد إذا أراد النهوض من خموله وموته السريري الفكري.

إن عاداتنا وتقاليدنا هي بالتأكيد جزء لا يتجزأ من هويتنا، لكنها في بعض الأحيان تصبح عالة تجر الجميع نحو الأسفل، فكم من أحلام شباب تحطمت بسبب كلمة واحدة: "عيب"، وكم من التوجهات فرضت عليهم لاختيار أشياء محددة قصد عدم الخروج عن إرادة الكبار التي يجب أن تحترم، فتطمس الأحلام الوردية، والرغبات الجامحة لتحقيقها، وتندحر معها تلك الطاقة التي لو تركت لتوظف في المجال الذي يميل إليه أي إنسان، لأعطت ثماراً من النجاح والإبهار.

إن صراع الأجيال الذي ما زالت لحد الآن الغلبة فيه للجيل الأكبر سناً كونه يلعب دوراً كبيراً في تحديد مصير مستقبل الجيل الصاعد أمر طبيعي، لكن في الحالة التي نتحدث عليها يغدو أمراً كارثياً، فيتحول دور الآباء مثلاً أو الأقارب وغيرهم من النصيحة والتوجيه مع ترك الاختيار، إلى تغيير المسار حسب أهوائهم التي في العديد من الحالات تحكمها القيود التي ذكرناها سابقاً.

وهنا الأمر الأشد سوءاً هو أننا نقتل ثقة الشباب في أنفسهم، ولا عجب إذا رأينا بعدها مجتمعاً لا ينتج جديداً، ولا يبدع ولا يطوّر ونحن نرمي بكل شخص حسب أهوائنا، وأحكامنا وتقاليدنا.

من جهة أخرى، لا يمكننا الحديث عن هذا الموضوع دون أن نتطرق لأكثر فئات المجتمع تضرراً منه: المرأة. كم من حالات انتحار تسجل بسبب فرض الزواج على فتاة قاصر من رجل يكبرها سناً فقط لأن عادات قبيلة فلانية تبيح ذلك؟! كم من قصة حب قتلت بسبب أن الفتاة لا تستطيع مصارحة والديها إذا رفضا ذلك الشاب لأسباب في الغالب تكون مادية بأنها تحبه بكل بساطة؟! "عيب!" فلا يجب أن تتحدث بأمور كهذه أمام والديها.

المرأة لا يجب أن تشتغل في مجالات معينة، بل أحيانا أن تدرس، باسم العادات، باسم التقاليد، وأحيانا باسم الدين الذي مرة أخرى أقول إنه من كل هذا بريء.

وأخيراً، لا يمكننا تجاهل أن مجتمعاتنا مصابة بتشوه عاطفي، كم من ولد لا يستطيع أن يعانق والده مخبراً إياه كم يحبه؟! بل كم من زوج لا يعبر لزوجته عن هيامه بها فتصير علاقتهما في فتور دائم؟! كل هذا لم يأتِ من الدين، بل من تربية عقيمة تحولت لأشياء توارثتها الأجيال في أوطاننا.

الحب ليس عيباً، ولا حراماً، الحب من أنبل وأنقى ما خلق الله من أحاسيس، فبالله عليكم كيف تقولون عنه عيباً، وأمراً من المخجل التحدث فيه؟!

إن مجتمعاتنا في حاجة ماسة لإعادة النظر في تقاليد أكل عليها الدهر وشرب، ولم تكن يوماً صالحة لشيء، ولا أقصد أبداً أن نمحوها بصفة نهائية، على الأقل يجب أن نعدلها، ونصفيها من كل تلك القيود التي تعثر إضفاء الوعي على الأجيال الصاعدة، فالعيب هو أننا في القرن الواحد والعشرين، ما زلنا نرى مظاهر تخلف سوداوية في بلداننا تحت مسمى "العادات".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد