لا يقهر المرأةَ إلا المرأةُ

تحت قانون الفعل ورد الفعل عندما يتعرض الرجل للتعنيف النفسي من قِبل شريكته، وتتوالى عليه صفحات الأيام متقلبة بين صوتٍ عالٍ وإهاناتٍ صريحة أمام الآخرين وفجورٍ تام أمام لطف رجولته لا يبقى من الحظ شيء في انتشال هذه الحالة الاجتماعية المتردية الموجودة بشكل كبير في مجتمعاتنا ومنه تسأل النساء: لماذا يخون الرجل؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/17 الساعة 04:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/17 الساعة 04:21 بتوقيت غرينتش

تحت قانون الفعل ورد الفعل عندما يتعرض الرجل للتعنيف النفسي من قِبل شريكته، وتتوالى عليه صفحات الأيام متقلبة بين صوتٍ عالٍ وإهاناتٍ صريحة أمام الآخرين وفجورٍ تام أمام لطف رجولته لا يبقى من الحظ شيء في انتشال هذه الحالة الاجتماعية المتردية الموجودة بشكل كبير في مجتمعاتنا ومنه تسأل النساء: لماذا يخون الرجل؟

في قرارة التفكير المنطقي للرجل يتوقف تفكيره أمام جموح وجنوح المرأة عليه، ويعود ليبحث في داخله عن صورة للأنثى الهادئة اللطيفة الجميلة التي تستوعبه في كل شيء، مما ينشئ حاجة قوية في داخله لروح الخيانة، وهنا تصمد المرأة صاحبة الصبر الأكبر على روحانية الرجل.

ويحب الرجل أن يقابل المرأةَ بالمرأة ليقف متفرجاً على هذه اللوحة الأنثوية المتناقضة، عن يمينه فتاة جامحة وعن يساره فتاة أخرى جديدة بهدوئها، فلا يحتاج أن يحارب الجامحة بنفسه بل تأتي فتاته الهادئة لتقهرها، فتذيبان بعضهما كما يُذاب الحديد والفضة والذهب في إناءٍ واحد.

يتعمد الرجل الخيانة بامرأةٍ تناقض كل صفات من خانها لا ليكون سيداً، ولكن متعة قهر المرأة بالمرأة لم يتوانَ أي رجل أن يعيشها، كَسرٍّ تحمله جميع قطعان الغاب، ولكن ماذا لو سددت فتاة واعية هذه الضربة، العين بالعين، والسن بالسن، والبادئ أظلم، فماذا سيكون موقعها في ميزان الحسنات والسيئات في مجتمعٍ قام جوهره على خيانة المرأة بحجة تقويمها؟

ماذا لو.. لا يقهر الرجل إلا الرجل، وهل هي حرب ضروس بين الأنوثة والرجولة؟

أجل عندما يدوس الرجل على أنوثة امرأةٍ ما، فإنها أسرع منه في الخيانة لدرجة أنه قد يراها تزوجت صديقه أو جاره، فهي لا تبتعد كثيراً عن سلطنته، فأي قهرٍ أقوى عندما يختار الرجل امرأة من غير بيئته ليقهرَ بها امرأته، أو أن تختار المرأة رجلاً كأن يكون سيداً عليه فتكيدهُ، هذه الحرب الضروس التي لا تنتهي والتي لو قُدرَ لها لكانت حرباً حقيقية، وكم من أساطير سمعنا بها كجزيرة النساء، عندما قتلت النساء كل رجالها واستغنت عنهم ليعشن في جزيرة نائية حتى أرسل البحر لهن بسفينة غرقت على سواحلهن، ونجا رجالها فأودعتهم ملكتها السجون واستطاع قبطانها أن يفوز بقلب ملكة جزيرة النساء فعفت عن الرجال وعادت لتنشأ الكون مرة أخرى عند أنوثتها، ومن ثم عاد الرجل ليحكم أنوثة كل امرأة بتداخلٍ عجيب.

فإذا سلّمنا بأن الرجل يعيش ثنائية مزدوجة بين شريكته وعشيقته وتبادلٍ للأدوار والمكانات، فإن محاولته لقهر شريكته بعشيقته لينتج امرأة أخرى محاولة ناجحة تتناغم طرداً مع قوة العشيقة، ومع أن تسعين بالمائة من مجتمعنا خارج هذه الدائرة ظاهراً وينفيها كلياً فهو يعيش بنكران للحقيقة.

ولكن ما الذي يدفع الرجل لفعل ذلك؟
يبدو أنه لا خيار له في الغالب، فالبحث عن شريكة وفيّة له بكل متطلباته قد يستغرق وقتاً طويلاً يفضل قضاءه في محاولة صنع ثنائية أنثوية تفي بالغرض، وصحيح أن هذا الخيار قد يفضي به إلى الاعتناء بعائلتين وقد يكون هناك غرباء صغار كأبناء رجل آخر لعشيقته، إلا أنه يتيح له تحقيق رغبته البيولوجية والنفسية وقد تكون الاقتصادية أو الروحية فالأسباب والمسببات كثيرة لا إحصاء لها.

وبمقابل لا يقهر المرأةَ إلا المرأةُ هناك لا يقهر الرجلَ إلا الرجلُ، فما يميز تلك الأحوال هو أنها علنية ومتكررة، وأحياناً متطرفة لدرجة أن تبادل الأدوار بين الذكر والأنثى أصبح بديهياً في مجتمعاتنا، ولا يرقى كلاهما إلى حالات الحب المتكاملة، التي يبحثان عنها في كل زمنٍ ومكانٍ وعصرٍ.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد