تستعد الدول الخليجية لتوجيه أقوى تلميحاتها حتى الآن بأنَّها تعتزم طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي، وهي منظمة تجارية وأمنية إقليمية.
ففي تصريحات معدة سلفاً من المقرر أن يدلي بها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في لندن، الإثنين 17 يوليو/تموز 2017، سيُحذِّر أنور قرقاش قائلاً: "لا يمكنكم أن تكونوا جزءاً من منظمةٍ دولية مُكرَّسة لتعزيز الأمن المشترك وتوثيق المصالح المشتركة، وفي الوقت نفسه تُقوِّضون ذلك الأمن وتُضرّون بتلك المصالح. لا يمكنكم أن تكونوا صديقاً لنا وللقاعدة في آن".
وحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية فإنه سيؤكِّد على أنَّ مقاطعة قطر المستمرة منذ 6 أسابيع بدأت تؤتي أكلها، وسينفي الإشارات التي تفيد بأنَّ التحالف الرباعي المناوئ لقطر -الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين- قد أخطأ في حساباته، وذلك عبر الادِّعاء بأنَّ قطر بالفعل تُقدِّم تنازلات.
وسيدَّعي قرقاش أنَّ تعهُّدات قطر الخاصة للقوى الغربية بأنَّها ستراجع قائمة المُتطرِّفين الـ59 التي تدَّعي الإمارات وجودهم في الدوحة هي نتيجة مباشرة لضغط الحصار. وترغب الإمارات كذلك في اعتقال أو طرد هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى 12 منظمة مُحدَّدة.
ويأتي اختيار قرقاش للعاصمة البريطانية لندن للإدلاء بكلمته في وقت شكل الموقف الأوروبي العام من الحملة ضد قطر، وعدم انسياق بروكسل كعاصمة للاتحاد، ولا العواصم الرئيسية لدوله، تحديداً باريس وبرلين، خلف الحملة، عاملاً في تخييب آمال محور الرياض ــ أبو ظبي، حسبما خلص تقرير لصحيفة العربي الجديد.
ومع اختلاف المواقف الصادرة عن القارة العجوز فإن أياً منها لم تسر خلف محور الرياض وأبو ظبي في الحملة ضد الدوحة.
وربما يكون لهذا القرار أسباب عديدة، تبدأ من فهم المسؤولين الأوروبيين، عبر سفاراتهم في المنطقة العربية، للأسباب الحقيقية للتصعيد ضد قطر، أي الرغبة بضمّها إلى محور السعودية ــ الإمارات وتجريدها من أي عنصر استقلالية في سياساتها الخارجية، وتمرّ بإدراك أوروبا لتهافت الاتهامات الموجهة لقطر، وتصل إلى استشعار خطر جدي من احتمال تمدد النزاع الخليجي نحو مناطق حساسة بالنسبة للغرب، مثل إيران وتركيا مثلاً. ويحلو للبعض إيراد سبب آخر للموقف الأوروبي، ترجمته برلين بالقول إن الأزمة سببها الرئيس دونالد ترامب وتحريضه عواصم الحملة السعودية ــ الإماراتية، وهو ما يكشف، ضمنياً، ربما، رغبة أوروبية بالتمايز عن ترامب، في توقيت هو الأسوأ في العلاقات الأميركية ــ الأوروبية.
إشادة وهجوم
وكان الوزير الإماراتي قد أشاد بقرار قطر الأسبوع الماضي توقيع مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن تمويل الإرهاب باعتباره "تطوُّراً مهماً".
غير أنَّ النبرة الشاملة للخطاب، الذي سيُلقى في معهد تشاثام هاوس بلندن، مُتصلِّبة وتنطوي على ادِّعاءاتٍ بتمويل قطر للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهي الجماعة الجهادية التي درَّبت الانتحاري الذي نفَّذ هجوم مانشستر.
وسيصف الوزير، الذي سيدَّعي أنَّ الإمارات تُحذِّر من تهديد التطرُّف منذ الثمانينيات، قطر بأنَّها "دولة غنية للغاية تمتلك 300 مليار دولار من الاحتياطيات، وترتبط بالإرهاب والجهاد المُتطرِّف".
ويُنتَظَر أن يحبط هذا الكلام سلسلة وزراء الخارجية الغربيين الذين سافروا إلى الخليج لمحاولة التوسُّط في النزاع. وقد حذَّروا جميعاً من أنَّ المواجهة تُهدِّد بزعزعةٍ طويلة الأمد للاستقرار، وأنَّ المستثمرين قد ينسحبون إن لم تُسوَّ سريعاً، الأمر الذي سينتج عنه ضررٌ اقتصاديٌ طويل الأجل.
وسيقول قرقاش: "من المفهوم أنَّ الكثير من أصدقائنا في أوروبا وخارجها قلقون بشأن الأزمة، فهم يرون الخليج العربي باعتباره ملاذاً للاستقرار في شرق أوسط متزعزع، وسوقاً مشتركة مهمة وفعَّالة. وسيجادل الكثيرون بأنَّ تلك المنطقة واحدة من الحصون العربية القليلة في وجه مزيدٍ من التوسُّع الإيراني. ونحن نتفهَّم ونحترم تلك الشواغل".
وسيضيف: "لكن كما نعلم من اجتماعاتنا مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، فهم أيضاً يدركون ازدواجية قطر".
لماذا فعلوا ذلك؟
وسيدَّعي قرقاش أنَّ قادة قطر ليسوا جهاديين بحد ذاتهم، لكنَّهم رأوا فرصةً لتأمين نفوذٍ لهم. فسيقول: "لقد اعتقدوا أنَّ الحركات الإسلامية المتطرِّفة كانت في طريقها للسيطرة على الشرق الأوسط، وأرادوا بانتهازيةٍ أن يُسخِّروها كحركاتٍ حليفةٍ لهم. وهي سياسة ضلَّت طريقها، ويغذيها المال والطموح المنفلت. لقد حاولت قطر بحمقٍ أن تُروِّض وحش الجهاد".
وسينفي قرقاش أن يكون الدافع وراء حصار قطر هو الاختلافات مع دول الخليج الأخرى بشأن الإخوان المسلمين، وسيصر على أنَّ القائمة التي تورِد 59 شخصاً و12 منظمة تضم أولئك الذين لديهم "صلات مُثبتة" مع القاعدة و"التنظيمات الشبيهة بها".
ومع ذلك، تنفي قطر أنَّها ترعى التطرُّف، وتقول إنَّ التحرُّكات ضدها تهدف لخنق سياستها الخارجية التي رسمت لها طريقاً أكثر استقلالية من جيرانها الخليجيين بشأن إيران التي تتشارك معها قطر حقلاً للغاز، وأثناء الربيع العربي.