هل كان سيد قطب إرهابياً متطرفاً؟

مؤسس علم الاجتماع العراقي العلامة على الوردي، وملك الرواية المصرية نجيب محفوظ، وشيخ النقاد العرب عباس العقاد، وعميد الأدب العربي طه حسين، وغيرهم أشادوا بقطب وكتاباته ومؤلفاته، مع أنهم اختلفوا معه في الكثير من رؤاه، لكنهم لم يذكروا اسمه إلا وكلمة أستاذ سابقة له، وجلهم وصفوه بالأديب والمفكر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/13 الساعة 00:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/13 الساعة 00:40 بتوقيت غرينتش

"1"

بعد الأحداث العربية الأخيرة بدأ اسم سيد قطب بالظهور إلى العلن مرة أخرى، وتداوله بالنبز والثلب من قِبل مَن يسمّون أنفسهم ليبراليين وعلمانيين.

اللافت في الأمر إلصاق تهمة الإرهاب بسيد قطب واعتباره منظراً وأباً روحياً للمتطرفين، وقد طالب هؤلاء الديمقراطيون المدافعون عن الكلمة الحرة كما يتشدقون بأن تحرق كتبه ويمنع وجودها في المكتبات والجامعات، وهذا ما يدفع المرء إلى أن يصف هؤلاء بالجهل وقلة التهذيب عند حديثهم عن قامة أدبية وفكرية كبيرة كسيد قطب، سيد قطب الذي شهد له كبار أدباء ومفكري العرب والغرب بالإبداع والتميز والتفرد.

مؤسس علم الاجتماع العراقي العلامة على الوردي، وملك الرواية المصرية نجيب محفوظ، وشيخ النقاد العرب عباس العقاد، وعميد الأدب العربي طه حسين، وغيرهم أشادوا بقطب وكتاباته ومؤلفاته، مع أنهم اختلفوا معه في الكثير من رؤاه، لكنهم لم يذكروا اسمه إلا وكلمة أستاذ سابقة له، وجلهم وصفوه بالأديب والمفكر.

يا ترى لو علم هؤلاء العمالقة أنه إرهابي أو أن أفكاره متطرفة هل كانوا سيرحمونه؟ وهم منظّرو العلمانية والليبرالية العربية الحديثة.

لا أتصور أن العصبة الجديدة في الساحة المصرية الراهنة، وهم الخاسرون المسيئون لسمعة الليبرالية والعلمانية، قد قرأوا كتب سيد قطب وإلا ما كانوا قالوا عنه ما قالوا، هم فقط تسامعوا أحد أتباع الديكتاتور المنقرض جمال عبد الناصر يصفه بالتطرف، فتناقلوا وزادوا من عندهم؛ كي يسيئوا لسمعته، ويبعدوا عنه الناس، وما علموا أنهم زادوا بذلك من شهرته، وتعلق الناس به أكثر وأكثر، وتتبعوا ولا يزالون كتبه ومقالاته وأبحاثه وتربوا عليها وربوا بها أبناء وأحفادا.

"2"

كما القرآن كُتب سيد قطب حمّالة أوجه أيضاً، فعندما يأتي شخص ويجتزئ نصاً من القرآن ويشده ويمطه ويبلوره حسبما يريده هواه، ويقول بعدها هذا من عند الله، كذا مؤلفات سيد لا يصلح معها التجزئة، فعندما يأتي شخص جاهل ومتحمس من فراغ ويأخذ بعبارات وجمل من كتب سيد قطب، ويبني عليها فتاوى وأسساً وبرامج لحزبه أو منظمته حسب مزاجه، الذنب وقتها ليس ذنب سيد، بل ذنب مَن فهم واستغل كُتب سيد كستار للتغطية على نية سوداء غير صافية.

على سبيل المثال لا الحصر مصطلحات (الجاهلية والحاكمية والمجتمعات الكافرة والمرتدة) وغيرها من مصطلحات ذكرها سيد قطب في سبيل التأطير والتأصيل لها فقط، ولم يعممها ويطلقها على المجتمعات الراهنة في وقته ووقتنا، والدليل على صحة ما أرنو إليه عدم تحديده، وذكره لاسم أي مجتمع من المجتمعات الغربية والعربية في مؤلفاته وكتاباته… فعندما يأتي أحدهم ويكفر مجتمعاً عربياً أو غربياً محدداً بعينه، ويصفه بالجاهلية ويقوم بأعمال مخالفة لكل عرف ديني ودنيوي، لا يجب أن نُحمل سيد قطب الوزر.. ولك صديقي القارئ أن تقيس على ذلك المنوال قضايا وشوائك أخرى في مؤلفات القطب سيد.

لكل مَن يصف سيد قطب بالتطرف والإرهاب أود أن يطلع على روائعه تخصيصاً (مهمة الشاعر في الحياة، في التاريخ فكر ومنهاج، العدالة الاجتماعية، في ظلال القرآن، مفترق الطرق.. إلخ) وغيرها من كتب ومقالات ومؤلفات كتبت بأسلوب لا يضاهيه أسلوب، تأثيراً وحبكةً وعمقاً ودقةً، آنذاك ليحكم ضميره ويقول هل سيد قطب إرهابي أم أديب ومفكر مبدع فريد من نوعه؟

مرت ستون من السنين وما يزيد، ولا يزال سيد قطب وفكره محل جدل ونقاش، وكتبه لا تزال تتصدر أعلى المبيعات في المكتبات الإسلامية، وذكره كالشمس ما أن تغيب لتشرق، وبالمقابل ناقدوه لا تخرج الكلمة من أفواههم إلا وهي حاملة لكفنها، وذكر أسمائهم كظل الظهيرة حتى هم أنفسهم ينسونه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد