شكل إعلان وزارة الخارجية والتعاون الموريتانية قطع علاقات البلد الدبلوماسية مع دولة قطر، والتأكيد أن القرار جاء في ظلِّ إصرار دولة قطر على التمادي في السياسات التي تنتهجها على المستوى العربي والأوروبي والدولي، صدمة كبيرة لدى الموريتانيين.
وظهر صدى هذه الصدمة سريعاً على الأرض، وعبر الشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى إعلان أحزاب سياسية عديدة، بالإضافة لمجلس الجالية في الدوحة، وقوفهم مع قطر ورفضهم أن يكونوا مشاركين فيما وصفوه بـ"أزمة الأشقاء".
مزاد علني
برَّرت وزارة الخارجية الموريتانية في بيانها قرار قطع العلاقات مع قطر، بأن الأخيرة دأبت على العمل على تقويض هذه المبادئ، التي تأسس عليها العمل العربي المشترك، وارتبطت سياستها في المنطقة بدعم التنظيمات الإرهابية، وترويج الأفكار المتطرفة.
بينما وصف العديد من الكتاب والمدونين قرار قطع العلاقات مع قطر بأنه مدفوع الثمن من السعودية والإمارات، وأن تاريخ العلاقات الموريتانية القطرية حافل بتقديم قطر للمساعدات والدعم للشعب.
وقال الكاتب الشهير أج ولد أدي، إن من يريد أن يخرج قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر عن دائرة المزاد العلني، و"يصنع" له مبرراً ذا علاقة بالسيادة الوطنية، وبمقتضيات العلاقات الدولية الطبيعية، فقد ارتكب بهتاناً وتعسفاً مبيناً.
وأضاف ولد أدي عبر هاشتاغ (#الشعب_الموريتاني_يرفض_قطع_العلاقات_مع_قطر) الذي أطلقه المدونون "من يريد أن يلزم الشعب الموريتاني بنسخة الحكومة من قرار جائر فقد افتات.
وقال ولد الدي في تدوينة أخرى "قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول بناء على تعليمات، أو على تعويضات، فضيحة دبلوماسية، ليست من الفضائح التي يمكن أن تتعايش مع السيادة الوطنية.
بدوره وصف المدون الشهير محمد الأمين ولد الناجي، القرار بالقول: "موريتانيا تبيع موقفها وتشتري رضا السعودية، وتقطع العلاقة مع قطر".
المفكر والكاتب سيد أعمر ولد شيخنا علَّق على القرار قائلاً: النظام البائس يقطع العلاقة مع قطر. فضحتمونا فضحكم الله على رؤوس الأشهاد.
وأضاف في تدوينة على فيسبوك "في المغرب العربي لن يقطع العلاقة مع قطر إلا مرتزقة طبرق أو سماسرة نواكشوط".
أما الناشط السياسي سيداتي ولد ميني، فقد وصف إقدام السلطات الموريتانية على قطع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة بأنه تصرف خاطئ وتدخل غير مبرر في خلاف بين أشقاء، وانحراف خطير في خط الدبلوماسية الموريتانية المعروف بالحياد في خلاف الأشقاء.
وختم بالقول: "قطع العلاقة مع قطر لا يمثلنا"
الصحفي الشهير أحمدو ولد الوديعة علق قائلاً: "التسول ثابت من ثوابت الدبلوماسية الموريتانية في ظل أنظمة الاستبداد".
وأضاف: "قطع العلاقات مع قطر نهاية أسطورة استقلالية القرار الدبلوماسي وارتباطه بالمصالح العليا، التي سوق أبواق النظام لأنفسهم حتى صدقوها، وصدقها معهم بعض "الطيبين" جداً.
تظاهرات منددة بالقرار
وتظاهر المئات من الموريتانيين في محيط السفارة القطرية بنواكشوط، بعد اتخاذ القرار، منددين بما سمّوه ارتهان الحكومة لمواقف خارجية، ودعمها لمواقف سعودية وإماراتية لا تراعي مصالح البلد ولا تصون الكرامة وتحفظ الود لدولة قطر، التي دعمت موريتانيا ووقفت إلى جانبها كثيراً.
وطالب المتظاهرون الحكومة والرئيس الموريتاني باتخاذ قرار عاجل، بالتراجع عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، كما أشادوا بدور قطر وسياساتها في المنطقة، ودعمها المستمر لما وصفوه بالقضايا العادلة.
#قطع_العلاقات_مع_قطر#حكام_قطر_يمثلون_شعبهم. هذه مظاهرة في موريتانيا يحتجون لقطع علاقات بلادهم لقطريقولون #كلنا_قطر pic.twitter.com/q7GR6LWVJh
— السنافية (@Sboog2012) June 7, 2017
وخرجت في العاصمة الموريتانية مساء الثلاثاء مسيرة بالسيارات للتنديد بقرار نواكشوط قطع العلاقات مع دولة قطر.
وردد المشاركون -الذين رفعوا أعلاما قطرية- شعارات تشيد بدور قطر وبسياساتها في المنطقة العربية والإسلامية.
إدانة حزبية واسعة
وعبَّرت العديد من الأحزاب السياسية الموريتانية عن إدانتها واستنكارها لقرار الحكومة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واصفين القرار بالمنافي لمتطلبات الحكمة، والاتزان، والسعي في رأب الصدع بين الأشقاء، وسياسة عدم التمحور، كما اعتبروه زجاً بالبلاد في صراع سياسي ودبلوماسي ليست طرفاً فيه.
وقال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض بموريتانيا (تحالف من عشرة أحزاب سياسية)، إنه يرفض بحزم إقحام البلد في الصراعات بين الأشقاء، وجعله طرفاً في نزاعات يجب ألا يتدخل فيها إلا بوصفه وسيطاً أميناً بين الإخوة، وداعياً إلى الصلح والمودة والتضامن.
وعبَّر المنتدى في بيان صحفي عن إدانته الشديدة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع بلد شقيق، لم يعرف فيه الشعب الموريتاني يوماً سوى الأخوة والتضامن، مؤكداً رفضه لارتهان سيادة موريتانيا واستقلال قرارها في غير مصالحها ومصالح شعبها.
وأكد حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم"، أن الأزمة بين الأشقاء في الخليج لا ينبغي أن تكون فرصة للمتصيدين في المياه العكرة لتحقيق أهدافهم، وعلينا جميعاً كحكومات وشعوب أن نسهم في خلق جو من المصالحة والحوار، لا أن نشجع على الفرقة والخلاف.
وقال الحزب إن القرار الذي أقدم عليه النظام الموريتاني من قطع للعلاقات مع الأشقاء في قطر لا يخدم الأشقاء في الخليج، ولا يخدم المصالح العليا للبلد، مطالباً الأشقاء في الخليج بالاحتكام إلى منطق العقل والحوار والابتعاد عن كل ما من شأنه زيادة الشقاق والخلاف.
أما حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، المحسوب على تيار الإخوان المسلمين بموريتانيا، فقد أعلن تنديده بقرار الحكومة بقطع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة، معتبراً أنه في غير محله، في حق بلد طالما دعم موريتانيا وساند شعبها.
ودعا الحزب في بيان صحفي له "الإخوة في الخليج إلى حل مشاكلهم بالحوار وتحكيم العقل، فيما يخدم مصالح وأمن شعوب المنطقة، مشيراً إلى تثمينه للمواقف القطرية المساندة للشعب الموريتاني، والداعمة للمقاومة الفلسطينية، والمناصرة لقضايا الأمة.
وأكد الحزب أن لجوء الحكومة الموريتانية إلى هذا القرار المشين يدل على ارتهان مدان للقرار الموريتاني للأجندة الخارجية، دون مراعاة لمصالح البلد وأخوة الدين وتوازن علاقاتنا الخارجية.
بدوره أعلن مجلس الجالية الموريتانية في الدوحة مناصرته ووقوفه مع حكومة وشعب قطر، الذي تعرض لحملة إعلامية ظالمة، تلاها قطع العلاقات الدبلوماسية من الأشقاء في مجلس التعاون، مشيراً إلى أنه كغيره من أحرار العالم دوماً يقف مع تطلعات الشعوب، ومع من يدعم هذه التطلعات كدولة قطر الشقيقة.
وقال المجلس، دولة قطر لها مواقف مشهودة عديدة في دعم الشعب الموريتاني حكومة وشعباً، مؤكداً تبرأه من التنكر لهذه المواقف النبيلة والإنسانية من دولة قطر الشقيقة".