الشِرْكُ وَمَعْنَاهُ وَخَفَايَاهُ

ثُمَّ إن الرِّياء محبِط للعمل وخِداع للنفْس؛ قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً".

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/11 الساعة 02:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/11 الساعة 02:32 بتوقيت غرينتش

إن من الواجبات المحتّمات، ومن أهم المهمات؛ أن يعرف العبد معنى الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده، ويَسْلَمَ إسلامه، ويصح إيمانه. فأقول وبالله التوفيق ومنه السداد:

اعلم -وفقك الله لهداه- أن الشرك في اللغة هو: اتخاذ الشريك يعني أن يجعل واحداً شريكاً لآخر. يقال: أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين، أو أشرك في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين.

وأما في الشرع فهو: اتخاذ الشريك أو الند مع الله -جل وعلا- في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات. ففي هذه المقالة أخطرُ وأعظم الكبائر التي يجدُر بكلِّ مسلم أن يوليها اهتمامه، علماً بها وحذراً من اقترافها، ألا وهي الشِّرْك بالله تعالى؛ لماذا؟ لأنَّ الشرْك بالله تعالى مِن أعظم الكبائِر على الإطلاق، وكفى أنَّه الذَّنْب الذي لا يَغفِره الله إلاَّ لمَن تاب وأناب قبلَ أن يموت.

قال اللَّهُ تباركَ وَ تعالى: "إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً".

وقال أيضاً: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ". وقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم: "ألاَ أُنبِّئكم بأكبرِ الكبائر؟ الإشراك بالله" (متفق عليه).

والشِّرْك بالله تعالى نوعان: شرْكٌ أكْبر، وهو عِبادة غير الله، أو صَرْف أيِّ شيءٍ مِن العبادة لغير الله، وشرْك أصغَر ومنه الرِّياء؛ قال -تعالى- في الحديث القُدسي: "أنا أغْنَى الشُّركاء عنِ الشرك، مَن عمِل عملاً أشْرَك معي فيه غيري تركتُه وشِرْكه" (رواه مسلم).

وإليك بيانَ بعض المحرَّمات الشركية التي يجِب الإقلاع عنها، وقد راعيتُ في اختيارها ما يهمُّ ويقَع فيها السوادُ الأعظم من الناس، فنسأل الله -تعالى- أن يقيَنا وسائرَ المسلمين الذنوبَ والمعاصي، وأن يختم لنا بخاتمةِ السعادة أجمعين. والله مِن وراء القصد وهو الهادي إلى الصراط المستقيم.

1- شدُّ الرِّحال لأولياء الله تعالى:

وهذا أمرٌ قد عمَّ وانتشر انتشارَ النار في الهشيم، وشدُّ الرِّحال والذَّهاب إلى أصحاب الأضرحة مِن الأولياء وأقطاب الصوفيَّة الذين ماتوا وسؤالهم والاستعانة بهم، والنَّذْر والدُّعاء عندهم، إنَّما هو شرْك يُخالف صريحَ القرآن والسُّنة، وإليك بعض الأدلَّة على حُرمة ذلك:

قال تعالى: "وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سبحانه وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ".

• وعن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- قال: "كنتُ خلْفَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يوماً فقال: "يا غلامُ، إني أُعلِّمك كلمات: احفظِ الله يحفظْك، احفظِ الله تجدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتَبَه الله عليك، رُفِعت الأقلام وجفَّتِ الصُّحُف".

• وعن أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- قال: سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "قال الله تعالى: أنا أغْنَى الشُّركاء عن الشِّرك، مَن عمِل عملاً أشْرك فيه معي غيري تركتُه وشِرْكه".

وفي هذه الأدلَّة مِن القرآن والسُّنة الكفاية ليتبيَّن ضلالُ مَن يفعل ذلك؛ اعتقاداً منه أنَّ هناك مَن ينفع أو يضر مع الله تعالى.

2- الحلف بغير الله تعالى:

لا يجوز للمسلِم أن يحلِفَ أو يقسم بغير الله تعالى، مِثال ذلك: الحَلِف بالأمانة والنِّعمة، وحياة النبي وحياة الأب والأم، وروح فلان أو رحمته، أو غير ذلك، فكلُّ هذا حرامٌ، وإليك بعضَ الأدلَّة من الأحاديث الصحيحة:

• رَوى البخاريُّ ومسلمٌ عنِ ابن عمرَ مرفوعاً قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّ الله ينهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، فمَن كان حالفاً فليحلفْ بالله أو ليصمت".

هذا، وعلى فرْض أنك -أخي القارئ- حلفتَ خطأً ودون قصْد أو نيَّة بالنبي، أو الأمانة، أو بحياة فلان، أو غير ذلك بحُكم العادات المتوارثة، فكيف تخرُج مما قلت؟

الجواب: ولله الحمد والمِنَّة، فقدْ جعَل لنا من الأمْر مخْرجاً، ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاريُّ أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن حلَف فقال في حَلِفه: باللات والعُزَّى، فليقل: لا إله إلا الله".

إذاً للخروج ممَّا قلت، أن تقولَ: لا إله إلا الله، وليس هناك كفَّارة مِن مال أو صيام؛ لأنَّ الحالِفَ بغير الله قد أشْرك، والشِّرك لا كفَّارة له، فليس له إلا الاستغفار وقول: لا إله إلا الله.

وقدْ جاء في الأثَر أنَّ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: "لأنْ أحلِفَ بالله كاذباً أحب إليَّ مِن أن أحلِف بغيره صادقاً"، لماذا؟ لأنَّ الحلِف بالله كاذباً يمين غموس ومِن الكبائر، والحلِف بغيره شِرْك، ومن أعظم الكبائر، انتبه.

3- تعليق التمائم:

والتَّمائم جمْع تميمة، وهي خرَزة كان العرَب يجعلون أولادهم يلبسونها، زاعمين أنَّها تدفَع عنهم شرَّ الجن وتقيهم العين وغير ذلك، وهذا شِرْك وحرام، والدليل قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن علَّق تميمةً فقد أشرك" [6].

وقد يقول قائل: إنْ كانتِ التميمة مِن آيات القرآن، فهل تجوز؟
الإجابةُ ما جاء في كتاب "فتح المجيد في شرْح كتاب التوحيد" ما يلي باختصار، أنَّ "السَّلَف اختلفوا في ذلك؛ فبعضُهم رخَّص فيها، وبعضهم منَع، والأقرب إلى الصواب هو النهيُ عن ذلك للأسباب التالية:

1- عموم النهي ولا مُخصِّصَ للعموم.
2- سدّ الذريعة، فإنَّه يُفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
3- أنَّه إذا علَّق فلا بدَّ أن يمتهنَه المعلِّق بحملِه معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء، ونحو ذلك.

4- الرُّقى:

والرُّقية منها ما هو شِرْك، ومنها ما هو مشروع، فالأوَّل محرَّم وشِرْك، والدليل ما أخرجه مسلمٌ عن عوف بن مالك قال: "كنَّا نرقي في الجاهلية فقُلنا: يا رسولَ الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعْرضوا علي رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقَى ما لم تكن شِركاً" [7].

فإن كانتِ الرُّقية بتعاويذ وطلاسِم وكلمات غير مفهومة، فهذا شرْكٌ وكُفر، ومِن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب: "الرَّحْمة في الطبِّ والحِكمة"، وأنقُله لك مِن كتاب السُّنن والمبتدعات؛ لنوضِّح ردَّ مؤلفه اللاذع والقوي على هذه السخافات؛ لتزدادَ فائدة وتحترز مِن هذا الكتاب وغيره مِن الكتب التي تدعو إلى الشِّرْك والعياذ بالله؛

ومِن ثَمَّ، يتبيَّن لنا من هذه الأدلة أنَّ الرقية الشرعيَّة ما كانت بأسماء الله أو صِفاته أو بقرآنه أو بكلام النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فكلُّه جائزٌ، وغير ذلك فهو شرْك، وقد جاء في كتاب: "فتح المجيد في شرح التوحيد" ما يلي: قال السيوطي -رحمه الله: قدْ أجمع العلماءُ على جواز الرُّقَى عندَ اجتماع 3 شروط:

1- أن تكونَ بكلام الله أو بأسمائه وصِفاته.
2- وباللِّسان العربي وما يُفهم معناه.
3- وأن يعتقد أنَّ الرقية لا تؤثِّر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى

5- تصديق العرَّافين والدجَّالين:

مَن أتَى العرَّافين والدجَّالين ليسألهم عن شيء، فقد أتى باباً من أبواب الشِّرْك؛ لأنه اعتقد أنَّ هناك من البشر مَن يعلم الغيب، وهذا افتراءٌ وكذِب؛ لقوله تعالى: "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون".

هذا، وقد حذَّر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمتَه مِن إتيان العرَّافين والدجَّالين؛ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم يُقبل له صلاةٌ أربعين ليلة".

وأيضاً الحديث الذي رواه الإمامُ أحمدُ قال فيه صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن أتى حائضاً أو امرأةً في دُبرها فقدْ كفَر بما أُنزِل على محمَّد".

وأنواع الدَّجَل والشعوذة كثيرة؛ كضَّرْب الودع، وقراءة الفنجان، وتصديق أبراج الحظ في الجرائد والمجلات، وقراءة الكف والكوتشينة… إلخ.

فكلُّ هذا دجَل وشعوذة، وضرْب من ضروب التخيُّل، وليس غيباً يعلمونه، وهؤلاء الدجَّالون يمتازون بلباقة في الحديث، ورشاقةٍ في الأسلوب، وإنَّ من البيان لسحراً، وهم يضحكون على عقول السذج مِن البُسطاء أو أصحاب القلوب الفارِغة مِن الدِّين من حمَلة المؤهلات العليا والمتوسِّطة، الذين يُصدِّقون مثلَ هذه الخُرافات، وأُهدي إليهم هذا الدليلَ؛ عسى أن يعودوا إلى طريق الحقِّ والرَّشاد مِن كلام الصادق المعصوم -صلَّى الله عليه وسلَّم؛ روَى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أناسٌ عن الكهَّان، فقال: "ليسوا بشيء"، فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّهم يُحدِّثوننا أحياناً بشيء، فيكون حقّاً؟ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "تلك الكلمة مِن الحق يَخطَفُها الجن، فيقرها في أُذن وليِّه، فيخلطون معها مائةَ كذبة".

وبادئ ذي بَدْء، فإني أحذِّر من شراء الكتب التي تدعو إلى الشِّرك، مثل: كتاب "شمس المعارف الكبرى"، وكتاب "الرحمة في الطب والحِكمة"، وكتاب أبي معشر الفَلَكي، وغيرها مِن كُتب تحمل في طِيَّاتها السُّمَّ الزعاف، الذي يُصيب مَن يُصدِّقه بوباء الشرك الذي لا يغفره الله تعالى، وإليك فقراتٍ مِن هذه الكتب؛ لتكونَ على بيّنة من أمرك، فلا تشترها وحذِّر منها إخوانك لما قد يجرُّه عليهم تصديقُها من سوء الخاتمة في الدنيا والآخِرة.

جاء في كتاب "شمس المعارف الكبرى" (1/ 16): "لمَن أراد علاجَ مريض أو عودة غائب أو التوفيق بيْن متخاصمين، فيعرفون ذلك بأن جعلوا لكلِّ ملَك يوماً مسؤولاً عنه، فمَن أراد شفاء المريض أو عودة الغائب أو الإصلاح بين المتخاصمين، يعرِفون اليوم، ثُم ينادون على الملَك الموكَّل بهذا اليوم، ويستغيثون به من دون الله لشفاءِ المريض، أو عودة الغائب أو الإصلاح بين المتخاصمين". اهـ.

في الكتاب نفسه (1/ 116): دُعاء واستغاثة بأسماء ملائكة وشياطين، وبعض أسماء الله الحُسْنَى أنقُله لك؛ لتدركَ إلى أيِّ مدىً صار تصديق مثل هذا الكلام، من شرك وضحِك على العقول جاء ما نصُّه:

"أجب ياسمسمائيل بحضور الملك الأحمر، أجب يا أحمر بحق الملك الغالب عليك أمره سمسمائيل، وبحق دمليخ إلا ما أجبت وأسرعت وفعلت ما أمرتك به، أقسمت عليك يا ميكائيل الموكل بفلك عطارد، وبحق من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير الستار، أجب يا ميكائيل بحضور برفان أجب يا برفان بحضور الملك الغائب"… إلخ.

فهل هذه الأدعية والاستعانات مِن الله أم مِن الشيطان؟ اعلم أنَّ كلَّ هذا دجَل، ولا يعلم الغيبَ إلا الله، ولا نافِع ولا ضار إلا هو سبحانه وتعالى.

أما كتاب (أبو معشر الفلكي) وهو دستور الدجَّالين والمشعوذين، فهو مليء بالأبراج والأرقام والخُرافات والشِّرْك من أوَّله إلى آخِره، فمثلاً: إنَّ الحامِل إن أرادتْ أن تعرف المولود لها ذكراً أم أُنثى، جاء ما نصُّه:

"احسبِ اسمها واسم أمها واسم اليوم الذي سُئلت فيه، وأسْقِطه على 44، فإن بقي واحد فولد، وإن بقي اثنان فأُنثى، وإن بقي ثلاث تسقط، وإن بقي 4 تلد زوجاً، ويستطرد قائلاًَ: مَن وَلَد أول النهار يكون غنيّاً، ومَن ولد آخِر النهار يكون غبيّاً".

6- الطِّيَرة والتشاؤم:

الطيرة أو التشاؤم شرْك؛ لأنَّ الإنسان إنْ أراد أن يفعل شيئاً كسفَر أو زواج أو غير ذلك وتشاءَم مِن صوت بومة، أو رقم 13، أو لون مِن الألوان، أو كلمة يسمعها، أو غير ذلك، وردَّه عما كان سيفعله؛ خوفاً من ضرر يصيبه من ذلك، فقدْ أوقع نفسه في الشرك؛ قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى: إنَّما سمَّاها شِركاً؛ لأنَّهم كانوا يرون ما يتشاءَمون به مؤثراً في حصولِ المكروه، وملاحظة الأسباب دون مسبِّبها سبحانه في الجملة شِرْكٌ خفي، فكيف إذا نظَر إليها جهالةً وسوء اعتقاد؟!".

ومِن أمثله ذلك، ما تعتقده النِّساءُ في أيام النِّفاس من الدخول عليهنَّ بلحم أو باذنجان أو بلح أحمر فيحدُث لهنَّ تشاؤم؛ خوفاً من عدم نزولِ اللَّبن أو غير ذلك، فهو شِرْك، وعلى الإنسان أن يتوكَّل على الله، فإنْ منعَه مانعٌ دون اعتقاد بالضرر منه، وإنما اضطرَّ إلى ذلك فليس هذه طِيَرة أو شِرْكاً، ما دام عزم التوكل على الله القائِل: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ".

واعلم -أخي القارئ- أنَّ خيراً من الطِّيَرة الفأل وتوقُّع الخير، وجاء عن أنس -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "لا عَدْوَى ولا طِيرة، ويُعجبني الفأل الحسن"، قالوا: وما الفأل يا رسولَ الله؟ قال: "كَلِمة طيِّبة".

والمسلم دائماً يُحسِن الظن بالله ويتفاءَل خيراً.

7- الرياء أو الشرك الخفي:

مِن شروط العمل الصالح أن يكون خالصاً من الرِّياء، فمن يُرائي في صلاته أو صدقته أو حجَّته أو شجاعته، فعملُه مردودٌ عليه؛ لقوله تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ".

ثُمَّ إن الرِّياء محبِط للعمل وخِداع للنفْس؛ قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً".

وقد حذَّر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأنذر من الرِّياء والشِّرْك في الأعمال والأقوال، فقال فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "قال الله تعالى: أنا أغْنى الشُّركاء عن الشِّرْك، فمَن عمل عملاً أشْرَك فيه معي غيري تركتُه وشِرْكه". وأيضاً عن ابن جندب بن عبد الله بن سُفيان -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن سمَّع سمَّع الله به، ومَن يُرائي يرائي الله به".

أخي القارئ، لقد أطلتُ في شرْح وتوضيح هذه الكبيرة لخطورتها، وتعلَم كما أعلم يقيناً أن التوحيد الخالص هو الغاية مِن خلْق الله تعالى لعباده، وللجَنَّة والنار، وإرساله للرُّسل والأنبياء على مرِّ العصور مبشِّرين ومنذرين، ومِن ثم حذارِ أن تجعل أعمالَك وأقوالك يشوبها عدمُ الإخلاص لله تعالى، فهي مردودةٌ عليك، ولا يتقبَّل الله منك إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، والله مِن وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد