بلطجة الجغرافيا.. وزير خارجية قطر: بلادنا ضحية لتنمُّرٍ جيوسياسي وما حدث سابقة خطيرة للدول الأصغر بالمناطق الأخرى

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/25 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/25 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش

في حوار صريح مع صحفيي جريدة "واشنطن بوست" الأميركية، كشف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأسباب الحقيقية للحصار الذي تتعرض له بلاده من قبل جيرانها ولماذا لا تعتبر الدوحة علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين وحماس أمراً خاطئاً وكيف أن بعض دول الحصار لديها علاقات مماثلة.

وأعرب وزير الخارجية القطري عن أسفه مما كانا "شهرين طويلين للغاية" بالنسبةِ له ولزملائه، وذلك في لقاء مع مجموعة من صحفيي "واشنطن بوست" في مكتب الصحيفة بالعاصمة الأميركية واشنطن.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ بدايات يونيو/حزيران 2017، فرضت 4 دول عربية –السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر– قطيعةً دبلوماسية وتجارية على قطر، التي يتهمونها بالتآمر مع التنظيمات المتطرِّفة والسعي لزعزعة استقرار جيرانها. لكنَّ الشيخ محمد وغيره من القادة القطريين يرفضون تلك المزاعم.

تنمر سياسي

وعبَّر الشيخ محمد، في اللقاء الذي عقد الإثنين، 24 يوليو/تموز 2017، عن حرصه على التوافق والحوار. لكنَّه ذكر أن بلاده ضحية للتنمُّر الجيوسياسي، يحاصرها جيرانها الأكبر الذين لا يسعون لشيءٍ إلا نيل تنازل عن السيادة القطرية.

وقال: "ليس لديهم أي حق لفرض تدابير كتلك ضد أي دولة"، مُضيفاً أنَّه إذا لم تخضع الدول "المُحاصِرة" للمحاسبة بسبب أعمالها "غير القانونية" تجاه قطر، فإنَّ ذلك سيُشكِّل سابقةً خطيرة للدول الأصغر في المناطق الأخرى.

وتبلغ مساحة السعودية ومصر والإمارات قرابة 3 مليون ونصف كيلو متر مربع بينما تبلغ مساحة قطر 11 ألف كيلو متر مربع.

ولا تملك قطر حدودا برية سوى مع السعودية التي قامت بإغلاقها حدودها ومنعت إدخال المواد الغذائية أو مرور البشر بل أنها قامت بإخراج آلاف الإبل القطرية التي كانت تعيشى في مراعيها.

أيضا حاصرت مصر والسعودية والإمارات والبحرين قطر جوا وبحرا.

وقال وزير الخارجية القطري: "يُمثِّل ذلك مخاطرةً كبيرة للنظام العالمي، وليس لقطر فحسب"، وقال إنَّ بلاده قد أُقحِمَت في "صراعٍ لا أساس له" يُغذِّيه "التضليل".

ويشمل ذلك ما أشار إليه الوزير بالمُحفِّز الأولي للأزمة، والمتمثِّل في عملية اختراقٍ لوسائل إعلام قطرية رسمية، يُحمِّل المُحقِّقون الأميركيون مسؤولية القيام بها الآن لدولة الإمارات، التي زرعت تصريحاتٍ زائفة نُسِبَت لأمير قطر، وهي التصريحات التي ساهمت في إطلاق شرارة الخلاف مع الدول الخليجية الأخرى.

الحوار

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد قال إن بلاده مستعدة لحل يقوم على مبدأي احترام السيادة والابتعاد عن الإملاء، مؤكداً أن أسلوب الحصار أساء لجميع دول مجلس التعاون.

وأضاف أمير قطر في خطاب ألقاه الجمعة 22 يوليو/تموز 2017 "منفتحون على الحوار لإيجاد حلول للمشاكل العالقة"، مؤكداً أن الحوار يوفر الجهود العبثية التي تبددها دول في الكيد للأشقاء على الساحة الدولية.

وذكر أن الحل يقوم على مبدأين؛ احترام سيادة كل دولة، والابتعاد عن الإملاء، وقال "أي حل يجب أن يكون تعهداً متبادلاً والتزاماً مشتركاً ملزماً للجميع".

وأكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن الحملة على قطر خـططت سلفاً للنيل من سيادة قطر ولتحقيق غايات مبيتة. وأضاف أن هناك خلافات بين دول مجلس التعاون في بعض القضايا لكن قطر لا تحاول فرض رأيها على أحد.

حقيقة مواقف ترامب

وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في أحدث محاولة للتوسُّط في شكلٍ من أشكال الهدنة، سافر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية في عُطلة نهاية الأسبوع، ثُمَّ وصل إلى الدوحة يوم الإثنين.

وقال المسؤولون الأتراك أنَّهم يدفعون باتجاه محادثاتٍ مباشرة بين قطر والدول العربية الأربع المختلفة مع الدوحة. وفي الوقت الراهن، يلعب أمير الكويت دور الوساطة. وقد عمِل وزير الخارجية الأميركي بصورةٍ مُتقطِّعة من وراء الستار للتوسُّط في الخِلاف، لكنَّه تعطَّل في البداية بفعل رسائل مختلطة من البيت الأبيض، وذلك مع ما يبدو من انحياز الرئيس ترامب إلى جانب خصوم قطر.

وقال الشيخ محمد في مقابلته مع صحيفة واشنطن بوست إنَّه كان على اتصالٍ وثيق مع تيلرسون. وقد قلَّل من شأن أي خلافٍ محتمل بين تيلرسون وترامب، الذي قال إنَّه تحدَّث مع أمير قطر وأشار إلى أنَّ تيلرسون هو "الشخص الوحيد المسؤول" عن حل الأزمة.

ومع ذلك، فإنَّ الخِلاف قد دخل حالةَ جمودٍ مُتوتِّر، إذ قدَّم الرباعي في البداية قائمةً من 13 مطلباً -تتضمَّن مطالبة قطر بإغلاق شبكة الجزيرة المثيرة للجدل، وقطع العلاقات مع إيران، وإخراج القوات التركية المُتمركِزة على الأراضي القطرية- رفضتها الدوحة.

وقال الشيخ محمد إنَّ أي شخصٍ يتفحَّص ذلك الإنذار "سيجد من المهين للغاية على دولةٍ ذات سيادة أن تتلقَّى قائمة مطالب كتلك".

ومؤخراً، عدَّل الرباعي مطالبهم من قطر إلى "6 مبادئ"، تتضمَّن "الامتناع عن التدخُّل في الشؤون الداخلية" لجيرانها ودعم "الكيانات الخارجة عن القانون". وفي هذا الإطار يأتي دعم الدوحة التاريخي لأحزاب الإسلام السياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين، المحظورة الآن في مصر، ورعايتها لمجموعاتٍ مُسلَّحة مثل حركة حماس الفلسطينية، التي وجدت قيادتها السياسية ملاذاً لها في قطر حتى وقتٍ قريب. وقد أصدروا "لائحةً إرهابية" تضم نحو 89 شخصاً وكياناً "تدعمهم قطر" في بلدانٍ بعيدة مثل اليمن وليبيا.

لماذا تتقارب قطر مع الإخوان؟

ويُؤكِّد المسؤولون القطريون أنَّه لا يوجد أي شيءٍ خاطئ جوهرياً في تقاربهم مع حزبٍ سياسي ديمقراطي مثل الإخوان المسلمين.

وأشاروا إلى أنَّ دول الخليج الأخرى لديها علاقاتها مع حماس وجماعاتٍ إسلامية أخرى. وأصرَّ الشيخ محمد على أنَّ قطر تعمل على كبح تمويل التنظيمات الإرهابية والمتطرِّفة في المنطقة، وأنَّها تُنسِّق جهودها في هذا الشأن مع واشنطن.

وقال إنَّ الرباعي "تجاهلوا إنكارنا" واختاروا طريق "المزيد من التصعيد".

هل تخضع الدوحة؟

ويشير مُحلِّلون إلى استعداد الرياض وأبوظبي لترك ذلك يستمر إلى أن تخضع الدوحة.

فقال محمد اليحيى، وهو زميلٌ غير مقيم في المجلس الأطلسي، لصحيفة "ذا ناشيونال" ومقرَّها أبوظبي: "من الواضح أنَّ الدول المُقاطِعة مستعدة لخوض مواجهة طويلة مع قطر، لكن لا يوجد شك بأنَّ حلاً سريعاً للأزمة سيكون في مصلحة الجميع".

غير أنَّ قطر، التي تُعَد واحدةً من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي، لديها القدرة لتدعهم يُنفِّذون تهديداتهم. فمع أنَّ حدودها البرية مع السعودية قد أُغلِقَت، أوجدت قطر إمدادات غذائية جديدة باستخدام الدعم للشركات القطرية والمساعدات من تركيا إيران. وقال الشيخ محمد: "بإمكان قطر التحمُّل".

وكان وزير الخارجية القطري مرتاباً حيال بعض المطالب الأخرى التي قدَّمها الرباعي. ويتضمَّن ذلك الاعتراضات على الجزيرة، وهي شبكة إخبارية يرى السعوديون والإماراتيون نسختها العربية نبعاً للتخريب والتطرُّف. فقال الوزير: "أيرغبون في معالجة تلك الاختلافات بمحاصرة دولة؟ بانتهاك القانون والمبادئ الدولية؟ لا يبدو ذلك معقولاً".

وأكَّد كذلك على أنَّ "لا توجد علاقة خاصة" بين الدوحة وطهران، مشيراً إلى أنَّ التجارة الثنائية بين الإمارات وقطر أكثر بأضعافٍ مضاعفة من قطر. وقال، متَّهِماً دول الرباعي، إنَّ ذلك يُمثِّل دليلاً على انتهازية جيران قطر.

وقال: "تُظهِر تلك القضية أنَّ الأمر لا يتعلَّق بالإرهاب"، لكنَّها تعكس بدلاً من ذلك كيف وصم خصوم قطر "كل من هو خصم سياسي لهم" كإرهابي.

تحميل المزيد