مشكلات نفسية تنتشر في بعض المؤسسات السورية بتركيا

لا شيء يمنع إدارات بعض المؤسسات التي تضم أشخاصاً "بمشكلات نفسية معقدة" من إجراء تقييمات دورية وإرشاد أصحاب هذه المشكلات إلى طرق العلاج الصحيحة واختيار موظفين متوازنين نفسياً لاحقاً باعتبارهم يخدمون العمل أكثر من غيرهم، وهو بالضرورة ما يجب أن تسعى إليه المؤسسات السورية في تركيا.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/24 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/24 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش

سببت الحرب السورية الكثير من الأزمات النفسية التي أثرت بصورة واسعة على المواطنين السوريين، البعض يقول: "لا يمكن لأحد أن يخرج عاقلاً من هذه الحرب"، والبعض الآخر يرى أن بعض المشاكل النفسية أضخم مما قد نتخيّل وهي تؤثر على مجتمع بأكمله، لكن أشخاصاً مصابين بمشكلات نفسية عميقة باتوا يتغلغلون اليوم داخل المؤسسات السورية في تركيا بكثرة، ويشكّلون خطراً على مستقبل مؤسساتهم وعلاقة الموظفين ووظائف سوريين كثر.

لا يقتنع بأن الإنسان ممكن أن يُخطئ
إلهام (اسم مستعار)، سيدة سورية تعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية، لاحظت سلوكاً غير مفهوم من أحد الموظفين؛ إذ تقول: "لا يقبل أن يقول له أحد أخطأت في شيء معين مهما كان هذا الخطأ صغيراً، ويحاول أن يبرر ويرمي خطأه على الآخرين، ثم أخيراً يمتدح نفسه وقدراته، نحن لا نستطيع أبداً التعامل معه".

أحياناً، يكون عدائي عندما يواجهه أحد ما بالدليل القاطع بخطئه -توضح الهام- ويلجأ إلى أساليب كالغضب والصراخ وترك المكان الذي يوجد فيه.

البحث في أخطاء الآخرين
مهند، موظف جديد تم تعيينه في إحدى المنظمات التي تعنى بالجانب الإنساني السوري، ورغم امتلاكه شهادة في علم الاجتماع وخبرات عديدة، فإن أحد المشرفين لم يرتح لوجوده في كوادر المنظمة.

يقول مهند: "باتت مهمة المشرف، الذي هو من غير قسمي، مراقبتي في كل التفاصيل، وتحوّل الموضوع من مجرّد مراقبة إلى انتقادات دائمة، ومحاولة حثيثة منه للبحث في أبسط خطأ أقوم به؛ ليظهرني بمظهر الفاشل وغير الكفء أمام الإدارة، حاولت أن أعرف السبب، ليتضح أنه لا يمتلك شهادات ولا خبرات، ومنزعج من كوني علمياً أفضل منه".

"أنا مبدع"
في منظمة تستهدف الجانب الإغاثي السوري، يعمل شاب بعمر الـ20 عاماً، لاحظ أحد زملائه "غيّاث-اسم مستعار" أنه غريب الأطوار؛ إذ لا يقوم بعمل مهما كان بسيطاً، إلا ويقول لزملائه: "شاهدوني، أنا مبدع، أعرف كل شيء".

ويقول غيّاث: "أحياناً، نتقبل كلامه ونجامله، ولا نفكر فيه كثيراً، لكن يصبح الموضوع سيئاً، عندما يقول لي أو لأحد الموظفين مثلاً بأنني غير كفء ولست بالمستوى المطلوب، علماً أنه بالحقيقة هو ليس بالمستوى المطلوب للعمل الموكل إليه وبشهادة الإدارة".

غير دقيق في شهاداته وخبراته
عبد الله، وهو أحد موظفي منظمة إنسانية، يقول: "في ظل غياب اختبارات عملية للموظفين وتعيين حتى موظفي موارد بشرية غير أكْفاء، لا يخشى البعض وضع شهادات وخبرات لا يتمتعون بها في سيرتهم الذاتية، وهو ما اكتشفته".

يردف عبد الله: "أحد الموظفين وضع في سيرته الذاتية أنه مهندس كمبيوتر، لكن خبرته في مجال الكمبيوترات لا تتعدى خبرة أقل من تقني في المجال ذاته، وعرفت لاحقاً من أحد أقربائه -وهو صديق لي- أنه لا يمتلك أكثر من شهادة ثانوية".

يتابع عبد الله: "العمل ليس عيباً، لكن بهذه الحالة قد يكون أخذ فرصة مهندس حقيقي متمرس، علماً أن هذا الموظف يعيش بحالة المهندس وبكل تفاصيلها، وبثقة نفس عالية جداً، دون أن يخشى من أن يكشفه أحد".

مرتاح أكثر بدور "النمّام"
ياسر، موظف سابق في مؤسسة إعلامية سورية، اكتشف ارتياح زميله في العمل عند وجود خلافات بين الموظفين أكثر من ارتياحه باتفاقهم وانسجامهم؛ إذ يقول: "هو جيّد في خلق الخلافات، وإثارة الفوضى بين الزملاء، لديه قدرة على جعل زميلين متفقين يختلفان عندما يتحدث لكل شخص عن مساوئ الآخر وكيف يريد أخذ مكان الزميل الأول".

يتابع ياسر: "بالإضافة إلى جاهزيته الكاملة لإخبار المدير بأي مشكلة أو خلاف حدث في العمل مهما كان بسيطاً- هو يرتاح لهذا الدور، ويشعر بأنه يتقرّب من الإدارة أكثر ويحوز اهتمامها، لكنه في الحقيقة يخلق جواً مشحوناً سلبياً في العمل، لمجرد شعوره بالارتياح عبر نميمته هذه".

لا شيء يمنع إدارات بعض المؤسسات التي تضم أشخاصاً "بمشكلات نفسية معقدة" من إجراء تقييمات دورية وإرشاد أصحاب هذه المشكلات إلى طرق العلاج الصحيحة واختيار موظفين متوازنين نفسياً لاحقاً باعتبارهم يخدمون العمل أكثر من غيرهم، وهو بالضرورة ما يجب أن تسعى إليه المؤسسات السورية في تركيا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد