التايمز البريطانية: الأزمة زادت من شعبية أمير قطر.. وهكذا أربكت سياسته دول الحصار

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/11 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/11 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش

اعتبرت صحيفة التايمز البريطانية أن الخطة، التي دبرتها دول الحصار لزعزعة استقرار دولة قطر الصغيرة والثرية تسببت في اندلاع آثارٍ عكسية تمثلت في تكوين هالة تأييد وإعجاب حول الأمير الشاب البالغ من العمر 33 عاماً.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين من جانب، وقطر، والتي تعد واحدة من أغنى دول العالم، من جانب آخر، دخلت شهرها الثاني دون مؤشراتٍ قوية على اقتراب التوصل إلى تسويةٍ بين الطرفين.

وكانت شبكة "بي بي سي" البريطانية قامت بجولة في شوارع قطر في اليوم الثاني عشر للأزمة حيث رصدت مظاهر التأييد لأمير البلاد منها حمل سيارات كثيرة صور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي ألصقت على واجهات السيارات والمحال التجارية والشاحنات الكبيرة، وكتب تحتها، عبارة (تميم المجد).

وفي ليالي الدوحة تخرج مواكب شعبية إلى الشوارع لدعم الموقف القطري الرسمي في الأزمة، ولكن يخشى كثيرون من أن تترك هذه الأزمة جرحاً عميقاً في جسد العلاقات الخليجية – الخليجية، قد لا يندمل بسرعة مهما مرت الأيام والأزمات، وفقاً لـ"بي بي سي".

وسافر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى الكويت الإثنين، 10 يوليو/تموز 2017 في محاولةٍ للتوسط بينهم لإجراء مباحثات سلام.

هالة من التأييد

وتتهم الدول الأربع قطر بتمويل المُتطرِّفين السُنّة ويأملون، على ما يبدو، أن يؤدي عزل الدوحة عن الدول المجاورة لها إلى الإطاحة بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حسب تقرير التايمز.

لكن بدلاً من إضعاف نفوذ الشيخ تميم محلياً، أسهم النزاع الممتد لخمسة أسابيع في رسمِ هالةٍ من التأييد حوله.

يقول عبد الرحمن الكواري، وهو طالبٌ يبلغ من العمر 27 عاماً وكان يزور معرضاً لأعمالٍ للسيرة الذاتية للأسرة القطرية الحاكمة لفنانٍ محلي يُدعى أحمد المعاضيد: "جعلني هذا أدرك ضرورة أن ندعم جميعاً بلادنا أكثر".

ويسمى المعرض "تميم المجد". وكانت أكبر شركتي اتصالات في قطر قد غيرتا الاسم الرسمي لشبكتيهما أيضاً إلى "تميم المجد".

وبات من المستحيل تجنب رؤية صورة الأمير في أي مكان، فصورته تطل على الشارع من المباني الحكومية. إنها نفس الصورة على الدوام، وجه الأمير من الجانب مطبوع بواسطة ورقٍ مُفرَّغ.

لماذا أربكهم؟

وفرضت السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين حصاراً ضد البلاد بهدف تغيير سياستها الخارجية. وقد أصدرت هذه الدول 13 مطلباً، من بينها غلق قناة الجزيرة القطرية، والتي يُلقون عليها باللائمة في التحريض على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، بالإضافة إلى مطالبتها بالامتناع عن إيواء وتوفير الدعم للجماعات الإرهابية المدعومة من إيران مثل حزب الله.

غير أن الأمير القطري تجاهل مطالبهم في خطوةٍ يعتقد كثيرون أنها أربكت أمير السعودية المُرقى حديثاً وحلفاءه (في إشارة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان).

وتزعم قطر الإمارة الصغيرة الغنية بالغاز أن معارضيها لا يعرفون ما يتوجب عليهم فعله بعد ذلك.

ويقول الشيخ سيف آل ثاني، أحد أقارب الأمير ومدير مكتب الاتصال بالحكومة: "لا أعتقد أن الدول الأربع تتفق فيما بينها حول الكيفية التي سيخرجون بها من هذه الأزمة. أعتقد أنهم ظنّوا أنها ستنتهي خلال بضعة أيام".

وحظرت الدول الأربع رحلات الطيران المباشرة مع قطر، وأغلقت السعودية الحدود البرية معها. وأدت خطواتهم إلى تسليط الضوء على الأمير القطري، الذي تلقَّى تعليمه في بريطانيا.

ما دور الأمير السابق؟

وكان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد تنازَلَ عن العرش منذ أربع سنوات، لكن كان يُعتَقَد أنه يمارس دوراً ما خلف المشهد السياسي، حسب التايمز التي استدركت قائلة "ولكن ويبدو أن تواجد شابٍ ذي عقليةً منفتحة على العالم على رأس السلطة خلال الأزمة الحالية كان بمثابة هديةٍ لجهود العلاقات القطرية".

وتقول الدول الأربع أنها حذرت قطر لتغيير سياستها الخارجية لسنواتٍ دون نجاح. وتُتهم قطر بتوظيف ثروتها، المتراكمة من احتياطات الغاز الطبيعي الهائلة، لتمويل جماعات إسلامية بينما ترفض قطر هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً.

تحذير أميركي

استدعى هذا المأزق جهوداً دبلوماسية هائلة من قبل الغرب، الذي قلل من شأن النزاع بين الطرفين في بادئ الأمر لكنه أدرك بعد ذلك أنه يُشكل أزمةً استراتيجية. وتَدخَّلت للوساطة في هذه الأزمة جميع الدول الغربية الحليفة لقطر والإمارات واللتين تُعدان موطناً للقواعد العسكرية الغربية خلال حربها ضد تنظيم (داعش).

وخلال الأسبوع الماضي، جدَّد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس حديثه عن العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وقطر، في تحذيرٍ واضح ضد اتخاذ أي فعلٍ مباشر ضد الإمارة الخليجية.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، زار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون السعودية وقطر بالإضافة إلى الكويت التي تتوسَّط بين جميع الأطراف لحل الأزمة. وقد دعا جونسون إلى وقف التصعيد وتهدئة الأوضاع، إذ قال: "لديّ انطباعٌ بأننا نستطيع إحراز تقدم وأن هناك طريقاً للمضي قدماً. نعتقد أن الحصار لم يكن خطوةً مُرحَّباً بها".

يقول الأشخاص الذين يعرفون الأمير القطري إنه يثق في قدرته على مقاومة الهجوم. لكن هناك أيضاً جهوداً ماهرة تُبذَل للوصول إلى تسويةٍ للأزمة.

ويؤكد المسؤولون أن الأمير السابق، الذي كان يدير السياسة القطرية الخارجية عن طريق ضخ المال إلى الحركات الثورية عبر المنطقة، تقاعَدَ بشكلٍ كامل ولا يمارس أي دورٍ حالياً في إدارة البلاد. ويقولون أيضاً إن الأمير الشاب يُركِّز على الشأن المحلي لا الدولي، حسبما نقلت عنهم التايمز.

الحائط

وتُزيِّن صورة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والتي صمَّمَها الفنان القطري أحمد المعاضيد، حوائط المباني، التي صارت الآن مُغطاةً بكتاباتٍ عفوية، على ما يبدو، لمؤيديه.

وبدأت الصورة، التي تُظهر الأمير وهو يُحدِّق ببصره للأمام، كصورةٍ يضعها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي على صفحاتهم الشخصية كصورةٍ رئيسية، وسُرعان ما انتشرت في كل مكان.

وبجوار صورة الأمير الموجودة على مدخل معرض المعاضيد الذي يعرض صور العائلة الملكية، كُتبت عبارات: "نحبك يا تميم"، و"اللهم احم قطر وأرشدها إلى الصواب"، و"المجد لتميم". ورسم البعض الآخر قلوباً وصوراً شخصية لهم.

وفي موقع به أحد الملصقات العملاقة في إحدى ضواحي الدوحة، اُستُخدِمَت رافعةٌ لنقل الأشخاص إلى أعلى الصورة لكتابة ما يريدون من عباراتِ التحية لتميم.

وكتب أحد معجبي الأمير القطري: "إذا كان آخرون يمتلكون العالم، فنحن لدينا تميم".

تحميل المزيد