الزمن الجميل

ما زلت أقدم شكري لكل الوسائل الإلكترونية التي سهلت علينا التواصل مع كل مَن نحب، نراهم ونتحدث إليهم، ومنها الواتساب لأنه رغم أنه يساعدنا في التواصل أصبح يذكر أحبتنا حينما يرون صورنا وأسماءنا معلقة في شريط الرسائل، هذا هو الشكر لكل الوسائل، وكلها ساعدتنا بخير وشر، لكن ما زال هناك صور لم نستطع اللقاء بها، وهي تمضي معنا لنذكرهم، رغم طول الزمان على بعدهم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/01 الساعة 03:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/01 الساعة 03:49 بتوقيت غرينتش

الماضي وهل للماضي رحيل فهو ساكن معنا مهما طال الزمان، فذكريات الطفولة ما زالت معلقة في مخيلتنا، وبساطة الحياة ما زالت تسمى الزمن الجميل رغم أنها كانت بسيطة، فكل الأشياء كانت بسيطة، لا نملك الكثير، هو القليل الذي تمسكنا فيه بفرحة لا تنتهي، تلك البساطة وتلك الأيام وذلك الماضي ما زالت ترافقنا أينما رحلنا وأينما حططنا الرحال، كانت رؤية الوجوه بعد طول انتظار وارتقاب فرحة لا تنتهي، الذكريات والحنين كان جميلاً فهو يأتي بعد حين من لوعة الروح لتفرح كفرحة طفل بلعبته الجديدة.

الزمن الجميل أو الزمن العتيق أو سُمي بما يسمى بالنسبة لنا وسُمي ممن سبقونا وانتقدوا الكثير بحاضرهم، وها نحن اليوم نكمل المسير بحاضر ينتقد وماضٍ يمتدح، وسيأتي ممن بعدنا ولا أعلم ما سيكون هل نفس المسير أم بغيره، هو زمن البساطة الذي لحقت أواخره أو رأيت ملامحه فقط، فمنها الحروب رأيت، وهي الأيام مسرعة كعادتها، ونحن ما زلنا نركض معها وها أنا الحين رغم كل الذي رأيناه ورغم كل الذي فقدناه، أحبة، وصحبة فرقتنا الأيام، منهم مَن رحل إلى الأبد، ومنهم من أبعدتنا المسافات؛ لكني ما زلت أمسك قلماً وأكتب.

مسرعة الأيام كقطار يمضي على سكة الأيام، يرحل اليوم ويأتي يوم، محطات يصلها، منهم من يبقى ومنهم من يفترق عنا، هو قطار رحلتنا لم يتوقف للحين، ما زلنا نقترب من بعض، ونبتعد عن بعض، نكتشف حقائق جديدة ونرى العجيبة، أقنعة تزول ويظهر قبح فعلها، بعضها يكون لنا العود عكس ما كنا نظن، عداد العمر يحسب الدقائق، وعداد الصدمات معه يمضي، وما زالت الذكريات وما زال الحنين، ما زال كل شيء فينا قبيحه وجميله، والماضي لا يزال يمضي معنا مكملاً المسير.

اليوم هنا في هذا القرن الجديد قرن التكنولوجيا، قرن سريع كسرعة البرق، سهولة الحياة وكثرة ما نملكه إلا أنه صعب جداً، رغم البعيد أصبح قريباً، ورؤية الوجوه أصبحت رغم بعدها نراها أمام أعيننا كلها أصبحت بسيطة، أصبحنا نتواصل يومياً مع أحبتنا، صحبتنا، أصدقائنا بشتى الوسائل الحديثة، رغم بعد المسافات بيننا، لكنها لذة القرب، ولذة اللقاء، ما زلنا نفتقدها، فرغم كل هذه الأشياء ما زلنا نفتقد اللقاء، لا شيء يملأ فراغ اللقاء!

ما زلت أقدم شكري لكل الوسائل الإلكترونية التي سهلت علينا التواصل مع كل مَن نحب، نراهم ونتحدث إليهم، ومنها الواتساب لأنه رغم أنه يساعدنا في التواصل أصبح يذكر أحبتنا حينما يرون صورنا وأسماءنا معلقة في شريط الرسائل، هذا هو الشكر لكل الوسائل، وكلها ساعدتنا بخير وشر، لكن ما زال هناك صور لم نستطع اللقاء بها، وهي تمضي معنا لنذكرهم، رغم طول الزمان على بعدهم.

الزمن الجميل والزمن العتيق رغم بساطته كان جميلاً، اليوم نحن نملك الكثير ونملك الكثير مما يساعدنا؛ لنجعل زماننا جميلاً يذكره التاريخ، ويذكره أحفادنا، نطلق روح التسامح، ونبعث السلام، ما زالت الدماء تسيل، وما زال الحقد يكبر، وما زال القطع يدق أركان بعادنا، لا شيء يعيد الجمال غير التسامح، ولا شيء يبعث السلام غير سمو القلوب بالعطف، رسائلنا لم تعد صعبة، فهي سريعة بسرعة البرق، تصل لكل من نحب إن أردنا، لنذكر التاريخ ونعمل به، وبالأحسن أيضاً، نحن مَن يجمل طريقنا، فنحن المخيرون ولسنا مسيّرين، كل شيء بأيدينا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد