هل يتسبب اللاجئون في أزمة حادة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي؟ فقد أقامت المفوضية الأوروبية دعوى قضائية ضد بولندا والمجر وجمهورية التشيك، لرفضها استقبال اللاجئين.
ورفضت حكومتا بولندا والمجر استقبال أي لاجئ بمقتضى الخطة التي اتفق عليها غالبية زعماء الاتحاد الأوروبي عام 2015، بشأن إعادة توطين المهاجرين من بلدان المواجهة -إيطاليا واليونان- للمساعدة في تخفيف حدة أعبائهم.
بينما وافقت جمهورية التشيك في البداية على استقبال 12 لاجئاً، ولكنها ذكرت حينذاك أنها لن تستطيع استقبال المزيد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
ومن بين 160 ألف لاجئ من المقرر إعادة توطينهم بموجب الخطة، تم إعادة توطين 20 ألفاً و869 لاجئاً فقط. ومن الناحية النظرية، يمكن تغريم الدول عن كل لاجئ تخفق في استقباله.
وكانت المجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ورومانيا قد رفضت خطة إعادة توطين اللاجئين عام 2015، ولكنها خسرت في عملية التصويت. ورغم معارضة بولندا لتلك الخطة بصفة عامة، فإنها قامت بالتصويت في النهاية مع الأغلبية.
كيف سيتم معاقبتها؟
وذكر رئيس مفوضية الهجرة بالاتحاد الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس، خلال أحد المؤتمرات الصحفية يوم الثلاثاء: "رغم دعواتنا المتكررة للتعهد بإعادة التوطين، أشعر بالحزن الشديد جراء عدم قيام جمهورية التشيك والمجر وبولندا باتخاذ التدابير اللازمة بعد".
وأضاف: "ولهذا السبب، قرَّرت المفوضية اتخاذ الإجراءات القانونية ضد انتهاكات هذه الدول الثلاث الأعضاء… وأود أن تُواصل هذه الدول الأعضاء دراسة موقفها والمساهمة بصورة عادلة".
ومن الأرجح أن تؤدي الإجراءات القانونية إلى إثارة الجدل حول استقلالية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي عن بروكسل. وتستغرق هذه الإجراءات شهوراً أو سنوات من النزاع القانوني، قبل أن تتمكن إحدى المحاكم الكبرى بالاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات مالية عليها.
لن نرضخ لتهديدات بروكسل
وكان الرئيس البولندي أندريه دودا قد اقترح إجراء استفتاء بشأن الموافقة على قبول المهاجرين في بلاده من عدمه، وهو الإجراء الذي يعني ضمنياً تطابق وجهة النظر البولندية مع جارتها المجر، التي رفض الناخبون فيها بأغلبية ساحقة خلال استفتاء أجري في العام الماضي 2016 قبول أي مهاجرين، في إطار برنامج أوروبي لإعادة التوطين.
ويرى المراقبون أن إجراء الاستفتاء في بولندا من شأنه أن يؤدي إلى تنامي مشاعر العداء ضد المهاجرين.
وشدَّد كونراد شيمانسكي، نائب وزير الشؤون الخارجية على أن بلاده "لن ترضخ للغة التهديدات التي أطلقتها المفوضية الأوروبية تجاه الدول التي لم تقبل بالقرار مثل المجر والتشيك"، مطالباً إياها بالبحث عن "حلول منطقية وقابلة للتنفيذ، عوضاً عن إصدار التهديدات"، معتبراً أن عدم استقبال اللاجئين لا يعني خرق قوانين الاتحاد الأوروبي، وإنما هو موقف يرتبط بقدرات البلاد.
استفتاء
وكانت المجر أول دولة من الكتلة الشرقية تبدأ إجراءات عملية ضد قرار توزيع حصص اللاجئين، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، نظمت استفتاء دعت إليه 8.3 مليون مواطن للتصويت على سؤال: "هل أنت مع فرض الاتحاد الأوروبي توزيعاً إلزامياً لمواطنين غير مجريين في المجر من دون موافقة البرلمان؟".
وقد زعم رئيس الوزراء التشيكي بوهوسلاف سوبوتكا، الذي يستعد لانتخابات، نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أن المفوضية "كانت تصر على الدفع بحصص غير ملائمة، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين في قدرات الاتحاد الأوروبي وتراجع الحلول العملية والمفاهيمية لأزمة الهجرة"، وفقاً لما ورد في تقرير الغارديان.
وأضاف: "نظراً لتدهور الوضع الأمني في أوروبا، وعدم تطبيق نظام الحصص، لن تشارك جمهورية التشيك في ذلك. نحن مستعدون للدفاع عن موقفنا بالاتحاد الأوروبي والمؤسسات القضائية ذات الصلة".
وذكر رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماسيمو داليما، متحدثاً في براغ، أن الاتحاد الأوروبي "لا يستطيع التسامح مع البلدان التي لا تحترم القانون القائم على قيمنا الرئيسية المتمثلة في احترام حقوق الإنسان".
وأضاف: "وتتمثل الوسيلة الوحيدة لحل الأزمة في اقتسام الأعباء. وليس مقبولاً أن تستقبل ألمانيا مليون لاجئ بينما ترفض بعض الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي قبول أحد. وفي تلك الحالة، تكون هناك حاجة إلى تطبيق عقوبات".
قطار العقوبات ينطلق
وأعرب جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية عن تأييده بدء اتخاذ إجراءات ضد الثلاثي الأوروبي الذي يرفض استقبال اللاجئين، وقال: "إن القرارات التي يتم اتخاذها في الاتحاد الأوروبي بمثابة قانون سارٍ على الدول الأعضاء في الاتحاد، حتى لو صوتت دول ضدها".
وتعترض البلدان الشرقية بشدة على استقبال أي لاجئ سياسي، وتعتقد أن شعوبها لن تقبل أعداداً كبيرة من المهاجرين، وخاصة إذا ما فرض عليها الاتحاد الأوروبي ذلك.
وذكر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، متحدثاً في برلمان بلاده يوم الإثنين "لن نستسلم لأي ابتزاز من جانب بروكسل، ونرفض نظام حصص إعادة التوطين الإلزامي".
وقال وزير الداخلية البولندي ماريوس بلازاك "نعتقد أن أساليب إعادة التوطين تجتذب المزيد من موجات الهجرة إلى أوروبا، فهي غير فعالة".
ورغم انخفاض عدد اللاجئين الوافدين إلى أوروبا من سوريا عبر طريق البلقان، إلا أن أعداد المهاجرين القادمين من ليبيا عبر البحر المتوسط قد ارتفعت إلى حد كبير، ما يؤدي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على السلطات الإيطالية المحلية، حسبما ذكرت الغارديان.
ويزعم منتقدو موقف بلدان شرق أوروبا تجاه اللاجئين، أنهم يرغبون في قبول المزايا الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، ومن بينها إمكانية الوصول إلى السوق الموحد، ولكنهم لا يأخذون المسؤوليات الإنسانية والسياسية بعين الاعتبار.