صانعُ أملِ العراقيين الشّاب هشام الذهبي

لهذا يمكن النظر إلى ماقام به على أنه عمل كبير أشبه بعمل الرسل والأنبياء، ولهذا استحق أن يعترف به العالم الخارجي، وأن تمنحه حكومة الإمارات وسام (صناع الأمل).

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/08 الساعة 07:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/08 الساعة 07:11 بتوقيت غرينتش

تشعر بالغصة عندما تجد مواطناً يحظى بتكريم من قبل دولة أخرى، بينما لا يجد اهتماماً من قبل حكومة بلده، كما هو حال (هشام الذهبي) الذي كرّس حياته لخدمة الأطفال اليتامى المشرّدين.

هذا الشاب المليء بالأمل والتفاؤل رغم قسوة الظروف التي يعمل وسطها، ورغم أن شريحة الأطفال اليتامى المشردين يعيشون حياة ينعدم فيها الأمل، إلا أنه ورغم غياب الدعم الحكومي، سواء من مؤسسات الدولة أو من رجالات السياسة لا يزال يواصل مشروعه باحتواء ورعاية الأطفال اليتامى المشردين في بيت صغير أقامه بجهده الخاص قبل عدة أعوام إضافة إلى ما يتلقاه من دعم تقدمه له بعض منظمات المجتمع المدني، فاستطاع بذلك أن يعيد البسمة لعشرات اليتامى وأن يعمل على تأهيلهم نفسياً واجتماعياً، كما حرص على أن يواصلوا دراستهم وتنمية مواهبهم الفنية والثقافية.

بذلك يكون هشام الذهبي قد قطع الطريق أمام أصحاب النوايا السيئة من أن يوقعوهم في فخ الرذيلة أو الانتماء لجماعات إرهابية .

لهذا يمكن النظر إلى ماقام به على أنه عمل كبير أشبه بعمل الرسل والأنبياء، ولهذا استحق أن يعترف به العالم الخارجي، وأن تمنحه حكومة الإمارات وسام (صناع الأمل).

وبقدر ما نشعر بالفرح نتيجة لما حظي به من تكريم يستحقه، نشعر كذلك بالامتنان لدولة وحكومة دبي التي مدّت يدها الكريمة له بما يليق بجهده وهذا ليس بجديد عليها.

فأين ساسة العراق من هشام وآخرين يشبهونه في النيّة والعمل، لإنقاذ أطفال العراق من مستنقعات العنف والتطرف؟
لم نجد ساسة العراق بادروا في يوم ما إلى تأسيس مشاريع تدعم من يحتاجون إلى رعاية سواء من الأطفال أو الشباب، كان بإمكانهم إقامة مشاريع ثقافية وتنموية تستوعبهم وتجعلهم يشعرون بأهمية وجودهم في صنع مستقبل بلدهم، بينما جميع مؤتمراتهم التي تسابقوا وتصارعوا على إقامتها طيلة الثلاثة عشر عاماً الماضية لم يكن لها أية نتائج إيجابية لصالح الارتقاء بالمجتمع أو التخفيف من حدة العنف والتشنج الطائفي الذي يحيط به ، بل على العكس زادت الأوضاع سوءاً خطاباً بعد آخر.

فما الذي يملكه هشام الذهبي من أسلحة فتاكة لكي يتفوق بها على الساسة ومؤتمراتهم؟

لم يكن رأسماله سلطة سياسية استغلها لتحقيق مصالحه، ولا أموالاً أغدقها على الآخرين لشراء ذممهم، ولا مليشيات كتم بها أنفاس خصومه.
بكل بساطة كان رأسماله إيمانه الصادق بالعطاء دون مقابل من أجل المحتاجين إلى دعم، لأنه يؤمن حسب ما صرح في لقاء أجري معه في وقت سابق ضمن برنامج (كلام نواعم) على شاشة قناة mbc الفضائية "بأن الإنسان فيما لو عاملته باحترام ومنحته الثقة بنفسه يمكن أن يكون مشروعاً للخير". ومن هنا كانت بدايته التي حملت قيم التحدي في بيئة تفتقد إلى الأمن والأمان ومع شريحة اجتماعية محطمة نفسياً.

شخصياً لا أظن بأن الساسة في بغداد قد شعروا بالخجل لأن مواطناً عراقياً بعد أن تمكن بجهده الشخصي من أن يصنع الأمل للآخرين قد تم تكريمه خارج بلده، بل على العكس من ذلك، لابد وأنهم قد شعروا بأن عبئاً كبيراً انزاح عن كاهلهم.

في مقابل ذلك سادت مشاعر عميقة من الفرح جميع الطيبين والشرفاء لأن هشام الذهبي تمكن أخيراً من الوصول إلى ما كان يحلم به في أن يبني بيتاً كبيراً للأطفال المشردين اليتامى، فالمبلغ الذي منحته إياه جائزة (صناع الأمل) الإماراتية يعادل ما قيمته (350) مليون دينارعراقي، وهذا ما سيجعله قادراً على تحقيق ما كان يصبو إليه منذ عدة أعوام.

مازلنا ننتظر ذاك اليوم الذي تتغير فيه قواعد العمل السياسي في العراق حيث يستبدل الساسة خطاباتهم الطنانة وشعاراتهم الوطنية الفارغة، بالعمل والتسابق على إقامة مشاريع تستوعب الأطفال والشباب لتعيد إليهم الأمل المفقود في حياتهم.

بهذا السياق يذكر بأن (جامعة إيراسموس روتردام، وكلية إيراسموس للعلوم الاقتصادية، والمعهد الدولي للدراسات الاجتماعية، بالتعاون مع مؤسسة حقوق الطفل الهولندية) كانوا قد أصدروا تقريراً مطلع هذا العام 2017 حول أوضاع الطفولة في العالم احتل فيه العراق المكانة "الأسوأ" عالمياً في رعاية حقوق الأطفال من بين 163 دولة منضوية تحت علم الأمم المتحدة، في حين احتلت تونس ومصر المرتبتين الأولى والثانية عربياً بينما احتلت النرويج والبرتغال وإسبانيا المراتب الأولى عالمياً!!.

أيضاً أشارت إحصائية صدرت عام 2017 كانت قد خرجت بها مجموعة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى وجود أكثر من 000 500 يتيم في العراق جراء الحروب، بمعنى أن هناك المئات من القنابل المجتمعية الموقوتة التي قد تنفجر في أية لحظة بوجه المجتمع في الأيام القادمة في ما إذا لم يتم الاهتمام بذلك.

إزاء هذا الوضع الكارثي، ألا يستدعي ذلك جهداً كبيراً من الساسة والأحزاب والحكومة العراقية يدفعهم إلى أن يقدموا الرعاية والاهتمام إلى هشام الذهبي وغيره من الشباب الذين يسعون لتقديم صورة مشرقة عن العطاء الإنساني؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد