الرقة ليست المعركة الكبرى في سوريا.. هنا سيكون الصدام المرتقب بين القوى العظمى المتصارعة

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/11 الساعة 11:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/11 الساعة 11:03 بتوقيت غرينتش

مع اشتداد معركة الرقة وتقدّم قوات سورية الديمقراطية المدعومة أميركياً، بات الحديث عن رحيل داعش عن المدينة وشيكاً، فهو بالفعل نقل قواته إلى معقله الأخير في مدينة دير الزور التي يوجد فيها ما يقارب 200 ألف شخص.

بعض المؤشِّرات ترى أنَّ القوات المدعومة أميركيا ستسيطر على الرقة دون قتالٍ كبير، إذ سيدعون مزيداً من مقاتلي داعش يهربون إلى دير الزور.

ومن المتوقع أن يقف داعش وقفته الأخيرة في وجه القوات المحاربة له في منطقةٍ تشمل الحدود مع العراق والأردن ومعظم احتياطيات سوريا المتواضعة من النفط، الأمر الذي يجعلها مهمةً من أجل إرساء الاستقرار في سوريا والتأثير على البلدان المجاورة.

وتضم هذه المناطق العديد من المعابر الحدودية، بما في ذلك الطريق الدولي الرابط بين بغداد ودمشق – والذي ترغب طهران في أن يصبح طريقاً برياً إلى لبنان وحليفها حزب الله.

وهنا السؤال الأهم من سيسطر هناك، أهي القوات المتحالفة مع إيران، أم روسيا، أم الولايات المتحدة؟ وأي فصيلٍ سوري سيحظى بأكبر قدرٍ من النفوذ هناك؟، لأن ذلك سيلعب دوراً مهماً في تحديد مستقبل سوريا ما بعد الحرب في المنطقة.
ومع وجود كل هذه القوى على الأراضي السورية، أثارت العديد من التصعيدات الأخيرة المخاوف من مواجهةٍ مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، أو حتى روسيا.

آخرها كانت الخميس 8 يونيو/حزيران حيث أسقط طيارٌ أميركي طائرةً بدون طيار (درون) إيرانية الصنع في حجم طائرة درون أميركية من طراز بريداتور، كانت قد أطلقت نيرانها على مقاتلين سوريين مدعومين أميركياً رفقة مستشارين من القوات الأميركية الخاصة.

الأمر الذي أكده رايان ديلون المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة مشيراً إلى أنهما شكلتا خطراً على قوات التحالف، قرب قاعدة التنف الحدودية مع العراق، وأشار إلى أن الطائرة كانت تحلق بالقرب من قاعدة التنف التي تتواجد فيها قوات برية من التحالف.

وأظهرت تلك الحادثة أنَّ الإيرانيين على استعدادٍ للمخاطرة بصداماتٍ مع الولايات المتحدة.

منع النفوذ الشيعي

وقال كامل وزنة، الذي يدرس حزب الله، والولايات المتحدة، والشرق الأوسط، ويُدرِّس في جامعة بيروت، لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إنَّ هذه اللحظة تُمثِّل "مفترق طرقٍ رئيسياً".

وأضاف وزنة أنّ الأميركيين يرغبون في منع إقامة "هلال نفوذٍ شيعي" من إيران إلى لبنان، والاحتفاظ بـ"قطعةٍ مما يجري في سوريا".

وأوضح بحسب الصحيفة نفسها "لن يسمحوا للإيرانيين ومن يدعمونهم بتحقيق انتصارٍ على حساب الأميركيين في المنطقة بكاملها".

وإن ذلك يضع الولايات المتحدة في خلافٍ مع التحالف الموالي للحكومة في سوريا، خصوصاً حزب الله وإيران. ومع الرئيس ترامب وحلفائه السُنّة في السعودية والخليج العربي، ستُصمِّم إيران وحلفاؤها على إظهار أنَّه لا يمكن ترهيبها.

وبالفعل، وجَّهت الجمعة، 9 يونيو/حزيران، قواتٌ موالية للحكومة ما يمكن أن يكون ضربةً كبرى للخطط الأميركية، مُحقِّقةً تقدُّماً مفاجئاً إلى الحدود العراقية، وعزلت القوات المدعومة أميركياً، مُعرقِلةً طريقها إلى الجبهة ضد داعش في دير الزور.

هل تقاتل أميركا روسيا أم إيران؟

في حين تقول الولايات المتحدة بأنّها لا تسعى إلى مواجهةٍ مع الحكومة السورية وحلفائها، بدأت قصفهم عمداً في منطقة التنف الحدودية، وهو شيءٌ لم تفعله في الحرب من قبل.

وأظهرت تلك الحادثة أنَّ المستشارين الإيرانيين، أو حتى حزب الله يُشغِّلون طائرات درون طبيعية الحجم في سوريا، وأنَّهم على استعدادٍ للمخاطرة بصداماتٍ مع الولايات المتحدة.

ولكن هل تلقى إيران دعماً روسياً في معركتها، وخاصة أنها حاولت إقناع القوات المدعومة إيرانياً بعدم الاقتراب من القاعدة الأميركية في التنف، بحسب تصريحات لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس.

لكنَّ دبلوماسيين في بيروت يقولون إنَّ روسيا ربما تقول العكس لحلفائها في سوريا، وربما لا ترى سبباً كافياً لوقف ما يمكن أن يكون اختباراً مُحرِجاً للولايات المتحدة، التي تصر على أنَّها لا ترغب في الانخراط بصورةٍ أعمق في سوريا. فهل ستخاطر بحربٍ من أجل حماية قاعدةٍ صغيرة؟

وتعكس تلك التوتُّرات المتصاعِدة ضغوطاً متزايدة في المنطقة، فقد تعهَّدت إدارة ترامب بالتصدي لإيران.

وظلَّت إسرائيل، التي تقول أنَّها لن تتساهل مع وجود حزب الله المتاخم لإقليمها، تضرب القوات الموالية للأسد في الجنوب.

ومع كل تلك الصراعات تلوح معركة ستكشف التعارضات التي لا يمكن تحمُّلها للحرب ضد داعش، وذلك مع مناورة القوى التي كانت مُصطفَّةً ضد التنظيم ضد بعضها البعض الآن.

فعلى سبيل المثال بحسب ما ذكرته نيويورك تايمز الأميركية، فإن الولايات المتحدة تعمل بشكلٍ غير مباشر في العراق مع الميليشيات العراقية المدعومة إيرانياً، وبعضها كان من بين القوات التي ضربتها في صحراء جنوب شرقي سوريا.

ويحاصر مقاتلو داعش قوات الحكومة السورية في عاصمة محافظة دير الزور، وبالتالي فإنَّ الولايات المتحدة بإبعادهم ستكون قد ساعدت الأسد، الذي تعارضه.

ويقول الأسد إنَّ السيادة السورية ذات أهمية قصوى وإنَّه سيستعيد كل الأراضي المفقودة، لكنَّه لا يمكنه فعل ذلك دون مساعدة إيران وروسيا، اللتين تمارسان درجةً كبيرةً من الاستقلالية والسلطة في سوريا. كما لا يمكنه منع الولايات المتحدة من العمل هناك.

وتجنَّبت الميليشيات الكردية حتى الآن إعلان موقفٍ واضح، لا بمواجهة القوات الموالية للنظام مباشرةً، ولا بالتعاون معها علناً، وذلك لتجنُّب استعداء الحلفاء العرب المعارضين. لكنَّها ربما تضطَّر إلى الاختيار، وذلك مع التقاء القوات.

خريطة نزاعات الدول في سوريا

شرقاً من قلب سوريا يوجد التحالف الذي يدعم الرئيس السوري بشار الأسد، ويتألَّف من الجيش السوري، والميليشيات المدعومة إيرانياً، مدعومين بالقوة الجوية الروسية، والمستشارين الإيرانيين. حتى أنَّ بعض التقارير تشير إلى أنَّ المستشارين الروس نشطون في ساحة المعركة.

أما شمالاً من الحدود الأردنية، توجد القوات الديمقراطية السورية بقيادة كردية التي تتلقى التدريب الآن من القوات الأميركية والبريطانية والنرويجية من أجل محاربة داعش. ولديهم حامية عسكرية بالقرب من الحدود الأردنية والعراقية وطريق بغداد الدولي، ويتلقَّون دعماً جوياً من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.

وأخيراً، في العراق، اندفعت الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً غرباً إلى الحدود مع سوريا.

تحميل المزيد