قالت شبكة "سي إن إن" الأميركية إنه في الوقت الذي تواجه فيه قطر موعد الإنذار النهائي، الذي وجَّهَته الدول المجاورة لها للإذعان لقائمةٍ شاملة من المطالب، تسود العاصمة الدوحة حالةٌ تتسم بالمقاومة والوطنية.
ورصد تقرير لـ"سي إن إن" انتعاش حالة جديدة من الحس الوطني في البلاد والطرق المتنوعة التي يستخدمها القطريون لإظهار الدعم لأميرهم، قائلة أن صورة الأمير، الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، المطبوعة باستخدام الورق المُفرَّغ، باتت منتشرة في كل مكان الآن. فقد انتشرت صورته على الحسابات الشخصية للمستخدمين على شبكات التواصل الاجتماعي، وتنتشر على هيئة ملصقات كبيرة في الشوارع، وعلى الأبراج المرتفعة بالمدينة، والقمصان، والسيارات، ومؤخراً على حائط أحد مراكز التسوق في الدوحة.
ويأتي القطريون من الشباب وكبار السن إلى الحائط لكتابة رسائل داعمة لقائدهم. وربما كان بعض المشاركين أصغر بكثير من أن يفهموا الأبعاد السياسية وراء الأمر، لكنهم جاؤوا مع آبائهم للمشاركة في حدثٍ يُشعِرهم وكأنهم في احتفالٍ ممتد بعيدهم القومي.
وتغطي الحائط حالياً رسائل مثل "كلنا تميم"، و"نحن جنود تميم"، و"تحيا قطر"، و"اللهم احفظ قطر وأميرها". ويُستعان حالياً برافعةٍ لحمل الأشخاص إلى أعلى الملصق، حيث لا تزال هناك مساحة فارغة، تسمح لهم بتدوين رسائلهم خلال عطلة الأسبوع.
وقال أبٌ، جاء بصحبة طفليه الصغيرين اللذين يرتديان قمصاناً تحمل صورة الأمير، التي باتت الآن أيقونةً شهيرة، إنه من المهم إحضار أطفاله إلى هذا الحدث كي يُظهر تأييد العائلة كلها لقائدهم في وقت الأزمة.
من أين يأتي هذا التأييد الشعبي؟
وتعتقد مايا، وهي مواطنة قطرية تبلغ من العمر 14 عاماً، جاءت إلى الحائط بصحبة أقاربها وأصدقائها، أن الشعب يتكاتف مع بعضه البعض بسبب الوضع الراهن.
وتقول: "في ظل هذه الأزمة، وهذا الحصار، اجتمع شملنا. يمكنك رؤية أن تأييد الشعب قادم من قواعده، من أسفل إلى أعلى لأن الحكومة لم تفرضه علينا. إن التواجد في هذا المكان يؤجِّج المشاعر".
ووُضِعَ ملصق الأمير، الذي بات حالياً نقطةً محورية في الدوحة، بواسطة رجل الأعمال القطري تركي بن فيصل آل ثاني.
وقال تركي بن فيصل: "خلال الأزمة، استطاعت حكومتنا إدارة الموقف بطريقةٍ جيدة للغاية، ووفرت حياةً طبيعية للشعب، وحافظت على مستوى المعيشة المعتاد في البلاد. لذا، فإن ما نفعله يعد مجرد وسيلة للشعب كي يعبِّر عن تأييده لحكومتنا وقيادتنا، التي جعلتنا فخورين بها في هذا الوقت من الأزمة".
ولى زمن التقاعد
وأنهت المُلحِّنة القطرية دانا الفردان مشوارها الغنائي منذ أربع سنوات للتركيز على التأليف الموسيقي. لكن خلال الأسابيع الأخيرة، عندما بات بلدها يواجه أزمة غير مسبوقة، قالت دانا إن هذا هو الوقت المناسب للتخلي عن تقاعدها واتخاذ رد فعل.
وأضافت: "فجأة، بات هناك خطرٌ وفُرِضَ علينا الحصار. أردت نشر رسالة قوامها الحب، والاتحاد، والإخاء، وإظهار مدى قوة وثبات حبنا لقائدنا".
وسجلت دانا، بالتعاون مع بعض من أشهر المواهب الموسيقية القطرية مثل فهد الكبيسي وعيسى الكبيسي وكورال متطوع مُغترب في قطر، أغنيةً تسمى "أمةٌ واحدة".
وترى دانا أن ما يحدث في قطر هو رد فعلٍ طبيعي للأحداث الراهنة، إذ تقول: "يتعرض وطننا للهجوم ويجب أن نقف للدفاع عن أنفسنا. يجب أن نتحمل مسؤولية إيصال رسالتنا ونشر روايتنا عن ما يحدث".
الجانب الآخر من الرواية
تتخذ هذه الرواية منحىً مختلفاً عندما تأتي من دولٍ أخرى متورطة في الأزمة، حسب "سي إن إن".
ففي بداية الأسبوع الحالي، كتب حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصيدةً موجهة لقطر ونشرها على حسابه الشخصي بموقع إنستغرام. وتدعو القصيدة، التي كُتِبَت باللغة العربية، إلى اتحاد المنطقة، إذ جاء بها: "وآحِسْ أنِّ الوقتْ يكفي وحانِ والشَّرْ نسعىَ كلِّنا في دفانهْ ونرجعْ إلىَ وحدَةْ قلوبْ ومعاني نحمي بعضنا دونْ حقدْ وضغانهْ".
لكن بالعودة إلى الدوحة، يشعر القطريون مثل حكومتهم أن الأزمة ومطالب التحالف، الذي تقوده السعودية، يهدف إلى سلب البلاد سيادتَها وإجبار هذه الدولة الصغيرة على العودة إلى الحظيرة.
ويقول أحمد بن ماجد المعاضيد، الفنان القطري الذي صمَّم صورة الأمير على الورق المُفرَّغ: "يقف المواطنون والأشخاص الذين يعيشون في قطر من دولٍ أخرى إلى جانب الأمير لأننا نعيش حياةً جيدة هنا".
وتشمل "الحياة الجيدة"، في واحدةٍ من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي، رعايةً صحيةً مجانية، وخدماتٍ أساسية مجانية، وتعليماً مجانياً.
ولا يتجاوز عدد المواطنين، من أصل قطري، 10% من إجمالي تعداد سكان البلد الغنية بالغاز الطبيعي والبالغ 2.2 مليون نسمة.
زيادة في الموارد
وأعلنت شركة "قطر للبترول" (حكومية)، الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2017، رفع الطاقة الإنتاجية من الغاز المسال من 77 إلى 100 مليون طن سنوياً، أي بزيادة بلغت نسبتها 30%.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"قطر للبترول"، سعد شريدة الكعبي، في مؤتمر صحفي عقده اليوم بالعاصمة الدوحة، إن "الزيادة الجديدة من إنتاج الغاز ستكون بمضاعفة حجم مشروع تطوير الغاز من حقل الشمال، الذي لم يستخدم سابقاً".
ولفت إلى أن الشركة "أعلنت عن تطوير مشروع غاز جديد يخصص للتصدير، سيتم من خلاله مضاعفة حجم المشروع إلى 4 مليارات قدم مكعبة يومياً"، مبيناً أن "إكمال مشروع تطوير الغاز في حقل الشمال سيستغرق بين 5 و7 أعوام".
وأكد الكعبي أن "المشروع الجديد سيُعزز مكانة قطر كأكبر مصدر للغاز المسال على مستوى العالم، وسيرفع مكانتها الرائدة في صناعة الغاز عالمياً، وسيمد أسواق الطاقة باحتياجاتها المتزايدة من الغاز الطبيعي المسال".
وأضاف أن "المشروع الجديد سيُسهم في تطوير القطاع الخاص وزيادة فرص العمل والنمو الاقتصادي للبلاد".
يذكر أن قطر احتلت المرتبة الأولى عالمياً في تصدير الغاز المسال عام 2015؛ إذ بلغ حجم صادراتها 106.4 مليار متر مكعب، تلتها أستراليا بـ39.8 مليار، وماليزيا بـ34.2 مليار متر مكعب.
متى يجب أن تقلق الحكومة؟
وفي ظل الموعد النهائي لتنفيذ مطالب التحالف، الذي تقوده السعودية، يسود قدرٌ من الغموض والقلق بين الناس بينما ينتظرون رؤية ما سيحدث بعد ذلك.
وقال مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الإقليمية والدولية لدى كلية الشؤون الخارجية بجامعة جورجتاون في قطر، خلال حوارٍ معه في الشهر الماضي، يونيو/حزيران 2017: "طالما استمر هذا الحس الوطني، لا شك أن الحكومة القطرية تستطيع تحمل الضغط المفروض عليها من قبل الإمارات والسعودية".
لكنه أضاف: "إذا ظهرت علامات القلق والانزعاج بين الشعب القطري، فأعتقد أننا سنرى الحكومة القطرية تتخذ بعض الخطوات وتقدم بعض التنازلات".
وتستورد قطر حوالي 90 بالمئة من استهلاكها للمواد الغذائية من الخارج وكان جزءٌ منها يدخل عبر الحدود السعودية التي تم غلقها عقب قطع العلاقات إضافة لغلق المجال الجوي بين قطر و 5 دول أخرى.
وسارعت تركيا بعد إعلان الحصار بإرسال منتجاتها الغذائية لقطر كما أرسلت إيران بدورها خمس طائرات، حسب تقرير لموقع "يورو نيوز".
كما احتفى العديد من سكان قطر بالمواد الغذائية التي وصلتهم من المغرب بقرار من الملك محمد السادس، ونشروا صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الماركات الغذائية القادمة من المغرب، خاصة عبوات الحليب، مرفوقة بهاشتاغ #الحليب_المغربي_وصل أو #الحليب_المغربي.