استكان شاي

تعالوا أحدثكم عن جلسات الشاي، وعن طقوسه عند العراقيين، الشاي ذلك المشروب الحاضر في كل المناسبات المفرحة والمحزنة، ومجالس السمر مع الضيوف والأصدقاء، فتراه في الشارع يحتسيه المارة، أو في أي بيت عراقي، فالعراقيون أدمنوا شرب الشاي، فدائماً ما ينادي العراقي بعد كل وجبة طعام: خدروا لنا شاي (أي اغلوا لنا الشاي)، أو أين الشاي، وكأن الأكل لا يهضم إلا باستكان شاي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/17 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/17 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش

تعالوا أحدثكم عن جلسات الشاي، وعن طقوسه عند العراقيين، الشاي ذلك المشروب الحاضر في كل المناسبات المفرحة والمحزنة، ومجالس السمر مع الضيوف والأصدقاء، فتراه في الشارع يحتسيه المارة، أو في أي بيت عراقي، فالعراقيون أدمنوا شرب الشاي، فدائماً ما ينادي العراقي بعد كل وجبة طعام: خدروا لنا شاي (أي اغلوا لنا الشاي)، أو أين الشاي، وكأن الأكل لا يهضم إلا باستكان شاي.

والاستكان قدح صغير يوضع في صحن صغير، ولهذا الاسم أصل، قيل إنه يعود للإنكليز؛ حيث إن الجنود البريطانيين الذين كانوا في الهند أيام الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية عندما كانوا يعودون بإجازتهم إلى بريطانيا يأخذون معهم بيالة (اسم قدح الشاي في الهند) الشاي الهندية كهدايا.

لكن الإنكليز كانوا يتناولون الشاي بالكوب فاستخدموا هذه الكلمة للتمييز بين البيالة وكوب الشاي الإنكليزي التقليدي، فكانوا يطلقون على القدح "East tea can"، وهي تسمية من ثلاثة مقاطع تشرح أصل القدح، شرق: East، شاي: Tea، إناء: can، قدح الشاي الشرقي.

وهكذا جاء الجنود الإنكليز بهذه اللفظة معهم إلى العراق، ولأن كل ما يتعلق بالشاي كان من الأمور الجديدة الدخيلة على الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت، فقد أخذت لفظة استكان مدغمة متصلة للسهولة.

يحضر الشاي بوضع الماء وأوراق الشاي الأسود في إبريق شاي يسمى في العراق "القوري"، وتضاف إليه حبات الهيل، أما إذا أردناه أن يصبح شاياً رئاسياً كما يقول أبي فيخدر على الفحم.

يشرب الشاي في العراق صيفاً وشتاءً، فلا تمنع درجات الحرارة المرتفعة العراقيين صيفاً من شرب الشاي، أما في الشتاء فتضيف المدفأة النفطية جمالاً آخر؛ حيث يتحلق حول المدفأة أهل البيت، ويوجد بالقرب منهم وعاء فيه أكواب وعلبة صغيرة يوضع فيها السكر تسمى الشكردان في اللهجة العامية، ويوضع على المدفأة إبريق الشاي يتصاعد منه البخار وتفوح منه رائحة الهيل.

جلسات الشاي التي أحبها وأفتقدها الآن، فهي شاي أمي في الصباح مع الإفطار وخاصة يوم العطلة حيث جميع الأسرة مجتمعون، وجلسات الشاي في حديقة منزلنا عصراً التي كانت دائماً أختي من تحضر إبريق الشاي، أما أنا فكنت أتهرب من تحضيره بالرغم من سهولته، أفتقد لصينية شاي خالتي التي دائماً ما كان يميزها التيرموس (إبريق حافظ للحرارة) صيفاً وشتاءً، وعلى قولها يصبح ألذ في التيرموس، بالرغم من أنني كنت أنزعج فإنني أفتقد الآن المرات الكثيرة التي كنت أجبر فيها على شرب استكان شاي أسود ثقيل جداً، أو كما يصطلح لدينا "نفط" لشدة سواده، بالرغم من إحضار الشاي معي هنا، فإنني أفتقد لمّة الشاي التي حدثتكم عنها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد