لم تكن ماري سوى فتاة، ولكن ليست كأي فتاة، كانت لها أحلام أكثر من اللازم، كانت تسعى للتحقيق، وتسير على ذلك الدرب أملاً في الوصول إلى مبتغاها وغاياتها في تحقيق أحلامها.
ماري اختارت السير على المسار الأصعب في هذا الزمان، ألا وهو المستقيم، كانت تحاول ألا تحيد، وكأي بشري لا بدّ له من غفلات، فالدرب صعب، والمسير شاق عندما تكون الأحمال كبيرة، أحلامها كثيرة، والمسير بها يحتاج لقوة وثبات وعزم وعزيمة، كانت تتقدم خطوات تلو أخرى وبإصرار وقوة، وهي على ذاك الطريق، صادفها شاب يجلس متفرجاً أو مستسلماً، نظر إليها فذهل لقوتها.
ترى كيف لها أن تحمل كل هذا وتنطلق؟ كيف لها أن تستمر؟ هل ستقوى على ما هي عليه من رقة وأنوثة؟ عليَّ أن أدركها وأساعدها ربما.. فأبى إلا أن يعرض مساعدته.
لقد تحركت لديه رجولته، فتقدم من ماري وعرض عليها أن يحمل عنها أحلامها، فهو رجل، والرجل أولى برفع تلك الأحمال حتى وإن كانت أحلاماً.
عليها أن تريح نفسها بوجود رجل مثله، جالس على قارعة الطريق!
نعم.. لا يفعل شيئاً سوى الجلوس والمعاينة!
نعم.. لكنه رجل، والرجل فارس بنظر الفتاة، إنه الفارس المنتظر، أو ربما المنتظر بكسر الظاء، لمحت ماري بهذا الشاب حماساً على المسير، وتذكرت أسطورة فارس الأحلام والأميرة، فسألت نفسها لمَ لا أريح نفسي من الأحمال وأمضي ممسكة بيد رجل "فارس" قادر.. يستطيع أن يحملني كما أحلامي على ذات الطريق!
لمَ لا أكون أميرة كما في أفلام الكرتون مثلاً؟ ولمَ لا يكون هو فارس الأحلام؟
لقد رأت بعيني هذا الشاب إصراراً وقوةً كما قوة سوبرمان السحرية، كانت ترى فيه أملاً في إحياء روح وغرسة تريد أن تحيا وتمضي على طريق مستقيم.
وافقت الفتاة فسلمت أحلامها له، وأمسكت بيده راجية من الله ومنه أن تصل إلى غاياتها بسهولة وبسرعة على طريق سيحملها إلى الخير والرضا من الله عز وجل وبعونه تعالى، سعيدة بإحياء روح جديدة في داخل هذا الشاب، إنها روح الفارس.
وبدأت ترسم أحلاما جديداً وبألوان جديدة، لم تشعر بالتعب أو الخوف فمعها سوبرمان، يستطيع أن يعينها على البناء والتنفيذ حتى في أقسى الظروف وأحلكها.
وفجأة.. وهي في منتصف الطريق رأت أن اليد التي أمسكت بيدها قد تركتها ومضت، ربما إلى طريق آخر، أو ربما عادت للجلوس على القارعة، أو حتى إنها عادت إلى البداية حيث كانت!
نظرت الفتاة حولها فلم ترَ إلا ظلاً بل وهماً قد أضاع أحلامها وبعثرها، فشعرت أنها تائهة في المنتصف لا تملك سوى حقيبة فارغة من كل أحلامها التي كانت تحملها، لقد أضاع كنوزها، أحلامها التي لا تملك سواها، في لحظة كانت تريد أن تجلس على القارعة وتستسلم لأي شيء وكل شيء، لكن لا، ليست ماري من تفعلها.
أدارت ماري ظهرها وأمسكت بيد نفسها وحقيبة أحلامها، وأخذت تجمعها من جديد، وتمضي إلى الأمام، إلى الأمام.
تذكري يا صديقتي أنك أنتِ فقط فارسة أحلامك، أنت فقط، لا يوجد فارس أحلام كما تتصورين، نعم هناك من يشاركك تلك الأحلام ويساعدك للمضي بها إلى الأمام، لكنه حتماً لن يحمل عنك تلك الأحلام حتى وإن كان زوجك، فزوجك هو شريكك، وليس حاملاً لأحلامك أو فارساً لها، إنه شريك لك في حملها، يشاركك بها لتكون أحلاماً واحدة لكما، وكلاكما فارس لها ولأجل تحقيقها، فتمضيان معاً وتمشيان يداً بيد حاملين حقيبة واحدة لأحلامكما المشتركة، هادفين تحقيقها معاً كفارس في طريق واحد اختاره كلاكما، وكأنكما واحد لا اثنين، فارس واحد بروح واحدة.
لا لن أسمح لك أيها الشاب أن تكون فارساً لأحلامي حتى وإن كنت زوجي.. أحلامي أولى بي، وإن أردت المشاركة فعليك أن تكون جزءاً مني وأكون جزءاً منك.
علينا أن نكون متحدين كشخص واحد وروح واحدة وفارس واحد، وإلا فأنت أيتها الفتاة أقدر من أي فارس على حمل أحلامك والمضي بها، فأحلامك جزء من أنوثتك، ولن تكوني أميرة إن لم تحاربي لأجلها، وكأنك فارس تلك الأميرة التي بداخلك، ودعي الأساطير ودعيك من وَهم فارس الأحلام والأميرة النائمة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.