مثّل إغلاق قناة الجزيرة التي تبث من قطر، أبرز المطالب الـ13 التي قدمتها دول الحصار للدوحة، وذلك في أعقاب الأزمة التي تعصف بمنطقة الخليج، منذ 5 يونيو/حزيران 2017، حين قطعت الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) علاقاتها مع قطر، وفرضت الثلاث الأولى عليها حصاراً برياً وجوياً، لاتهامها بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة.
وتساءلت صحيفة "Jeune Afrique" الفرنسية، الجمعة 30 يونيو/حزيران 2017: "كيف علِقَت الجزيرة في صلب هذه الأزمة؟"، وأشارت إلى أن الإجابة تتطلب الرجوع إلى تاريخ تأسيس القناة وذلك لفهم خبايا لعبة النفوذ في المنطقة.
انطلقت حيثيات القصة في الدوحة، وبالتحديد في خريف سنة 1996، حين أعطى الأمير السابق لقطر، حمد بن خليفة آل ثاني، إشارة الانطلاق للقناة، التي اعتبرها وسيلة لإثبات الوجود القطري بل ومصدر تأثير على الساحة العالمية.
والجزيرة تعد شبكة إعلامية بدأت بالقناة العربية الأم التي حققت نجاحاً عربياً وعالمياً مكّنها من توسيع دائرتها لتشمل قنوات، بينها الإنكليزية والوثائقية والجزيرة أميركا والجزيرة مباشر والبلقان إلى جانب مراكز متخصصة ومواقع إخبارية، في مقدمتها الجزيرة نت.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن الجزيرة لديها استقلالية نسبية وتعددية ملحوظة، وقد اكتسبت صدى تجاوز حدود العالم العربي وذلك في أعقاب الهجمات التي طالت مركز التجارة العالمي في أميركا عام 2001.
وخلال السنة ذاتها، برزت القناة في صلب الصراع الذي كانت تعيشه أفغانستان عبر تقديم السبق الصحفي. علاوة على ذلك، ومن خلال تغطيتها لأحداث الربيع العربي سنة 2011، نجحت الجزيرة في تعزيز سمعتها باعتبارها منبراً إعلامياً رائداً والظهور كوسيلة إعلام مستقلة في المنطقة.
وفي الوقت الراهن، وبعد مرور نحو 20 سنة من تأسيسها، يتجاوز عدد مشاهدي الجزيرة عدد مشاهدي جميع القنوات الإخبارية مجتمعة بنسبة 34% في 21 بلداً بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقاً لاستطلاع رأي قام به كل من معهد "إبسوس" "وسيغما"، بحسب ما ذكرته صحيفة "Jeune Afrique" الفرنسية.
وخلال الربع الأول من سنة 2013، تمكنت الجزيرة من استقطاب ما يزيد على 25 مليوناً و230 ألف مشاهد، في حين بلغ عدد مشاهدي قناة "العربية" 14 مليوناً و540 ألفاً، أما بالنسبة لقناة "فرانس 24" فقد تجاوز عدد مشاهديها سقف 810 آلاف مشاهد فقط.
وساهم الربيع العربي أيضاً في الحد من شدة حماسة المشاهدين، ذلك أن خطها التحريري كان داعماً لهذه الثورات ومؤيداً لها.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب والصحفي الفرنسي ثيو كوربوتشي ضمن تقريره "الأوجه الأربعة لمسيرة قناة الجزيرة": "فضلاً عن مكانتها الملحوظة خلال السنوات المنصرمة، أخذت قناة الجزيرة في تعزيز موقعها بشكل فعليّ بالتزامن مع اضطلاع قطر بدور ذي أهمية متزايدة في خضم الصراعات القائمة في المنطقة".
وأضاف كوربوتشي أن "قطر لعبت دوراً بارزاً في ليبيا وعلى الساحة الدولية بشكل عام، حيث كانت تتدخل حيناً كطرف مفاوض أو على اعتبارها جهة فاعلة حيناً آخر. وفي الآونة الأخيرة، وضع دعم الجزيرة المُعلن للثوار السوريين القناة في مأزق".