شغلت أموال أسرة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الرأي العام العالمي، حتى بعد مقتله على أيدي أحد ثوار ليبيا قبل 6 سنوات، والتي إلى لم تصادر كلها حتى الآن، منها ما يقارب 30 مليار دولار بيد نجله سيف الإسلام، من أصل 50 مليار دولار في الإمارات.
وكشف مُحققون لصحيفة التايمز البريطانية، الثلاثاء 20 يونيو/حزيران 2017، أنَّ سيف الإسلام القذافي، نجل مُعمَّر القذافي، الذي أُطلِق سراحه مؤخراً لديه 30 مليار دولار أميركي تحت تصرُّفه، رغم الجهود الدولية المبذولة لتجميد الأصول التي تملكها أسرته.
ويُعتَقَد أنَّ سيف الإسلام الذي يبلغ من العمر 44 عاماً، واختاره والده لخلافته قبل الثورة التي قامت ضده ودعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، موجودٌ في ليبيا بعد إطلاق سراحه.
وكانت كتيبة "أبوبكر الصديق" في مدينة الزنتان غربي ليبيا، والداعمة لقوات حفتر المدعومة من مجلس النواب في طبرق، قررت إخلاء سبيل سيف الإسلام القذافي، قبل أيام.
وأثار إطلاق سراحه انتقادات في غربي ليبيا وشرقيها، خاصة من المجلس العسكري للزنتان الذي (يفترض أن كتيبة أبو بكر الصديق تتبع له).
وفي مسعى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى تتبُّع مليارات الدولارات التي استولى عليها القذافي قبل موته، أصدر المجلس مؤخراً تقريراً يُحذِّر من أنَّ جزءاً كبيراً من ثروة أسرة القذافي لم يُصادَر بعد، بحسب الصحيفة البريطانية.
وصوَّت مجلس الأمن على قرارٍ بتجميد أصول أسرة القذافي في عام 2011، وأمر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتنفيذ العقوبات التي أقرَّها. لكن الأمم المتحدة قالت في شهر يونيو/حزيران الجاري، إنَّها تُحقق فيما تشُك بأنَّها معاملاتٌ مالية "مشبوهة" بين حسابات تخص أفراداً من النظام الليبي السابق، كثيرٌ منها في الإمارات العربية المتحدة.
وقال عبد الحميد الجدي، المُحقِّق الذي عيَّنته الحكومة الليبية المؤقتة لتتبُّع أموال أسرة القذافي لصحيفة التايمز: "من الـ50 مليار دولار المسروقة التي نعتقد وجودها في الإمارات، يُمكِن لسيف الإسلام أن يتصرَّف في 20 ملياراً بسهولة بالغة".
وأضاف الجدي أنَّه لا دليلٍ على أنَّ الإمارات قد نفَّذت قرارات تجميد أي من تلك الأموال، رغم نشر تقارير إعلامية تُفيد بإعلان التجميد.
وتابع الجدي أنَّ فريقه قد تتبَّع 50 مليار دولار تخص 33 من أعضاء نظام القذافي في الإمارات، وأنَّ تلك الأموال قد توضع تحت تصرُّف من نجا من أسرة القذافي.
وقال الجدي إنَّ أمولاً إضافية توجد في دولٍ خليجية أخرى لم تُصدِر قرارات بالتجميد، وحتى في سويسرا، حيث أُقِر تجميد الأموال بقرار الأمم المتحدة، تستطيع أسرة القذافي الوصول إلى قدرٍ لا بأس به من الأموال الموجودة في حسابات متصلة تستخدمها حتى الآن.
ويدفع الجدي بأنَّ سيف الإسلام قد يكون بحوزته 30 مليار دولار، إن كانت هذه هي الحال.
وكان نجل القذافي مُحتَجَزاً في بلدة جنوب غربي طرابلس، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011، لكن أُطلِق سراحه بعد عفوٍ أصدرته حكومة شرقي ليبيا، وأدانته نظيرتها حكومة طرابلس المُعتَرَف بها من قِبَلِ الأمم المتحدة. ولم يصدر أي تأكيد مُستقل لإطلاق سراح نجل القذافي. ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى "القبض فوراً" على سيف الإسلام لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ويوافق مُحققون آخرون يتتبَّعون أموال أسرة القذافي الجدي التقديرَ بأنَّ الأسرة لديها أموال في دولة الإمارات التي تدعم حكومة شرقي ليبيا.
وقال أليكساندر كايروم، الموظف بشركة Voluntas Advisory الاستشارية الهولندية التي شاركت منظمة الشفافية الدولية المناهضة للفساد في تحقيقها بشأن أموال القذافي المسروقة من الشعب الليبي: "سيتمكَّن سيف الإسلام من حيازة أموال كثيرة إذا ذهب لأسرته في عمان أو في الإمارات. يمكننا القول دون مبالغة إنَّ المبلغ يُقدَّر بالملايين، لكني لا أستطيع استبعاد أن يكون بالمليارات. وقد تكون السعودية أيضاً ملاذاً لبعضٍ من تلك الأموال. يُمكننا القول إنَّ دول الخليج هي ملاذ معظم الأموال التي تستطيع أسرة القذافي التصرف فيها إلى الآن"، بحسب التايمز.
ولا يعرف أحدٌ بالتحديد كم جمع القذافي وأسرته في مدة حكمه التي بلغت 40 عاماً في ليبيا ذات الاحتياطي النفطي الضخم. ويُقدِّر الجدي الأموال بـ300 مليار دولار، لكن كايروم قال إنَّ تقدير منظمة الشفافية الدولية أكثر تحفُّظاً، إذ يبلغ 60 ملياراً، دون حساب الأموال التي أُنفِقت في مدة حكم القذافي، أو أُهديت، أو تحتفظ بها الهيئات الحكومية.