يرى خبراء أن انهيار المعقل الرئيسي لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة الموصل، الأحد 9 يوليو/تموز 2017، يمثل ضربة قاسية جداً لهذا التنظيم لكنه لا يعني بالضرورة نهايته.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم، تحقيق "النصر الكبير" على التنظيم الجهادي بعد طرد قواته من المدينة.
وسقطت الموصل بأيدي مقاتلي "داعش" في يونيو/حزيران 2014، وأعلن زعيم هذا التنظيم أبو بكر البغدادي "الخلافة" من المسجد النوري فيها في يوليو/تموز 2014.
واعتبرت الموصل إحدى عاصمتي "الخلافة" إلى جانب الرقة السورية، وكانت المركز الرئيسي لإدارة شؤون المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم "داعش". وقد دافع عنها مسلحو التنظيم بشراسة نحو تسعة أشهر في حرب شوارع ضارية بمواجهة عشرات آلاف الجنود من القوات العراقية، الذين يقاتلون بمساندة طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وقال ديفيد ويتي، المحلل والكولونيل المتقاعد من القوات الخاصة الأميركية، إن سقوط الموصل يعتبر "ضربة قوية جداً" للتنظيم.
ويمثل سقوط الموصل ضربة جديدة إثر ضربات سابقة متلاحقة أفقدت التنظيم السيطرة على مناطق واسعة من العراق وسوريا. وفي حين كانت مساحة مناطق سيطرة التنظيم توازي مساحة بلاد مثل كوريا الجنوبية، ويعيش فيها نحو عشرة ملايين نسمة، تقلصت هذه المساحة إلى النصف.
كما فقد تنظيم الدولة الإسلامية آلاف المقاتلين بينهم الكثير من المقاتلين الأجانب.
مخاطر عدم الاستقرار
وإذا كانت هذه الضربة ستضعف التنظيم بالتأكيد فمن السابق لأوانه الكلام عن نصر نهائي.
وقال باتريك مارتن، محلل الشؤون العراقية في معهد دراسات الحرب إنه "لا يجب أن نعتبر استعادة الموصل المسمار الأخير في نعش تنظيم الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى أن التنظيم "لا يزال يسيطر على مناطق مهمة"، خصوصاً في سوريا، حيث ينفذ هجوماً عسكرياً كبيراً لاستعادة مدينة الرقة منه.
وأضاف أن التنظيم لم يعد يسيطر سوى على حوالي 7% من الأراضي العراقية التي كانت في قبضته في أوج توسعه صيف 2015.
ونبه مارتن إلى أنه "في حال لم تتخذ القوات الأمنية العراقية إجراءات لحماية الإنجازات التي حققتها، فإن التنظيم يمكن أن يعود إلى الظهور في مناطق جديدة".
وأمام هذه التحولات بدأ التنظيم بتغيير استراتيجيته، مركزاً على تكتيك حرب العصابات والتفجيرات.
وتوقع ويتي أن "يركز التنظيم على المدى القصير في العراق على نشاطات إرهابية، بدلا من السعي للسيطرة مجدداً على مناطق أخرى".
وأعاد مارتن للذاكرة الهجمات العنيفة التي كان تنظيم "داعش" يقوم بها رداً على الهزائم التي يتعرض لها.
وكان التفجير الأكثر دموية، الذي وقع في يوليو/تموز 2016، في بغداد، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 320 شخصاً، جاء بعد خسارة التنظيم لمدينة الفلوجة التي كانت أحد أهم معاقله.
كما نفذ التنظيم هجوماً استهدف، في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مدينة كركوك فخلّف 36 قتيلاً و133 جريحاً، أغلبهم من عناصر الأمن. ووقع هذا الهجوم بعد خمسة أيام من انطلاق عملية استعادة الموصل.
ويرى ويتي أنه "من المرجح أن يعاني العراق حالة من انعدام الأمن لعدة سنوات" رغم الهزائم التي يتكبدها الجهاديون.
وحتى لو فقد الجهاديون سيطرتهم على مناطق في العراق وسوريا، فإنهم لا يزالون يمثلون تهديداً لمناطق مختلفة في العالم.
ففي غضون ثلاث سنوات، عاد آلاف من عناصر تنظيم "داعش" إلى بلدانهم بعد أن شاركوا في معارك خاضها التنظيم في سوريا والعراق.
ومع انتشار الأيديولوجية الجهادية عبر الإنترنت ظهرت خلايا لا علاقة تنظيمية لها بالتنظيم، لكنها تُبايعه، وتعمد إلى شنِّ هجمات إرهابية في مناطق عدة من العالم.