كانت كمية الأخبار الملفقة التي رافقت اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية مهولة، جعلت الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم إنتاجاً للأخبار الكاذبة، وفق تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.
تقرير The Independent سبقه تقرير لـ"واشنطن بوست"، التي كشفت وقوف الإمارات وراء الاختراق الذي أعقبته أكبر أزمة سياسية في الخليج العربي.
صحيفة The Independent عقب ذلك، قالت إن الإمارات العربية المتحدة مُدانة بنشر أخبار مزيفة عن طريق الاختراق؛ لخلق أزمة ضد قطر.
وقالت إن كانت قصة "واشنطن بوست" صحيحة، فإن الإمارات العربية المتحدة متهمة بممارسة الخداع الواسع.
ولم يقتصر الأمر، وفق The Independent، على اختراق الموقع، واختلاق اقتباسات نارية تضع أمير قطر في موقف سيئ؛ بل تجاهلت مناشدات القطريين، الذين أكدوا مراراً أن الوكالة اخترقت.
الأسوأ من ذلك، أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، منعا بعد ذلك بثَّ شبكة الجزيرة الفضائية وغيرها من المواقع المملوكة لقطر في بلادهم.
لذا، إن كنت تتابع الأخبار وسط مدينة أبوظبي، فكل ما كنت ستسمعه هو بعض مقتطفات منسوبة إلى أمير قطر يشيد فيها بإيران وحماس، وهو نوع الأخبار الذي قد يجعلك تستشيط غضباً. لكنك لن تسمع أبداً عن الرد القطري المحتج على تلك الأكاذيب "لقد اختُرقنا ولم نقل ذلك قط".
لم يكن مفاجئاً حصارُ قطر
لذلك، لم يكن مفاجئاً أن يعلن التحالف الذي تقوده السعودية، بعد أقل من أسبوعين، حصاراً دبلوماسياً وتجارياً تجاه قطر، ويعتقد معظم المواطنين الإماراتيين أن قطر نالت عقابها العادل، كما استمر دونالد ترامب في توجيه التهم للدوحة.
قرقاش يبحث عن الثقة
ومع ذلك، يأتي أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، إلى بريطانيا هذا الأسبوع ليتحدث عن الثقة!
وقال أمام مجلس النواب الثلاثاء 18 يوليو/تموز الجاري: "إن الوضع الذي نريد أن ننتقل إليه؛ هو جارٌ يمكن أن نثق به، جارٌ يتمتع بالشفافية، يمكننا التعامل معه".
الثقة، الشفافية. قال ذلك لأمير قطر الذي تتعرض بلاده لمؤامرة دنيئة، إذا ما صحت المعلومات الواردة عن مصادر الاستخبارات الأميركية.
قبل ساعات قليلة، اتهم قرقاش قطر، في خطاب ألقاه بـ"شاتام هاوس"، بعدم بذل جهود جادة بما فيه الكفاية للتوصل إلى حل وسط بشأن المطالب المجحفة الـ13 التي حددها التحالف الذي تقوده السعودية.
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه السعوديون أن المطالب "غير قابلة للتفاوض" ويجب الامتثال لها بالكامل.
كما رفض قرقاش التقارير المزيفة بأن بلاده هددت بمقاطعة أية شركة تواصل العمل مع قطر. وأضاف: "إن هذا ليس صحيحاً"، متناسياً، على ما يبدو، التصريحات التي أدلى بها سفير الإمارات في موسكو عمر غباش.
قال غباش: "إن أحد الاحتمالات هو فرض شروط على شركائنا التجاريين، سنقول: إذا كنت تريد العمل معنا فعليك أن تختار".
لم يكن تحريف كلام أمير قطر هو التقرير الوحيد عن الأخبار المزيفة في نهاية هذا الأسبوع. يوم السبت، ظهر أن القراصنة تمكنوا من زرع قصة تدّعي أن 6 دول عربية طالبت الفيفا بمنع إقامة كأس العالم 2022 في قطر. ظهرت هذه القصة في نشرة إخبارية سويسرية تطلق على قطر "قاعدة الإرهاب". تم الاعتراف بزيف التقرير، الذي انخدعت به حتى وكالة الأنباء العالمية المخضرمة "رويترز"، فقط عندما نفت الفيفا تلقي مثل هذه الرسالة.
وتشير آخر الدلائل إلى أن منشأه هو مواقع إنترنت في الشرق الأوسط.
عندما تفكر في كل المعلومات الخاطئة التي تنتشر بسرعة، فليس من المستغرب أن يقول تقرير جديد عن حرية الصحافة الدولية، نُشر في أبريل/نيسان، أن العالم قد دخل عصراً جديداً من "ما بعد الحقيقة والحروب الدعائية وقمع الحريات".
وأظهر مؤشر حرية الصحافة العالمية لعام 2017، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، أن الشرق الأوسط أصبح أسوأ منطقة في هذا الصدد.
ثار احتجاج دولي عندما اشتملت مطالب التحالف الذي تقوده السعودية على إغلاق شبكة تلفزيون "الجزيرة"، باعتبارها من المطالب المثيرة للسخرية.
ولكن بالنظر إلى ما قاله غباش في ذلك الوقت، فهو أمر تقشعر له الأبدان.
فقد قال: "نحن لا ندّعي أن لدينا حرية للصحافة، ونحن لا ندعم فكرة حرية الصحافة. إن ما نتحدث عنه هو مسؤولية التعبير".
خطاب الانتقال من السلام إلى العنف
وقال إن الخطاب في الخليج "له سياق خاص، وإن هذا السياق يمكن أن ينتقل من السلام إلى العنف في أي وقت نتيجة لعبارات يتفوه بها البعض".
هذا التحرك للسيطرة على وسائل الإعلام، كان واضحاً في المواقف المتغيرة حول مستقبل "الجزيرة".
وقال التحالف الذي تقوده السعودية، في مواجهة الاحتجاج على المطالبة بإغلاق شبكة الجزيرة، إنه سيوافق بدلاً من ذلك على "تغيير جذري وإعادة هيكلة" للقناة الإخبارية التي تُبث باللغة العربية.
أنا لا أعرف ما هو رأيك، ولكن إذا تحدثت حكومتي عن "التغيير الأساسي وإعادة هيكلة" هيئة الإذاعة البريطانية- فسأكون قلقاً جداً.
يجب على قطر أن تقاوم أي محاولات لتضييق حرية الصحافة، الأمر الذي يميزها عن مُتهميها، كما ظهر من اكتشافات هذا الأسبوع.