عظيمٌ من العظَماء، كريمٌ من الكُرَماء، تقي من الأتقِياء، وَليٌ من الأولِياء، شهيدٌ من الشُهداء، الذي كانت تِفِرُّ منه الشياطين والذي كان إسلامُه فَتحاً وهِجرتُه نصراً للإسلامِ والمسلمين، إنَّه ثاني الخُلفاء الراشِدين.
إنَّه الفاروق عمر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزَّى إلى أن يصل نسبُه إلى كعب بن لؤي بن غالبٍ العدوي القُرَشِي.
إذاً فالفاروقُ عُمَر يجتمع مع نبينا النبي صلى الله عليه وسلم في جَدٍّ من أجداده صلى الله عليه وسلم وهو كعب بن لؤي.
لُقّبَ رضي الله عنه بأبي حَفصٍ، هو الفاروق الذي فَرَّقِ الله به بين الباطِلِ والحقِّ، ولهُ ثلاثَةَ عشرَ من الأولاد من الذكُورِ والإناث، وكان في الجاهلية من الشُجعان والأقوياء وتحمل المسؤولية وهو صغير وكان يُحب الرياضة كركوب الخيل والمُصارَعَة وكان يُكثِرُ من قولِ الِشعر ويحب التاريخ وكان يعمل بالتجارة، كان حكيماً بليغاً حصيفاً، بل واختارَتهُ قريش ليكون سفيراً لها وما تختارُ قُريش سفيراً لها إلا إذا كانَ ذا فَصَاحَة وبلاغَة ورأي قويم مُسَدد.
إنَّهُ الفاروق عمر رضي الله عنه أشهَرُ من أن نقولَ عنهُ كلماتٍ ومهما قُلنا لن نوَّفِيَهُ حَقَّهُ.
لقد تأثر رضي الله عنه، وهو الذي رُبَما كان يمنع الناس من دخولهم الإسلام ويرى النساء في مكَّة يُهاجرنَ تاركات وراءهن بيوتهن وأوطانَهن.
ذات مرة سأل الفاروق رضي الله عنه أم عبد الله بن حَنتَمة قائلًا لها: إلى أينَ يا أُمَّ عبدِ الله؟ أهي الهِجرة؟
فقالت له: نعم
قال لها الفاروق: لِـمَ؟
فقالت له: نخرُجُ في أرضِ الله، لقد آذيتمونا ولن نعود حتى يجعل الله لنا فرجاً قريباً من عنده
قال لها الفاروق عمر: صحِبَكُمُ الله يا أم عبد الله، صحِبَكُمُ الله يا أم عبد الله.
وكثيراً ما كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بعمرو بن هشام أو بعمر بن الخطاب.
وذات مرة قالوا له ياعمر أتدري ما الخبَر؟
قال لهم: ما الأمر؟
قالوا له: أختُكَ وَزوجُها صَبَآ!
أي أسلما وتركا دين الجاهليَّة.
والمشهورُ الصحيح في إسلام الفاروق رضي الله عنه دون تفصيلٍ هو دُعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
وبعد أن أسلم الفاروق عمر رضي الله عنه وشهدَ شهادة التوحيدِ الحَقِّ، دُعي إلى الإسلام علانيَّة وبدأ الصحابة يطوفون حول البيت العتيق ويُصلّونَ عنده، لأنَّ الفاروق دخل في الإسلام وكان شديداً قوياً رضي الله عنه.
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
وكان بعضُ الصحابة في أوائل إسلامهم رضي الله عنهم يكتمون إسلامهم إلَّا أنَّ الفاروق رضي الله عنه أظهرَ إسلامَه.
قال الفاروق بعد أن أسلَم:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتْنَا وَإِنْ حَيِينَا؟
قَالَ: بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتُّمْ وَإِنْ حَيِيتُمْ.
قَالَ الفاروقُ رضي الله عنه: فَفِيمَ الاخْتِفَاءُ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَتَخْرُجَنَّ.
وبعد ذلك صَلَّى الفاروق عمر رضي الله عند الكعبة وصلى المسلمون معه ولم يكتفِ بهذا بل قال: دُلوني على بيتِ أبي جهل، فذهب إلى أبي جهل ووجده عند الباب وقال له: يا أبا جهل أما علمت أني قد صبوت؟
فقال له كل الناس تفعل إلا أنت ياعمر
قال له: بل فعلتُ ياعدوَّ الله
ودخل أبو جهل إلى بيته وأغلق الباب على نفسِه خائفاً.
وذهب الفاروق إلى جميل بن معمر الجُمَحي وكان شخصاً ينقُلُ الأخبار لمكة كُلِّها وقال له الفاروق: لقد أسلمت.
فذهب مسرعاً لمكة يقول في الناس لقد صبأ عُمر بن الخطاب.
وكان الفاروق وراءه يقول له بعد أن كان الناس مجتمعين حول جميل: كذبت بل قُل أسلم عمر.
فقال: أسلم عمر بن الخطاب.
وبدأ الناس يتهاتفون على الفاروق عمر ليضربوه وإذ بالفاروق رضي الله عنه يقومُ إليهم ويضربُ هذا ويؤلِمُ هذا وكان قوي الجسد رضي الله عنه.
أعني به الفاروق فرق عنوةًَ.. بالسيف بين الكفر والإيمانِ
هو أظهر الإسلام بعد خفائهِ.. ومحا الظلام وباح بالكتمان.
هجرةُ الفاروق كانت ليست كهجرة الناس وكانوا قد هاجروا خفية دون علم أحدٍ، وكان لما أراد الهجرة ذهب الفاروق لنوادي قريش وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحقني خلف هذا الوادي، ولم يجرؤ أحدٌ على اللحاقِ بهِ من أولائك الكُفار.
عمر الذي نزل كلامُ الله سُبحانه وتعالى موافِقاً لرأيه رضي الله عنه:
من هذه المواقف أنَّ الفاروق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو صلينا هنا في هذا المقام -مقامَ إبراهيم- أنزل الله تعالى قولَه
(وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)
لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصلي على رأسِ كِبار المُنافقين ابن سلول ومن معه اعترضَ الفاروق رضي الله عنه، ونزل كلامُ الله تعالى موافِقاً لاعتراضه وهو أنَّهم قد كفروا بالله ورسولِه فقال الله تعالى:
(وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ منْهُم ماتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ)
كان رأي الفاروق رضي الله عنه في غزوة بدرٍ في الأسرى أن يُقتَلَ الأسرى، وكان رأي الصدّيق رضي الله عنه أخذُ الفِداء منهم، وأخذَ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكرٍ رضي الله عنه وأنزل الله تعالى قولَه:
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ)
فكان يرجو دائما من الله أن يُنزَل آيةً تفرِضُ الحجاب على النساء المسلمات فقال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)
وكان يقول دائماً: اللهم بيِّن لنا في الخمرِ، وكان الله تعالى يُنزِلَ الآياتِ في تحريم الخَمرِ
(وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)
ويُحِرِمُ الله تعالى الخمرَ بقوله:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
وكان رضي الله عنه من أشَدِّ الناس جهاداً وقتالاً على الكفار وبل في يومِ أُحُد كان يَرُدُّ على أبي سُفيان
لما ظن أبو سفيان قبل إسلامه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مات وأبا بكرٍ رضي الله عنه مات وعُمَر
فقال الفاروق رضي الله عنه: كذَّبتَ ياعَدوَّ الله.
وكان الفاروق رضي الله عنه كريماً جواداً، بل وجعل أرضاً كانت له في خيبرَ وقفاً للمسلمين وفقرائهم،
كان عنده ابنةٌ اسمها حفصة رضي الله عنها وذات مرة جاء لِعثمان وقال له: هل تتزوجهُا:
فأبى عثمان رضي الله عنه الزواجَ منها،
وجاء لأبي بكرٍ رضي الله عنه وقال له: هل تتزوجُها:
فأبى أبو بكر الزواجَ منها، ثم علم الفاروق أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد الزواج من ابنته حفصة رضي الله عنها وأصبحت بذلك أمنا رضي الله عنها.
وفي يومٍ من الأيام يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ قَالُوا مَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الدِّينَ.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إنَّهُ كَانَ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
والكثيرُ من الفضائل للفاروق عمر رضي الله عنه ومنها
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بَشَّرَهُ بالجنة عدَّة مرات،
وكما جاء في الصحيح من حديث الإمام البُخاري رحمه الله عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ قُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ قَالَ أَعَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ.
إنَّهُ التقي الزاهد العادل الخليفة الوَرِع!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَيَرَاهُمْ مَنْ تَحْتَهُمْ كَمَا تَرَوْنَ النَّجْمَ الطَّالِعَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا
وهذِهِ الغُرَف مختلفة في العلوم والصفة، بحسب اختلاف أصحابها في الأعمال، فبعضها أعلى من بعض وأرفع
وذات مرة قال النبي صلى الله عليه وسلم للفاروق عُمَرَ سلامُ الله عليه ورضوانه:
إِيِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّك
إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ
قال الله في حَقِّ عبادِه المُتَّقِين ومنهم عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَك عَلَيْهِمْ سُلْطَان )
كان الفاروق رضي الله عنه ذا فِراسَةٍ غريبة ومن طرائف ما رُوِيَ عنه رضي الله عنه:
ذات مرة رأى رجلاً وقال له: ما اسمُك؟
فقال الرجل: جَمرَة
فقال له الفاروق: ابنُ مَن؟
قال: ابنُ شهاب!
قال الفاروق رضي الله عنه للرجل: ممَن أنت؟
قال له: من الحُرقَة!
قال الفاروق: أين مسكَنُك؟
قال الرجل: في الحرَّة
قال الفاروق: بأيِها؟
قال الرجل: بذاتِ لَظى
قال الفاروق: اذهب وأدرَِك أهلَكَ
فقال الرجل: لماذا؟
فقال له الفاروق عمر: لأنَّ أهلك قد احترقوا
وبالفعل ذهب الرجل إلى أهله وقد احترقوا!
سُبحان الله هذه فِراسَةُ الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه ووافقَ كلامُه ما قَدَّرَ الله تعالى.
جعل الله عزَّ وجلَّ الحقَّ على لِسانِ الفاروقِ وقلبِه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه
في يومٍ من الأيام قرأ الفاروق آية من القرآن وجلس شهراً في بيتِه خوفاً من هذه الآية
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)
وكان كثيراً ما يقرأ سورة يوسُف ويبكي عند قوله تعالى:
(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
وكان كثيراً ما يقومُ الليل رضي الله عنه، كان عابداً زاهداً راكعاً ساجِداً لله تعالى وكان يوقِظُ أهلَهُ وأولاده قبل طلوع الفجر ويقول لهم:
الصلاة الصلاة وكان يتذكرُ قول الله تعالى
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)
فهذا حالُ الفاروق عمر رضي الله عنه بعد إسلامِه كيف رَقَّ قلبُه ولانَ طَبعُه وكان كثيرَ الاتباعِ للنبي صلى الله عليه وسلم وكيف لا؟ وهو حبيبُ النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي ضحَّى من أجلِه بكُل شيء.
ذات يومٍ جاء ليُقَبّلَ الحجر الأسود وهو حديثُ عهدٍ بإسلام رضي الله عنه قال بأعلى صوتِه لِيُعلِّمَ الناس: إني أعلمُ أنَّك حجرٌ لا تَضرُ ولا تنفع ولولا أنني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِلُك ما قبَّلتُك
( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
ذاتَ مرة سمع الفاروق رضي الله عنه أن ناساً صلَّوا عند شجَرةِ الرِضوان! وهي التي رضي الله عن كل من بايع النبي صلى الله عليه وسلم عندها، وهو المُتَّبِعُ لا المُبتَدِعُ رضي الله عنه ذلكم الشخص الفاروقُ المُوحِدُ لله تعالى، أرسل رجاله ليقطعوا تلك الشجرة لأنَّه يخاف أن تُعظمَ تلك الشجرة من دون الله وهيهات هيهات فالعظمة كلُّها لله عزَّ وجلَّ!
في يومٍ أتاهُ عطاءٌ باثنين وعشرين ألف درهم ولم يقُم من مجلسه إلا بعد أن تصدق بها كلها ولم يأخذ منها شيئاً،
قالوا له إنَّكَ تُكثِرُ من التصدق بالسُكَّرِ وأطيبِ الطعام،
فقال لهم رضي الله عنه: كيف لا وقد قال الله تعالى
(لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)
فالفاروق رضي الله عنه لمَّا سمع ذات مرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي لم يسمح لأحدٍ بأن يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات لأنَّ الصدمة كانت أكبر والخَطْبُ عظيم.
وقال: والله إن قال قائل أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مات لأَضرِبَنَّ عُنُقَه بل ذهب يُكَلّم الله ولسوف يرجع كما رجع موسى، ما ماتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يُصدق أن النبي صلى الله عليه وسلم مات.
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)
بل وكان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثرَ من كل شيء.
وذات مرة كان الفاروق عمر رضي الله عنه جالساً بجوارِ النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:
يارسول الله إنَّك أحبُ إليَّ من كل شيء يا رسول الله ومن نفسي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الآنَ يا عُمَر!
وأيضاً في حالة الوفاةِ التي حَضَرت أبا بكرٍ رضي الله عنه ولاهُ الخلافة مُجبراً وأحضرَ له الأموال، وكانت الناس لا تزال تخافُ من الفاروق فقال: الصلاةُ جامعة وخطبَ فيهم فقال:
اللهم إني شديد فليّني، وإني ضعيفٌ فقوّني، وإني بخيلٌ فسخني.
إنَّه الفاروق رضي الله عنه الذي هزَّ عروش كسرى والروم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.