التخطيط للمستقبل، فكرة ستستمر ما دام هناك إنسان على هذه المعمورة، فما بالك في مجتمعنا العربي الذي تحول إلى جزء مدمر من ذات المعمورة!
اللجوء اليوم إلى "الشيخوخة المبكرة" ليس عيباً، فالحكمة منذ صغر السن صارت مطلباً مُلحاً للبعد عن مشاكل التهميش والفشل، والدخول في أقبية العاطلين عن العمل والحياة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والتي تؤدي لتعطيل شامل للحياة الإنسانية الطبيعية والاجتماعية، والدخول في مرحلة "الخطر المالي" التي تشكل مُنغصاً عاماً لكل جوانب الحياة، ولعل أهمها الحالة النفسية التي تنعكس على جميع التصرفات والسلوك البشري العام.
لهذا كله نحن بحاجة لوضع استراتيجيات وتدريب أولادنا عليها لترتيب التفكير السليم وإفرازه على شكل خطوات ملموسة تحقق أهدافهم في المستقبل.
في هذا المقال سنسلّط دائرة الضوء على أبرز الأفكار التي قد تفيدك لمعرفة ما تريد، وكذلك في إعداد جيل قادر على معرفة ما يريد من خلال ما يلي:
• النشأة على القراءة، وهو أمر بات مختلطاً في ظل وجود مواقع الأخبار والمعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مع ذلك لا ضير في الرجوع إلى الكتب والمصادر المحكمة لقراءة واطلاع أبنائك على مختلف العلوم والثقافات، وذلك عبر تحفيزهم بمنحهم جائزة قيّمة كلما انتهوا من كتاب أو قصة معينة منحتهم إياها، وبالطبع لا بد من مناقشة الطفل في هذا الكتاب أو الاستماع إليه وعن أبرز ما فهمه منه، والإيحاء له بتلقي المعلومة منه حتى وإن كنا نعرف تلك المعلومات سلفاً.
• دعم روح المسؤولية لدى الطفل عبر محاكاة مشاكل ومسائل تتدرج مع مستواه العمري ومناقشة أفكاره ونصائحه، وبشكل دائم لا بد من وجود المكافأة في حالات الرأي السليم والتصرف الصحيح.
• عدم الدخول في جدالات ضارة مع الابن وتركه يخطئ إن كان الخطأ غير مؤذ، بمعنى أوضح لا تحاول تصويب كل أقواله وأفكاره وتصرفاته بشكل دائم ومجابهته بأنه دائماً على خطأ.
• تهيئة المناخ المناسب للقرارات وتعليم الفتى كيفية اتخاذ القرار المناسب والمفاضلة من بين الحلول الأنسب بوضع قائمة السلبيات والإيجابيات لكل قرار مهم أو مصيري.
• ربط التعليم بالعمل، وهو مشكلة وعائق كبير لا ينتبه له الآباء ولا الأبناء حول ماذا سأفعل بعد أن اختار تخصصي الجامعي ومهنتي المستقبلية، فهناك ضرورة كبيرة لتصحيح هذا المسار الخاطئ لدى الكثيرين، وذلك ببناء الرغبة والميل المهني المستقبلي، ومن ثم توجيه التعليم، واختيار التخصص الجامعي بناء على العمل المستقبلي المختار.
• ضرورة فك الارتباط بين رغبات الآباء والأبناء، ونقصد بذلك عدم توجيه الأبناء بناءً على رغبة الأهل بتخصص معين أو أمر محدد، وترك الخيار كاملاً للفتى أو الفتاة، وإنما يجب أن يقتصر دور الأسرة على النصح والإرشاد الحيادي، على حسب الأنسب عملياً.
التخطيط الاستراتيجي يتطلب إكراه الذات وإنكارها أحياناً، والتآمر حتى على المستقبل للوصول إلى الهدف المنشود في هذه الحياة المعقدة والمركبة، وفي ظل هذا المجتمع الذي يسود فيه اللاعقل، ويختفي فيه المنطق، وتبدو المشاكل والمعضلات أمراً طبيعياً.
لذا فإن كيفية الانخراط والتأقلم والبحث عن الذات تبدو المهمة الأسمى، وربما أسمى ما نفعله هو بناء جيل موّجه لكن يمتلك الشخصية والإرادة العاقلة المثقفة والواعية والقادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة والمستقلة في المكان والزمان الصحيح بطريقة علمية وعملية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.