جيم كولينز والذي عمل أستاذاً في جامعة ستانفورد الأميركية المعروفة أمضى خمس سنوات من عمره مع فريقه البحثي للإجابة عن سؤال واحد أشغل باله لفترة طويلة وهو كيف تحولت شركات من مستوى (الجيد) لتكون شركات (عملاقة) في غضون سنوات؟
وبمعنى آخر.. هناك شركات كانت في يوم من الأيام (جيدة) في مبيعاتها، وتحقق هامش ربح (جيد) ولديها حضور (جيد) بين منافسيها، ولكن نفس الشركات هذه، وصلها قائد جديد، وحولها في فترة محدودة لتصبح شركات (عظيمة) في أرباحها، عظيمة في أهدافها، عظيمة في تأثيرها. والسؤال الصعب: هل هناك خطوات عملية نستطيع أخذها من كل هذه النماذج الناجحة؟ هل هناك قاسم مشترك بين كل هذه المنظمات؟
وهل هناك خلطة سرية أحدثت الفرق؟
الجواب سيفتح باباً جديداً، وسيعمل على إحداث نقلة كبيرة في المنظمات الأخرى من خلال نقل هذا الفيروس (العظيم) لها.
مكث الرجل خمس سنوات في رحلة البحث عن هذا الجواب، والذي تحول لكتاب ملهم اسمه (جيد إلى عظيم) بدأ بـ (1435) شركة جيدة، راجع أداءها على مدى 40 عاماً، وأوجد الشركات الـ11 منها التي أصبحت شركات عظيمة.
وكانت النتيجة المذهلة أنه بإمكان أي منظمة أن تصبح عظيمة إذا ما أرادت ذلك فعلاً. ولكن كيف يمكن ذلك؟
سأتحدث في هذه التدوينة عن الخطوة الأولى التي توصل لها كولنز، والتي قام بها كل قائد عظيم عند الوصول إلى دفة القيادة في منظمته!
يقول كولنز: كنا كفريق بحث نتوقع أن تكون الخطوة الأولى من "أن يضع هذا القائد خطة استراتيجية.. خطة انتقالية.. عصفاً ذهنياً.. فريقاً استشارياً عالمياً.. استحواذاً على منافس.." كانت هذه كلها خطوات من المتوقع حدوثها بالنسبة لنا. لكن الذي حدث كان مختلفاً تماماً، والمذهل في الموضوع أنه تكرر في كل مرة مع كل هذه الشركات، برغم أنها في قطاعات مختلفة كالتغذية والأدوية والتقنية. الخطوة الملهمة -والمفاجئة في نفس الوقت- أن هؤلاء القادة لم يبدأوا بمربع (ما يجب أن نفعله الآن – To do lists)
وإنما بدأوا بالعكس تماماً، وهو (ماذا يجب أن نتوقف عن فعله – Not to do lists)، وهو ما أسميه شخصياً (قائمة الإهمال).
دعنا نفكر سوية، ما هي الأعمال أو المنتجات أو الخدمات التي يفترض أن نتوقف عن عملها أو إنتاجها لأنها لا تحقق لنا أهدافنا؟ سواء كانت أهدافاً مالية أو استراتيجية.
لا بد من تحديد تلك المنتجات التي تأخذ جهداً ووقتاً وليست ذات جدوى كبير لنا، حددها أولاً، ثم أهملها ثانياً، وأدخلها سلة المهملات.
ستجد أن الشركة الآن أكثر تركيزاً، وأكثر قدرة على بذل المزيد من الجهود والأوقات في المشاريع الأكثر أهمية، وحتى من الناحية المالية ستجد تحسناً بشكل ملحوظ.
ويبقى السؤال للقارئ الكريم:
ما هي الأمور التي يجب أن تتوقف عن عملها فوراً وتضعها في قائمة الإهمال؟
ما هي مجموعات التواصل الاجتماعي التي تستنزف وقتك دون فائدة تذكر؟
ماهي الاجتماعات واللقاءات والزيارات المضيعة للوقت؟ ماهي الأعمال التي لا تصب في أهدافك مباشرة ولا تخدم غاياتك؟
كل شهر.. اعقد لك جلسة إهمال (Not To Do lists)، وستجد حتماً أن هناك ندوات تحضرها، أو أشخاصاً تتابعهم، أو دورات ترتبط بها، وهذه يجب أن تدخل قائمة الإهمال فوراً!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.